يكرر المغردون مؤخراً عبارات تصف معاناة البعض من أصدقاء المصلحة، ومن يتقرب لهم في الرخاء ويبتعد عنهم في الصعاب. وباختصار علينا هنا أن نطرح سؤالاً لكل من يشعر بذلك للحظة، ولمن يعاني الإحباط نتيجة تخاذل بعض الأصدقاء. عند تعاملك مع الأصدقاء المقربين، هل تُظهر نفسك وشخصيتك الحقيقية؟ هل معرفتك لذاتك تساعدك على البقاء بأمن واتزان؟ وهل اتزانك النفسي ووضوح شخصيتك وحقيقتك، يسهمان في التوصل إلى علاقة حميمة وحقيقية على المدى البعيد أم لا؟ هل أنت قادر على إظهار نفسك الحقيقية أم تخشى ذلك؟

انسحاب
منذ مدة، كان والد فتاة محكوماً عليه بالسجن لجرم ارتكبه، عندها أصبح جميع أفراد الأسرة في وضع سيئ، لذا اضطرت تلك الفتاة إلى التكتم وعدم البوح بمشكلة الأسرة، وعندما أرادت التحدث عن الموضوع مع أقرب الأصدقاء فوجئت بأنهم بدؤوا يتجنبونها بعدما كانوا قريبين منها كثيراً، مما جعلها مُحبطة وحزينة. لم تستطع التعبير عن مشاعرها وحزنها، كما أنها لم تجد أي شخص ممن كانت تعتقد أن علاقتهم بها عميقة، وبررت ذلك بأنها اكتفت ذاتياً، حيث ليست لديها مهارات اجتماعية، ولم تكن قادرة على التعبير عن مشاعرها السلبية إذا شعرت بها، لذا فضلت الانسحاب من تلك العلاقات من دون عتب، ولكن في الحقيقة تخبئ بداخلها ألم الإحباط.
قصتها ليست فريدة من نوعها، فنحن نعيش مؤخراً في ثقافة تقدّر وتفضل الكمال والنجاح والمظهر، ويجد العديد من الناس صعوبة في الظهور على أنهم هم أنفسهم، بل أصبحوا يعيشون بازدواجية، معظم الأشخاص يُظهرون جزءاً من الشخصية ذاك الذي يتقبله الآخر، ويحاول إخفاء الجزء الآخر منه، وقد يكون الشخص نفسه هو السبب، لأنه يرى من الصعوبة إخبار الآخرين عن مشاعره، كما أنه لا يحب فكرة التعرض للمخاطر وعرضها، كونه يعتقد أن في ذلك ضعفاً، وأن ذلك قد لا يتوافق مع آراء الآخرين، وبالتالي يحرص على حماية ما في داخله والحفاظ عليه.

أجب نفسك
ولذلك يمكن بداية الإجابة عن الأسئلة التالية بشكل متكرر، حتى تصل إلى مرحلة الإيمان بنفسك وقدرتك على التوازن، وكن صادقاً مع نفسك وأنت تجيب:
• ما المشاعر التي شعرت بها اليوم؟
• ما أفضل ما قمت به اليوم وما الأسوأ؟
• ما الشيء الذي لا تريد أن يعرفه أي شخص؟

كما عليك أن:
- تبدأ بنفسك من خلال اختيار الأشخاص الذين تستطيع أن تثق بهم، وتعتمد عليهم وتنفتح معهم بكل مشاعرك وآلامك.
- كن شجاعاً وواجه ذاتك حتى تستطيع أن تواجه الآخرين، وشجع الآخرين على مشاركتك العواطف والمشاعر.
- كن لطيفاً عندما تحاول أن تكون أكثر عمقاً وانفتاحاً، وحاول دائماً أن تكون لطيفاً مع نفسك ومع الآخرين.

استشارة
• أود أن أشير إلى بعض المغالطات التي يتحدث عنها بعض الأخصائيين ومدربي الحياة كما يسمون أنفسهم ومدعي العلاج النفسي، حيث يروجون إلى أن الدواء النفسي لا يعالج الاضطرابات النفسية وإنه يؤدي إلى الإدمان، وبالتالي يفضل أن يلجأ الشخص الذي يعاني أي مشكلة نفسية للبحث عن العلاج النفسي ويبتعد عن الدواء. فما رأيك؟

هذا الكلام خطير جداً وقد يؤذي الشخص أكثر مما يفيده، فمثلاً هناك كثير من الحالات التي تعاني مشاكل نفسية، يرجح السبب فيها إلى اضطراب في الهرمونات أو كميات المواد الكيميائية في الدماغ، مما ينتج عنه بعض السلوكيات غير السوية، ويجب أن يتناول الشخص هنا بعض الأدوية النفسية، التي تستطيع ضبط تلك العمليات في الدماغ. كما أن هناك من يعاني أعراضاً شديدة تستدعي وجوب تناول الدواء، للتخفيف من تلك الأعراض، وبعدها يمكن أن تطبق عليه بعض تقنيات العلاج النفسي.
أما بالنسبة إلى الأعراض الجانبية للدواء والجرعة المفترض أخذها، فيجب أن تكون تحت إشراف الطبيب النفسي، ومن المهم جداً التواصل مع الطبيب في حال حدوث بعض المشكلات، والأهم عدم التوقف عن الدواء من دون موافقة الطبيب.