لكل مهرجان أدبي محاسنه مهما تواضع مستواه محتوى وتنظيماً، حيث تتنافس المهرجانات فيما بينها على تعزيز دور الأدب في المجتمعات، ولعل مهرجان طيران الإمارات للآداب يُعد واحداً من المهرجانات المهمة على صعيد التنظيم والمحتوى والتنوع، وها هو اليوم قد بلغ عامه الـ11 بصفته مهرجاناً عالمياً يتجاوز حدود العالم العربي، وذلك لتنوع البرامج واستقدامه للضيوف من دول العالم كافة، وبالتالي يُعد المهرجان وجهةً لمتذوقي الأدب على اختلاف مشاربهم وثقافاتهم، ولمدة 10 أيام، وهي فترة زمنية مرهقة لأي فريق تنظيمي في مهرجان أدبي يولي المحتوى اهتماماً.
ومن محاسن أي مهرجان أدبي حضور الندوات المختلفة، ولقاء الجمهور بشكل مباشر والتعرُّف إلى أسماء جديدة من الكتَّاب، وإلى جانب المحتوى يعتبر التنظيم من أهم ما يميز مهرجاناً عن سواه، ومن خلال تجربتي في المشاركة في مهرجان طيران الإمارات لثلاث سنوات؛ أرى أن أهم ما ينفرد به المهرجان، إلى جوار ثراء المواضيع واحترافية التنظيم، هو كسره لحواجز اللغة، وذلك من خلال توفير إصدارات الضيوف المترجمة، والأهم من ذلك هو ما يقدمه المهرجان عبر الترجمة الفورية في الكثير من البرامج. يمكنك، كضيف، أن تنظر إلى العربي والفارسي والهندي والباكستاني والصيني والأوروبي والأميركي في مقاعد الحضور ينصتون، أو ربما يشاركون بطرح الأسئلة، في جلستك الحوارية. التنظيم أيضاً يعتمد على إشراك المتطوعين من العنصر الإماراتي والعربي والأجنبي، بل وحتى من أصحاب الهِمَم، يعملون في التنظيم جنباً إلى جنب، وهو أمر مُهم ولافت ويُثري كلاً من العناصر المحلية والمقيمة في دولة الإمارات ويُعزِّز الإيمان بالمسؤولية الفردية نحو المجتمع من خلال المبادرات التطوعية.
أثر المهرجان لا يمكن لمسه على المدى القريب، ومع ذلك يمكنني رصد اختلاف نوعية الأسئلة من سنة إلى أخرى، من وجوهٍ أميِّزها بين قرَّاء مخلصين، يبدون في كل سنة أكثر نضجاً واهتماماً وإيماناً بدور الأدب. كما أنني أرصد العديد من الوجوه الوفية للمهرجان، يكبر وتكبر معه، وتعتبر نفسها جزءاً أصيلاً منه، سواءً بإدارة الجلسات أم التطوع في التنظيم أو الحضور.
أنا سعيد بمهرجان طيران الإمارات للآداب، وأتمنى له الاستمرارية لأنه قطع شوطاً كبيراً في صنع حراك أدبي إماراتي بثوبٍ عالمي يليق بالأدب ومتذوقيه من خلال استقطاب الآداب العالمية في مقرٍّ واحد، ولا أتمنى جديداً في برامج المهرجان، إلا أن يكون في كل دورة ضيف شرف من أولئك الكُّتاب الذين يصعب لقاؤهم في المهرجانات العربية، على غرار: جون ماكسويل كويتزي، پول أوستر، مارغريت إتوود، إيزابيل الليندي وآخرين.