يتباهى «متحف هيرميتاج» في وسط مدينة سانت بطرسبرغ الروسية، بكونه أحد أكبر المتاحف الفنية والثقافية والبشرية في العالم، ضامناً تاريخاً باذخ العراقة والإشراق. وبثروته الفنية الضخمة النادرة، ومبانيه ذات الهندسة المعمارية الخلابة، التي تحفظ سيرة أكثر من 250 عاماً من الروعة والجمال.

تأسّس المتحف في عام 1764، من قبل الإمبراطورة كاثرين الثانية، إذ تم إحضار 225 لوحة مملوكة لأحد كبار تجار برلين إلى سان بطرسبرغ. لتسديد ديونه المستحقة للخزانة الروسية، فقام بدلاً من المال بعرض مجموعته من اللوحات الزيتية، التي أبدع معظمها رسامون هولنديون وفلمنكيون، ففتنت هذه اللوحات الإمبراطورة، لدرجة أنها بدأت بجمع لوحات إضافية، وتم إرسال أشخاص متخصصين بالفن لشراء الأعمال الفنية في أوروبا، فحصلوا من بعض الأرستقراطيين على مجموعات كاملة من اللوحات.

مقتنيات
خلال حياة الإمبراطورة كاثرين، اقتنت أربعة آلاف لوحة، 38 ألف كتاب، 10 آلاف قطعة من الجواهر المحفورة، 10 آلاف لوحة، 16 ألف قطعة نقدية وميدالية ومجموعة كبيرة من مجسّمات التاريخ الطبيعي. وقد تم وضع هذه المقتنيات في الأجنحة النائية في القصر، والمعروفة باسم «هيرميتاج»، التي تُرجمت من الفرنسية بمعنى (مكان العزلة). تم افتتاح المتحف للزوار عام 1852، وحتى ذلك الحين تم تجميع أغنى مجموعات الأعمال الفنية فيه.

مَبانٍ عريقة
يحتل مجمّع «متحف هيرميتاج» ستة مبانٍ تاريخية، خمس منها مفتوحة للجمهور بما في ذلك قصر الشتاء، وهو سكن سابق للأباطرة الروس، أما بقية المباني المفتوحة فهي هيرميتاج الصغير، هيرميتاج القديم، مسرح المحكمة وهيرميتاج الجديد. وتقع الفروع الدولية لـ«متحف هيرميتاج»، في أمستردام، لندن، لاس فيغاس وفيرارا (إيطاليا). ويزور «هيرميتاج» سنوياً نحو 5.3 مليون زائر سنوياً.
يحوي المتحف اليوم ثلاثة ملايين تحفة فنية من جميع أنحاء الأرض، ويتم عرض نحو 5% منها فقط في 350 قاعة، ودخل المتحف بهذه القاعات سجل «غينيس» لاحتوائه أكبر مجموعة من اللوحات في العالم، تُعرض فيها نحو 15 ألف لوحة فنية و12 ألف تمثال، و600 ألف قطعة أثرية، وأكثر من مليون قطعة من المسكوكات والأسلحة والميداليات القديمة، وعشرات الآلاف من أندر الأيقونات المسيحية القديمة، وإذا كنت تقف لمدة دقيقة واحدة أمام كل قطعة معروضة في «هيرميتاج»، فسوف يتعين عليك قضاء أكثر من 10 سنوات في المتحف لرؤية كل شيء.

أعمال نادرة
 يضم «هيرميتاج» أعمالاً فنية يعود تاريخها للعصر الحجري وأوائل القرن الـ20، بما في ذلك الآثار المصرية، التحف اليونانية، النهضة الإيطالية، العصر الذهبي الهولندي، الفن الكلاسيكي الحديث والانطباعيّة وما بعد الانطباعية، يضم المتحف كذلك مجموعة غنية من اللوحات التي رسمها كلّ من روبنز، رامبرانت، فان دايك، بوسين، تيتيان، فيرونيزو وكلود لورين. إضافة إلى مجموعات خاصة لأعمال فان غوخ، ماتيس، بيكاسو، مايكل أنجلو وليوناردو دا فينشي. لكن معروضات المتحف لا تقتصر على تلك الأعمال العظيمة فحسب، بل تحتوي أيضاً على أشياء من الفن التطبيقي، النحت، الاكتشافات الأثرية والمواد النقية.