تؤكد سفيرة السعادة وخبيرة تدريب ومستشارة دولية معتمدة من «البورد الأميركي» في السعادة وجودة الحياة، الدكتورة تهاني التري، أن الإنسان السعيد هو من يستطيع أن يبث السعادة والأمل في نفوس الآخرين، ويحوّل سلبيات المحيطين به إلى سُلّم يصعد به إلى الإيجابية ليُحقق النجاح والتميّز.

• ما السعادة؟ ومن أين تأتي؟
السعادة كلمة ذات شقّين، وارتبطت بمفهوم جودة الحياة: الشق الأول التجريبي، ويُشير إلى الحالة النفسية في اللحظة الراهنة والشعور بمشاعر إيجابية، مثل البهجة والحب والأمل. أمّا الشق الثاني فهو تقويمي، وفيه يُفكر الأفراد في لحظات السعادة التي عاشوها سابقاً، وكيف يمكن أن يُسهم ذلك في بَثّ رضاهم العام، ومصادر السعادة مختلفة تختلف بطبيعة كل إنسان واهتماماته.

طبيعة بشرية
• ما مصادر السعادة في الحياة؟
مصادر السعادة تختلف من شخص إلى آخر، حيث إن البعض يراها في العائلة، السفر، المال، أو العلم، ويبقى جزء منها غامضاً ليُضيف المتعة في الاستكشاف، كما أن لكل فرد منا في حياته أربعة أنواع من السعادة، هي: الفردية، المؤسسية، الزوجية والمجتمعية.

• أيّهما أكثر سعادة في الحياة؟ المرأة أم الرجل؟
ليس تحيّزاً للمرأة، ولكن من خلال العديد من الدراسات والأبحاث على النساء والرجال وكطبيعة بشرية، تَبيّن أن المرأة أكثر سعادة من الرجل، على الرغم من كل المسؤوليات والظروف التي تحيط بها، لأن قدرتها على الاستمتاع بالتفاصيل الموجودة في حياتها وحياة من حولها أكبر وأعمق، بحيث تكون لديها القدرة على التحفيز والعطاء للآخرين بلا مُقابل، لذلك تمتلك المرأة مفاهيم ومقومات ومُمَكّنات السعادة بشكل دائم، ولديها قدرة أكبر على منح الآخرين احتياجاتهم ومتطلباتهم؛ لذلك نجد أن بعض المهن والوظائف يجب أن تكون فيها امرأة، كونها قادرة على تلبية احتياجات الآخرين وإسعادهم بشكل كبير، مثل التعليم، التمريض، وبعض الوظائف الإدارية بمستوياتها كافة. أمّا الرجل، فهو يلبّي احتياجاته ومتطلباته وبعض متطلبات من حوله إن أمكنَهُ ذلك، حسب قُدراته وإمكاناته، كونه لا يهتم بالتفاصيل مثل المرأة.

• وماذا عن السعادة الزوجية والسبيل إلى تحقيقها؟
تكمُن في رضا كل طرف عن الآخر، وغضّ النظر عن بعض العيوب والتسامُح العميق، لأن الحياة الزوجية ليست يوماً أو شهراً بل مسيرة حياة طويلة ومشتركة، وبما أن المرأة هي الأم والزوجة والمربية ومَصدَر سعادة كل من حولها، عليها أن تبدأ بالتخلص من سلبية المحيطين بها لتستطيع أن تكون إيجابية في حياتها الخاصة.

• في رأيك؛ كيف يمكن التخلص من سلبية الأشخاص المحيطين؟
أولاً: يجب أن يتقبل الإنسان ذاته كيفما كانت، وأن يحب نفسه ويثق بقُدراته وشكله الخارجي، وألا يخضع لضغوط المجتمع، بالتالي يرضى عن كل ما لديه ولا يسعى إلى إرضاء الناس الآخرين، «لأن رضا الناس غاية لا تُدرَك أبداً». ثانياً: أن يكون لديه قرار إلغاء أو تجاهُل أي شخص سلبي يعمل على امتصاص الطاقة الإيجابية لديه، أو يحاول تغيير سلوكه وتفكيره إلى السلبية. ثالثاً: أن تكون لدى الشخص ممارسات وأدوات بسيطة، يستطيع من خلالها إعادة شَحْذ الذات وشحن النفس بالطاقة الإيجابية، مثل ممارسة الرياضة التي يحبها؛ كالسّيْر حافياً على الرمال، التسوق، تغيير بسيط في شكل الملابس أو لون الشعر بالنسبة إلى النساء، إضافة إلى الوضوء وقراءة القرآن والاستغفار، كأساسيّات حياتيّة لا نستغني عنها. وأن يكون لدى كل إنسان شخص مُقرّب إليه يمنحه الطاقة الإيجابية والقوة، كلما شعر بضعف أو تسربت إلى نفسه الطاقة السلبية. وآخر وأهم خطوة أن يحتفظ بدفتر صغير نُسمّيه دفتر الإنجازات أو تحقيق الأهداف، لتسجيل كل إنجاز استطاع أن يحققه، وأن يكتب الهدف الذي يسعى إلى تحقيقه، لتكون هذه الإنجازات والأهداف المكتوبة الحافز القوي له في مسيرة حياته.

وصفة السعادة
حدّدت الدكتورة تهاني التري خمس نقاط، وصفة للسعادة، هي:
-1 الرضا بكل ما منحنا الله إيّاهُ من عطايا ونعم لا تُعد ولا تُحصى، وأن نستشعر قيمة هذه النِّعم ووجودها في حياتنا، لأن هذه الخطوة تُعتبر الأولى نحو السعادة، فهي رحلة وليست محطة.
-2  كل شيء يُقسم على اثنين يتناقص، إلا السعادة إذا تقاسمتها مع الآخرين فهي تعود لك أضعافاً مُضاعفة، وتزيد؛ لذلك يجب أن نتشارك السعادة مع كل مَن حولنا، لنستقطب أشخاصاً إيجابيين يساعدوننا على التحفيز وشحن الذات بكل ما هو إيجابي.
-3 تحديد نقاط القوة والضعف وكل الفرص المتاحة والتحديات. فلكل إنسان نقطة مهمة جداً في شخصيته، لأنه من خلالها يستطيع التعامل مع المعطيات والمتغيّرات في حياته.
-4 تقسيم اليوم الواحد إلى ثلاثة أجزاء، كالتالي (8+8+8)، بحيث إننا نمضي ثماني ساعات في إنجاز العمل اليومي، ومثلها في إنجاز المهام اليومية وقضاء الوقت مع العائلة، والساعات الأخرى المتبقية للنوم.
-5 من أهم النقاط التي يمكن أخذها في عين الاعتبار: الشعور بالسعادة، الإيجابية، التسامح مع الآخرين وتقبّلهم والتعايُش معهم بشكل سليم، بحيث يتم تقدير ظروفهم والصفح والتسامُح في العلاقات، وألا يتم إنهاء العلاقات لمجرد أخطاء بسيطة يُمكن غفرانها.