هُنّ إماراتيات، شاركن في حدث «الأولمبياد الخاص» العالمي، فلفَتْنَ أنظار العالم، وأوقَدْنَ شُعلة العطاء،  التي أنجزنها بقلوب بيضاء وغايات سامية. وكل واحدة منهن لها مهمتها، لكنهن يؤمنّ جميعاً بمبدأ واحد، ألا وهو أن العمل التطوعي أسلوب حياة لا بد أن يعود بالحب على من يقوم به، والحب بمفهومهنّ، شعور الرضى الذي يملأ القلوب بمجرد تقديم الخير. وفي «الأولمبياد الخاص» الذي احتضنته أبوظبي على مدى أسبوع كامل، شارك فيه أكثر من 20 ألف متطوع في الفعاليات، بينهم حضور نسائي لافت.

تؤمن ماريا بالخير، بمفهوم «كارما» الذي يعني (مَن يمنح الحب يوماً، لا بد أن يلقاهُ بشكل أو بآخر فيما بعد). لذا؛ فإن سجلها في «العمل التطوعي» يمتد إلى 30 عاماً، فهي تربّت ونشأت في عائلة تُثمّن «العمل التطوعي».
تولت ماريا بسبب إتقانها اللغة الفرنسية، مهمة التنسيق بين إدارة الأولمبياد وفريق ساحل العاج، الذي شارك في ألعاب مختلفة، مثل «الغولف»، «كرة السلة» و«الجودو»، واصفة تجربتها بأنها أكثر من رائعة، لا سيما عندما شاهدت الفرحة في عيون اللاعبين وهم في رحلة برنامج المدن المضيفة، التي نظّمت قبيل الأولمبياد، مضيفة: «كانت رحلة مُمتعة حقاً، زار الفريق مواقع عدة في الشارقة، مثل (متحف الشارقة للسيارات القديمة) و(جامعة سكاي لاين)، الحفاوة التي لقيَها الفريق من قبل المنظمين، كانت لافتة للنظر ومُعبّرة بشكل كبير عن أصالة الشعب الإماراتي». وتؤمن ماريا بأن «العمل التطوعي» وحُب الخير يورَّثان، لذلك هي فخورة بابنتيها اللتين تطوعتا أيضاً في «الأولمبياد الخاص»، لافتة إلى أن هناك علاقة سامية نشأت بينها وبين اللاعبين جعلتهم يطلقون عليها كلمة «ماما».

قلب كبير
بدورها، استعدّت مريم عبد القادر لهذا الحدث جيداً، وتلقت دورات عديدة قبل بدء الأولمبياد، كالتدرب على التعامل مع «أصحاب الهمم»، والتنظيم والبرتوكول، إذ انضمت إلى فريق استقبال «ضيوف الشرف»، سواء أكان ممّن جاء إلى الأولمبياد للحضور أم ليُقدموا عروضهم، موضحة: «هذه المهمة تعني أن يكون فريق المتطوعين على أتم الاستعداد للتعامل مع ضيوف الأولمبياد بدقة كبيرة، فمهامي تعني أن أجيب عن أسئلة الضيوف المتخصصة بثقافة وتراث الإمارات، وعن برنامج الأولمبياد، لذا فهي تجربة غنية بالمعرفة والخبرات».

خبرة غنية
تولّت أمينة يوسف آل علي، طالبة «طاقة مستدامة وعلوم البيئة»، مهمة تنظيم الجمهور في المدرجات لمسابقات «كرة الطائرة» في الأولمبياد، فوضعها عملها التطوعي باتصال مباشر مع «أصحاب الهمم»، وعن تجربتها، تقول: «منحني التعامل مع (أصحاب الهمم) شعوراً رائعاً وخبرة إضافية، فعلى الرغم من أنني تطوعت سابقاً في الجامعة بفعاليات عديدة، لكن هذه التجربة مختلفة، وأطمح إلى أن أتطوع في فعاليات دولية أخرى». وتضيف آل علي: «التعامل بلباقة وقلب كبير مع أي شخص يختصر الطريق إلى ودّه، وهذا المبدأ الذي سرت عليه منذ بداية الأولمبياد في تعامُلي مع المشاركين». ولا تخفي أمينة سعادتها بحضور العنصر النسائي بقوة في «العمل التطوعي» في الأولمبياد.

التطوع صقل للشخصية
تؤكد إسراء عبد الله العبيدي، طالبة جامعية، أن تجربتها في «العمل التطوعي» في الأولمبياد، لم تُضف إليها الخبرة فقط، بل درّبتها أيضاً على صَقل شخصيتها، فهي تولت الإشراف عن فريق التطوع لرياضة «كرة اليد»، بمهام تنظيمية تحتاج منها إلى الدقة والمسؤولية، مثل تنظيم الأوقات وتوزيع الأدوار بين المتطوعين، والإشراف على تنظيم مشاركات «أصحاب الهمم»، وتوفير احتياجات اللاعبين والتواصل مع الفريق الطبي إذا لزم الأمر، أي الاهتمام باحتياجات اللاعبين من وقت دخولهم الملعب وحتى خروجهم.

العطاء من الطرفين
من يعطي بلا مقابل يدرك حقاً المعنى الحقيقي للمشاعر الإنسانية السامية، وعلى هذه القول تسير علياء الميسري وهي طالبة جامعية تطوعت كمشرفة على فريق «كرة السلة» النيوزلندي، وتؤكد أن تقديمها المساعدة لـ«أصحاب الهمم»، كان يمدها بمشاعر متدفقة، كانت تعتبرها جلسة تأملية تفتح آفاقاً واسعة على مفردات الحياة. وعن الفريق الذي أشرفت عليه في الأولمبياد، تقول علياء: «هم لطفاء جداً، يقدّرون معنى كل ما يملكونه، لذا كان من حُسن حظي أنني اعتنيت بالإشراف على ضيافتهم».