تتربّع الفنانة دلال عبد العزيز على عرش أدوار الأم في الدراما التلفزيونية، خلفاً لأشهر أمهات الفن السابقات، حيث تنوّع أداؤها بين الأم الطيبة والحنون، والأم التي تحمل داخلها الشر، إضافة إلى «ست الحبايب»، صاحبة الروح المرحة والظل الخفيف. وفي مناسبة «عيد الأم»، بدأت دلال حديثها قائلة: «كل سنة وكل أم في عالمنا العربي بألف خير وسعادة، وكل (أم شهيد) ربّنا يصبّرها على فقدان ابنها».. ونسألها:

• كانت أول تجربة لك في تقديم دور الأم من خلال مسلسل «ليالي الحلمية»، حدثينا عن «كواليس» هذه التجربة؟
لقد وضعني الراحلان، المخرج إسماعيل عبد الحافظ والكاتب أسامة أنور عكاشة، في مأزق حقيقي عند ترشيحي لهذا الدور، وشعرت بالخوف، حيث كنت أقدم لأول مرّة دور الأم في حياتي، خاصة أن الابن كان الفنان شريف منير، وقد نجحت في تقديمه بتوجيهات الكاتب والمخرج، ومساعدة طاقم العمل.

• هل شخصيتك «نجاة عبد الفتاح سلطان» في «ليالي الحلمية»، بجزأيه الأول والثاني، كانت سبباً في حصرك بين الحين والآخر في أدوار الأم؟
إطلاقاً، والمسلسل تم عرضة أواخر الثمانينات وكنت وقتها صغيرة في السن، ولكن للمخرج رؤيته كما أن طبيعة الأحداث فرضت نفسها في السياق الدرامي، وفي وقتنا الحالي طبيعة المرحلة هي التي تفرض نفسها باعتباري أمّاً حقيقية في الواقع، ومن الطبيعي أن يتم ترشيحي لأدوار الأم في الأعمال الدرامية.

تجربة مختلفة
• إذا تحدثنا عن تجربة الأم في مسلسل «سابع جار»، ماذا تقولين عنها؟
تجربة «سابع جار» أعادتني لنشأتي وتربيتي في محافظة الشرقية، وأعادت لي ذكريات الزمن الجميل وسط الأسرة والعائلة، وكانت أهم الأسباب التي جعلتني أوافق على المسلسل، وحرصت على التعامُل معه بالروح نفسها التي عشتها زمان. ودور الأم في هذا المسلسل كان مختلفاً فعلاً، لأنني استحضرت فيه شخصية والدتي نفسها، من خلال حركاتها وطريقة كلامها، وكيفيّة معاملتها لنا ونحن صغار.

• هل تتذكرين أيّاً من الجمل التي كانت تتحدث بها والدتك معك؟
أكيد، ومنها التي استعنت بها في المسلسل، مثل جملة: «ولا يوم من أيامك يا ماما»، وكانت دائماً تقولها لنا عندما كنا نعترض على شيء ما، سواء أكان في الأكل أم المذاكرة أم عدم تلبية طلباتها. وأمي كانت الناقد الحقيقي الصادق الواقعي معي،  وتترك ملاحظاتها على ملابسي وأدائي، لكنها أبداً لم تُدخل نفسها في اختياراتي.

أهمية الترابُط
• وماذا تعلمت من والدتك؟
أمي كانت حالة خاصة، لأنها كانت تعيش معي وأنا متزوجة، وهي من قامت بتربية ابنتيّ دنيا وإيمي، وبعد أن أصبحت أمّاً عرفت قيمتها بشكل أكبر، وكنت دائماً أسألها: «هو إنتِ بتحبيني قد دنيا وإيمي؟». ونصيحة إلى كل الناس الذين أمهاتهم على قيد الحياة، أن يذهبوا إليهن ويقبّلوا أيديهن ورؤوسهن، ويستغللوا كل وقت للجلوس معهن. وعلى الرغم من أني فقدت أمي منذ 10 سنوات، لكنها أمامي في كل وقت، وتعلمت منها أهم ما تعلّمهُ جيلنا، وهو المعنى الحقيقي للترابط الأسري وقيمته، وهو ما نفتقده حالياً بسبب التطور السريع في كل شيء. وتعلمت أيضاً منها حب العائلة وكيفية قضاء يوم الإجازة مع الأسرة، وتعلمت منها كيفية تربية الأبناء، إذ ربّيت ابنتيّ دنيا وإيمي على طريقتها.

• وما هذه الطريقة؟
ألا أكون قاسية، وتركت لهما حرية الاختيار في تصرفاتهما الحياتية كافة، والتفريق بين ما هو خطأ يجب الابتعاد عنه، وما هو صحيح ونتعامل معه.

أنا و«كيلا»
• وهل تتبعين هذه الطريقة مع حفيدتك «كيلا»، ابنة دنيا؟
«كيلا» معزّتها عندي مثل أمها وخالتها بل أكثر، وأتذكر أمي بشكل كبير جداً وأنا أجلس مع «كيلا» حفيدتي، ومعها أحسست بمدى تعب أمي في تربية ابنتيّ، فأنا لم أشعر بتعب نهائياً في تربيتهما لأنها كانت تحمل عني المسؤولية.

• لعبت دور الأم بأكثر من شكل، فكيف قابلت ردود الأفعال؟
في الحقيقة دور الأم من الأدوار الإنسانية والقريبة لجميع أفراد الأسرة المصرية والعربية، وعندما تطل الفنانة على جمهورها بشخصية الأم، عادة ما تجذب إليها جميع الأمهات، ويركزن جيداً مع الأحداث وطريقة تعامُل الأم مع أبنائها، فعادة ما نكون نحن من نساعدهم على توجيه أبنائهم بالشكل السليم أو الخاطئ، لأن الفن مرآة المجتمع، وفي كثير من أدوار الأم وجدت سيدات وفتيات يقُلن لي إنني كنت قريبة منهن لأني كنت شبه والدتهن، وهو ما حدث في الواقع، فقد كتبت فتاة على وسائل «التواصل الاجتماعي» تطلب مقابلتي، لأنني في المسلسل أشبه والدتها إلى حد كبير، وكانت والدتها قد توفيت، وكل ما تتمناه مقابلتي لتحتضنني ولو لمرة تعويضاً عن حُضن والدتها، ووجدت الإعلامي رامي رضوان زوج ابنتي دنيا ينقل إليّ ما كتبته، فطلبت منه أن يأتي برقمها، وبالفعل اتصلت بها وأتت لي في موقع التصوير.

• أخيراً، من وجهة نظرك من أشهر فنانة قدمت دور الأم على الشاشة؟
الفنانة الراحلة كريمة مختار، التي أعتبرها من أفضل الفنانات اللاتي قدّمن دور الأم، وأدين بالفضل لها أنها ساعدتني في بداية مشواري الفني عندما تم ترشيحي للمشاركة في مسلسل «بنت الأيام»، وأسرتي وقتها رفضت عملي في الفن، حينها وقفت إلى جانبي وشجعتني على الدراسة حتى أنهيت تعليمي وشاركت في المسلسل.