الأم هي الحضن الأول والصديقة الأولى والمعلم الأول، وهي المحور الرئيسي والحقيقي لبناء الفرد وتكوين شخصيته التي من خلالها يتعامل مع ذاته ومع الآخرين، شخصيته إن كانت سوية أو مضطربة. عندما نكون صغاراً أو في مرحلة المراهقة نتحدث للأصدقاء عن أمهاتنا تحديداً وعن علاقتنا بها وحبنا لها، وكنا نقارن ما بين أمهاتنا، وعندما كبرنا تعززت تلك الصورة وبدأ كلٌّ منا يتحدث عن تلك الأم.

هنا دعونا نتساءل: أي من تلك الأمهات هي أمك؟ وكيف تتعامل معها وكيف أثرت فيك؟ وأنت عزيزتي الأم، أي من تلك الأنماط أنت؟ وما شعورك في إن اختار أبناؤك نموذجاً مختلفاً؟

الأنماط باختصار، كما وصفها د.بولتر حسب السمات وكيف تؤثر في قوة الشخصية واتزان المشاعر:
الأم المتحكمة والتي تحمي أطفالها بمبالغة نتيجة الخوف والقلق، ينتج عن ذلك طفل يعاني انخفاضاً في تقدير الذات، وقد أثبت ذلك بدراسة قمت بها مع مجموعة من الزملاء، وبينت النتائج أن أبناءهم يهتمون كثيراً برأي الآخرين، حيث يؤمنون بأن آراء الآخرين أهم من آرائهم، كما يشعرون بأنهم فارغون عاطفياً، ولكن مواطن القوة لديهم هي الالتزام بالعلاقات، ولديهم حس المسؤولية عالٍ، كما أنهم يقدرون العمل الجاد والمثابرة.

الأم الغاضبة والمزاجية والعاطفية المملوءة بالمشاعر، حيث تعيش الفوضى العاطفية المتضاربة وتركز بفكرها على الأزمات والقضايا المرتبطة بتلك المشاعر، وهي لا شعورياً تمررها لأطفالها الذين يكبرون وتطغى عليهم العواطف كالقلق والاكتئاب. وبشكل إيجابي تكون لديهم مهارات كالتعاطف مع الآخرين ودعمهم عاطفياً كالأصدقاء والزملاء.

الأم الصديقة تلك التي تُحمل الأبناء والشريك المسؤولية لتتجنب دور الأمومة، ونتيجة لذلك فهي تجعلهم يقومون بأدوار العطاء والتعاطف، مما يترك الطفل من دون أم بشكل فعال؛ لأن الأم تكون منشغلة باحتياجاتها العاطفية. هؤلاء الأبناء يعانون الإهمال العاطفي ويخافون رفض الآخرين، علاقاتهم غير سوية ويميلون إلى عدم الرضا والتقدير على الرغم من أنهم يؤكدون أهمية الحدود في العلاقة بين الآباء والأبناء والزملاء، وبسبب إحساسهم بعدم الأمان فإن ذلك جعلهم قادرين على تولي القيادة وتحمل المسؤولية.

الأم الأولوية التي لا تستطيع أن تفصل أبناءها عنها، والتي لا تشعر بالأمان من دونهم، والتي تعلم أطفالها أنهم سبب وجودها. سيعاني أبناؤها صعوبة الوثوق بمشاعرهم الخاصة، حيث يؤمنون بأن أمهم هي الأقوى والأصح، سيعانون عدم القدرة على اتخاذ القرار وبذلك سيعتمدون على الآخرين. أما أوجه القوة لديهم فهم مخلصون وقادرون على العطاء وعلى دعم الآخرين وتقدير احتياجاتهم، كما أن لديهم مهارة حل المشكلات ويتمتعون بسرعة البديهة والبصيرة.

الأم الكاملة والتي تجمع أفضل صفات الأمهات الأخريات، فهي متوازنة عاطفياً تتعامل مع شخصيات أطفالها كل حسب سماته، وتسعى إلى تحقيق استقلالهم وتعطيهم المساحة الخاصة لكل منهم، هذا لا يعني أنها أم مثالية ومهما كانت تعاني مشكلات، فهي تفصل ذلك عن دورها والتزامها بأمومتها حتى وإن كانت لها أدوار خارج إطار الأسرة. فالأبناء سيتمتعون بتقدير ذات مرتفع، يستطيعون التعبير عن أنفسهم بشكل جيد يتمتعون بعلاقات سوية مع الآخرين ويكونون محبوبين جداً من الآخرين، قادرين على اتخاذ القرار والقدرة على حل المشكلات ومسموعةً آراؤهم .