شكل القولون في البطن كشكل علامة الاستفهام. وهذا يفترض أن يحثنا على السؤال أكثر عن معنى أن يصيب مرض السرطان  القولون بالذات. والسؤال الأبرز هنا: هل كلنا معرضون؟
نعم، كلنا معرضون، لكن هذا لا يعني أن نستسلم مرددين: ما دام الأمر خارجاً عن إرادتنا بنسبة تزيد عن 90 % فلماذا نهتم؟ الجواب بسيط: لأن الكشف المبكر يشفي. لذا من المهم عدم تجاهل  التحذيرات والإشارات وحملات التوعية، للنجاة من «سرطان القولون».

حالات مبكرة
نعرف أن المرأة لا تُحب أن تفشي عمرها، لكن فلتتذكر بينها وبين نفسها أنها قد أصبحت في دائرة الخطر، إذا كانت قد تخطت سن الـ50 عاماً. ومثلها الرجل، وبالتالي يُصبح لزاماً على كل من تخطى هذا السن إجراء فحص المنظار مرة على الأقل كل عشر سنوات، للتأكد من سلامة القولون. وثمة كلام بدأ يسري أخيراً عن وجوب تخفيض سن البدء بالفحوص إلى الأربعين، بعد أن بدأ العالم يشهد حالات مبكرة من «سرطان القولون».
تاريخُ العائلة الطبي يُحدد سلوكية الفرد، وقد يدفع وجود بعض المتلازمات الجينية في عائلة ما، إلى إجراء أول فحص قولون في سن الـ12 عاماً، وقد يضطر الطبيب إلى استئصال القولون في سن الـ20 عاماً، إذا ثبت أن المراهق يتأثر بالمتلازمة كي يمنع عنه «سرطان القولون». لهذا تاريخ العائلة الصحي غاية في الأهمية.
إذا كانت هناك أسباب معروفة واضحة للإصابة، فإن إصابات أخرى كثيرة تستمر مجهولة الأسباب، ما يُبقي الأطباء في حيرة. فهذا المرض يقتل 65 ألف أميركي سنوياً، وثبت أنه إذا تم اكتشاف السرطان مبكراً، في مرحلته الأولى، يكون معدل بقاء الأشخاص على قيد الحياة خمس سنوات بنسبة تزيد عن 90 %، لكن إذا جرى اكتشافه في مراحله النهائية لا تزيد فرصة بقاء هؤلاء على قيد الحياة، مدة خمس سنوات، عن 5 %. ووحده منظار القولون قادر على أن يعطي النتيجة الحاسمة في الموضوع. وهنا لا بد أن يعرف كل شخص يستجيب إلى هذا الفحص، ويفقه أهميته إلى أنه ما عاد مضطراً، كما قبل، إلى شرب ليتري مياه فيها دواء ذو مذاق مزعج، وباتت عملية التنظير تتم بعد إعطاء المريض مخدراً، وبالتالي لن يشعر بألم ولا بحرج.

تغيرات جينية
هناك أورام حميدة قد تظهر عبر المنظار، على سطح القولون، ويُنصح بنزعها، لأن بين 30-40 % من «سرطانات القولون» تطورت من ثآليل حميدة.
لا بد أن الكثيرين يسألون: هل فحص المنظار هو الوسيلة الوحيدة لاكتشاف «سرطان القولون»؟
يُطور الباحثون اختبارات عدة للعثور على التغيرات الجينية المرتبطة بـ«سرطان القولون والمستقيم»، وفي هذا الإطار لا بد من التذكير أن بعض أنواع الجينات تلعب أدواراً مهمة في نمو الأورام وانتشارها. وهناك اختبارات قادرة على أن تتنبأ بخطر نمو الأورام وانتشارها بفعل هذه الجينات. وفي هذا الإطار قد تسمعون بفحص جديد يطلق عليه بالإنجليزية FIT وبالعربية «فحص البراز المناعي الكيميائي»، وهو من بين أكثر الفحوص دقة، قد يسبق التنظير، ويُحبذ إجراؤه مرة كل سنة، وفي حال ظهر في البراز دم، غير ناتج عن طبيعة المأكولات التي نكون قد تناولناها، يُطلب من المريض القيام بفحص التنظير. الدم في البراز هو علامة محتملة على حدوث السرطان. وقد يطلب بعض الأطباء من مرضاهم الخضوع لفحص الحمض النووي البرازي كل ثلاث سنوات، ويتم الجمع بين نتائج الفحصين السابقين من أجل التمكن من اكتشاف السرطان والأورام الحميدة السابقة للتسرطن.

إشارات متأخرة
لا تستخفوا أبداً بكل هذه المعلومات، وتذكروا أن درهم وقاية خير من قنطار علاج، خصوصاً إذا كان تطور المرض، في بداياته، يخلو من أي إشارات منذرة. فـ«سرطان القولون» نادراً ما يُرسل إشارات في مراحله المبكرة، أما الأعراض التي قد تظهر لاحقاً، في المرحلة المتقدمة، فهي فقدان غير مبرر في الوزن، وآلام متكررة في البطن، وغازات ومغص حاد، وانتفاخ وشعور بعدم إفراغ المعدة بعد التغوط. وقد يشعر المريض أيضاً بتبدل في العادة الطبيعية للأمعاء، مثل الإسهال المتكرر أو الإمساك المتكرر مدة تزيد عن ستة أسابيع متواصلة من دون أن يقترن هذا بوجود سبب واضح.
احفظوا كل هذه الإشارات، لا تهملوها إذا حصلت، ولا تترددوا في استشارة الطبيب للتأكد مما إذا كانت إشارات خبيثة، وتذكروا أن اكتشاف المرض مبكراً هو نصف العلاج.

بعد سن الـ50
يُنصح كل إنسان بلغ الـ50 عاماً، بالخضوع لتنظير سيني كل خمس سنوات، يدخل خلاله الطبيب أنبوباً مضاء قصيراً ومرناً، يبحث عبره عن سلائل أو أورام سرطانية. وهناك فحص آخر ينصح به مرة كل عشر سنوات هو «تنظير القولون»، وهو يشبه التنظير السيني مع فارق أن الأنبوب يكون أطول وأكثر رقة ومرونة.