• لم يكن مِزاح معالي المستشار تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة «الهيئة العامة للترفيه» في المملكة العربية السعودية، معي، أمام جميع النجوم المشاركين في مناسبة «ليلة في حُبّ أبو أصيل»، لدى تلبيتي الدعوة التي وجّهت إليّ لحضور حفل تكريم الراحل أبو بكر سالم في الرياض، من باب الصدفة فقط، وهو الذي عُرف عنه ذكاؤه، وحُبّه لـ«الغَشْمَرة» وأنه راعي ابتسامة وفكر يملآن المكان فرحاً وديناميكيّة وتميّزاً، عندما قال: «هذا ربيع هنيدي يطلّع عنّي إشاعات»، ثم أردف مُمازحاً المطرب راشد الماجد بقوله: «هلا بالسندباد». وواصل اهتمامه وسؤاله عن المطربين المشاركين في الحدث لينضمّوا إلى الصورة الجماعية التي تم التقاطها لهم معه. ومثل هذا المزاح خير تأكيد أنّ المستشار تركي ليس فقط الرجل المناسب في المكان المناسب، بل أيضاً قارئ جيّد يعي السطور وما بينها. والقصة ربما تعود لعام أو اثنين تقريباً، عندما كانت السرّية تُحيط بعض أعماله الشعرية التي كتبها وتم الاتفاق على تحويلها إلى أعمال غنائية، وتحديداً أغنيتي: «لو كان بخاطري»، التي قدّمها «دويتو» المطربان راشد الماجد وآمال ماهر. و«كل ما في الأمر»، التي غنّاها معاً المطربان رابح صقر ونوال الكويتية. فعلى الرغم من الحصار المفروض حينها على العملين، بلغتني تفاصيلهما. وانفردت «زهرة الخليج» وقتها، بنشر بيانات المشروعين لثقتنا بأهمية الحدثين، الأمر الذي دفع صاحب المشروعين إلى أن يستغرب كيف تم تسريب المعلومات؟ وإذا كان الأمر قد فسّره البعض حينها بأنه «حرق المفاجأة»، كانت نوايانا عكس ذلك. فهدفنا تسليط الضوء على مثل هذه المشاريع لأجل تشويق الجمهور وتحفيزه إلى انتظار ظهور الأغنيتين للعلن، وفعلاً هذا ما حدث، بدليل النجاح الذي تحقق بعد ذلك. مختصر الكلام، هو ما علق به الصديق الشاعر فائق حسن، مدير أعمال المطرب ماجد المهندس، عبر حسابه على الـ«انستجرام» قائلاً: «أستاذ ربيع، عندما يتحول المبدع إلى مسؤول.. تكون النتيجة تركي آل الشيخ».

• يُحكى أن حاكماً إيطالياً دعا فناناً تشكيلياً شهيراً وأمره برسم صورتين مختلفتين ومتناقضتين عند باب أكبر مركز روحي في البلاد، أمرهُ بأن يرسم صورة مَلاك، ومُقابلها صورة الشيطان لرصد الاختلاف بين الفضيلة والرذيلة. وقام الرسام بالبحث عن مصدر يستوحي منه الصور، وعثر على طفل بريء وجميل تطل السكينة من وجهه الأبيض المستدير، وتغرق عيناه في بحر من السعادة. ذهب معه واستأذن أهله في رسمه مقابل مبلغ مالي، وبعد شهر أصبح الرسم جاهزاً وباهراً للناس، وكان نسخة من وجه الطفل. بعدها بدأ الرسام بالبحث عن شخص يستوحي منه صورة «الشيطان»، وظل لأكثر من 40 عاماً يبحث من دون جدوى، حتى خشي الحاكم أن يموت الرسام قبل أن يستكمل التحفة التاريخية، إلى أن عثر الرسام فجأةً على «الشيطان»، وكان عبارة عن رجل سيئ يبتلع زجاجة خمر داخل حانة قذرة، اقترب منه الرسام وحدّثه حول الموضوع، ووعد بإعطائه مبلغاً من المال، فوافق الرجل وكان قبيح المنظر، كريه الرائحة، له شُعيرات تنبت وسط رأسه كأنها رؤوس الشيطان. وبينما هو يرسمه في أحد الأيام، فوجئ بهذا «الشيطان» الجالس أمامه يبكي، فاستغرب الرسام الأمر وسأله لماذا؟ ليُجيبه: «أنت يا سيدي زرتني منذ أكثر من 40 عاماً حين كنت طفلاً واستلهمت منّي صورة الملائكة، وأنت اليوم تستلهم مني صورة «الشيطان». لقد غيّرتني الأيام والليالي حتى أصبحت نقيص ذاتي بسبب أفعالي». ومختصر الحكاية، أن الله يخلقنا جميعاً كالملائكة، ولكن نحنُ مَن نُغيّر ونشوّه أنفسنا بسبب أفعالنا ومعاصينا. هكذا هي حال الكثير من أهل الفن، يبدؤون المشوار ملائكة، لكن للأسف يتحولون بعدها إلى شياطين، فليبكوا على حالهم إذا قرؤوا هذه القصة في محاولة إنقاذ ما يُمكن إنقاذه.