في توهّج إبداعي خلّاق، أسفر نسيجاً روائياً فنياً جديداً يصور واقعاً مُتبايناً وتحولات مهمة، مقترحاً رُؤى عميقة ومؤثرة، وصلت سبع روائيات إلى القائمة الطويلة في «جائزة البوكر العربية» لعام 2019، ثم تأهل أربع منهن إلى القائمة القصيرة، في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجائزة الذي يشهد هذا العام زخماً أنثوياً نوعياً. فهل استطاعت المرأة فرض وجودها في الأدب العربي من خلال التعبير عن ذاتها ومجتمعها؟ وإلى أي مدى مكنت لغتها في محيطها لتصبح أداة تجديد؟ وهل نحن إزاء تيار يخطو نحو تأنيث الأدب العربي من منطلق إنساني يحرر كلا الجنسين من الإقصاء وهيمنة التقليدي؟


اجتهاد المرأة الكاتبة
تُعلق الروائية السورية شهلا العجيلي، التي وصلت روايتها «صيف مع العدو» إلى القائمة القصيرة، على زخم المشاركة الناعمة المتميزة في «البوكر» هذا العام: «هذا يعني مدى اجتهاد المرأة الكاتبة وجدّيتها، وامتلاكها لمشروعها الثقافي،أو ما سميته في أحد كتبي النقدية بالخصوصية الثقافية النسوية، وهي تحويل ثقافة النساء، ومفردات حياتهن، ورؤيتهن للعالم، النابعة من خصوصية تجاربهن إلى بناء روائي، وطريقة في الكتابة». وتلفت العجيلي إلى أن ذلك يعني أيضاً، أن النقد العربي بل العالمي طوّر أدواته وأخرجها من إطار النمطية، التي فرضها النص الذكوري عبر تاريخه.


سقف الحرية
الروائية اللبنانية هدى بركات، التي وصلت بروايتها «بريد الليل» إلى القائمة القصيرة،  تقول: «إن الجائزة تُحاكي نتاج السنة الواحدة، والخيارات تعتمد على قراءات لجنة التحكيم التي تتغير سنوياً هي أيضاً». أما عن ارتباط زيادة عدد الكاتبات المبدعات في مسألة «تأنيث الأدب العربي»، فتتساءل: «هل هذا مطلوب أصلاً؟ المطلوب هو فتح سقف الحرية لمشاركة المرأة، وتخليص الكتاب من عُنف الرقابات، فأنا أعتقد أن رفعة النص وجودة السرد لا تخضعان لجنس الكاتب ولا لجنسيته أو لونه».


حريم ثقافي
تقول الروائية العراقية إنعام كجة جي: «بصراحة، لم أنظر إلى التقسيم الجنسي في الوصول إلى الجائزة، حتى عندما سبق اختياري مرتين في القائمة القصيرة للجائزة، ووصلت إليها أيضاً هذا العام روايتي (النبيذة)، فإنني كنت أعتبر نفسي أحد المتنافسين الستة، إذ إن كتابتنا وحدها هي ما يحكم بيننا، وتتحفّظ كجة جي على مصطلح «تأنيث الأدب» بالقول: «لا أفهم ما المقصود بتأنيث الأدب أو أي شكل من أشكال التعبير، سواء أكان عربياً أم أجنبياً.. فهل هناك في الشعر قصيدة مؤنثة وأخرى مُذكرة؟ وهل هناك في الرسم لوحة مؤنثة ولوحة مذكرة؟ فأنا لست ممّن يؤيدون إقامة (حريم ثقافي)».

فعل إنساني
عن انطباعها لدخولها القائمة القصيرة عن روايتها «شمس بيضاء باردة»، تصف الروائية الأردنية كفى الزعبي شعورها بالقول: «هذا يُسهم بشكل كبير وملحوظ في وصول الرواية إلى عدد كبير من القراء». أما بخصوص وصول الروائيات إلى القائمتين الطويلة والقصيرة بشكل استثنائي في الجائزة، فتوضح: «هذا يعني أن المرأة العربية المشتغلة في مجال كتابة الراوية، طورت من أدواتها في الكتابة، ومن معارفها وثقافتها. مع ذلك لا ترى الزعبي في زيادة عدد الكاتبات حاصدات الجوائز الأدبية، خطوة نحو تأنيث الأدب العربي، مُبيّنة وجهة نظرها: «الأدب ليس خاضعاً للجنس، فهو فعل إنساني، ومشغول بقضايا الإنسان، سواء أكان رجلاً أم امرأة. ومهما زاد عدد الكاتبات  فهذا في رأيي لا ولن يؤنّث الأدب، ليس فقط لأن الرجال سيستمرون في الكتابة، بل لأن الثقافة العربية يجب أن تكون مَعْنيّة بالمنتج الأدبي والإبداعي ذاته، بغض النظر عن كاتبه أو صاحبه».