نظمت «الهيئة العامة للترفيه» بالمملكة العربية السعودية كرنفالاً فنياً ضخماً بالعاصمة السعودية الرياض، احتفاءً وتقديراً وتكريماً للفنان الراحل أبو بكر سالم بلفقيه، على شرف رئيس الهيئة المستشار تركي آل الشيخ، ومشاركة وحضور نخبة كبيرة من الفنانين، يتقدمهم محمد عبده، عبادي الجوهر، عبد المجيد عبد الله، رابح صقر، راشد الماجد، عبد الرب إدريس، ماجد المهندس، نبيل شعيل، عبد الله الرويشد، علي بن محمد، أحمد فتحي، فؤاد عبد الواحد، مطرف المطرف، وأصيل أبو بكر.
وتضمن الحفل برنامجاً أعد بعناية فائقة، تم فيه عرض جوانب من مراحل عطاء الراحل والمحطات الفنية الزمانية والمكانية والجوائز وشهادات التقدير، ومن ثم كلمة لراعي الحفل بحضور المشاركين، بعد ذلك انطلق الحب في ليلة أبو بكر.
إن المبادرة في حد ذاتها تستحق التوقف أمامها، فهي تعزيز لتكريس ثقافة الاحتفاء بالرموز والرواد الذين أفنوا حياتهم لإسعاد الناس، والإسهام بفعالية في ترقية الحياة الاجتماعية بشكل عام، وهي مبادرة إيجابية وناجحة أعلن عنها رئيس «الهيئة العامة للترفيه» بإطلاق سلسلة حفلات وكرنفالات، ستقام تقديراً لعدد من رموز الفن السعودي والخليجي والعربي، خلال الفترة المقبلة. ولقيت مبادرة الاحتفاء بالفنان القدير أبو أصيل أصداء إيجابية كبيرة، كما هو الحفل الذي حقق نجاحاً كبيراً عطفاً على القيمة الكبيرة التي يمثلها المحتفى به وعلاقته الناجحة بزملائه وما يتحلى به من علاقات مميزة مع الجميع، سواء الذين شاركوا بالغناء أم أولئك الذين شاركوا بالحضور، وحتى الذين لم تتسنَّ لهم المشاركة أسهموا بالمتابعة والتأييد بتنظيم فعالية للاحتفاء بفنان من الوزن الثقيل ترك إرثاً فنياً في الساحة، وله بصمة فنية سجلت له كماركة مسجلة في تاريخ الفن الغنائي العربي.
وبالنظر إلى محتوى حفل تكريم الفنان أبو بكر سالم بلفقيه، صاحب الأغنية الوطنية المميزة التي لا تزال ترن في الأذهان حتى يومنا، وستظل كذلك إلى ما لا نهاية.

«يا بلادي واصلي والله معاك
واصلي واحنا معاك
واصلي والله يحميك
إله العالمين
إله العالمين..»،
نجد أن هذه الأغنية بالذات قد شكلت منعطفاً لافتاً للنظر في مشواره الممتد لأكثر من نصف قرن، نثر فيه همومه وآماله وآلامه وأحلامه، وأشار بذكاء بالغ مفرط لقضاياه ورسائله التي يختزنها في داخله وماهية الفن الذي يعمل من أجله، وأدواته التي يتوفر عليها كي تتسنى له معالجة أفكاره الفنية وتقديمها للمتلقي كمنتج يحمل مواصفات إبداعية جديرة بأن تخرج حاملة معها أسلوبه وطريقته في ترجمة وتوصيل موضوعات أغانيه، وهو الذي قد عرفت عنه عنايته بالنص وتجويده من حيث العرف الفني لغة واصطلاحاً، وإلحاحه في اللحن لإبراز جماليات الفكرة والدفع بها لمنطقة التماوج الذهني حتى يستسيغها من يصادفها في طريقه، كيف ذلك وهو ممن يشار إليهم بالبنان في إنضاج منتجه الفني وتوفير الحبكة اللازمة ليخرج مكتمل البناء شكلاً ومضموناً.إن حفل تكريم الفنان القدير أبو بكر سالم يحمل رسائل جمة، لعل من أبرزها الاعتزاز بفن الرجل ووضع تجربته أنموذجاً للفنانين الشباب للتعلم منها والمضي في دروبها وهو المؤلف والملحن والمؤدي ذائع الصيت الذي حصد يوماً جائزة اليونسكو في التعدد الطبقي للصوت، وهنا لا يسعني إلا أن نتجاذب مع القارئ الكريم تلك الرسائل التي أسمعنا إياها بكل لطف، مثل: «يا عين لا تذرفي الدمعة»، «يا دوب مرت عليّ»، «يا زارعين العنب»، «يا قلبي المتعوب»، «يا حامل الأثقال»، «نار حبك نار»، «غيار»، «باشل حبك معي»، «يا سهران»، «موقفي صعب»، «عاد كلا صغير»، «هي هي السنين»، «رمش عينه»، و«كثر الله خيرك» وهذه من الأغاني التي قد عشت ملابساتها معه شخصياً ولي معه فيها ذكريات، والذكريات صدى السنين الحاكي.