أن تخصص أي دولة شهراً للقراءة فهو أمر محمود، وقد يكون مبتكراً في بعض الدول. أما أن تخصص دولة الإمارات شهراً للقراءة فهو أمر أصبح عادياً، حيث المبادرات الخلاقة في شتى المجالات مختومة بصنع في الإمارات.
لماذا تريد الإمارات أن تقرأ بكثافة في شهر القراءة؟ ربما لتقرب حب القراءة من المواطنين والمقيمين على أرضها سبباً، وربما لأنها علمت بأهمية القراءة في حياة الشعوب، وربما لأن القراءة بكل ما فيها تشكل عامل إضافة للإنسان المتحضر، وربما وربما، والقائمة لا تنتهي.
إن القراءة حالة حياة أشبه ما تكون بالمتكاملة، فالذي لا يعيش في الإسكيمو يستطيع أن يأخذ شبه حياة لمن يعيش هناك، من خلال رواية أو كتاب يتحدث عن ذلك المكان النائي، وهذا ينطبق على كل الأمكنة، فلم نعش في حواري مصر واقعاً، ولكن نجيب محفوظ أسكننا فيها، وتعرفنا إلى علاقة الجيران مع الباعة، وعرفنا ألاعيب المحتالين وزهد الزاهدين في الحياة، عرفنا عن باريس في حقبة لم ندركها، ولكن جان فالجان بطل فيكتور هوجو أخبرنا بما لقيه من حسن معاملة ومن قسوة في ذلك الزمان البعيد.
وإن كان المكان يصل إلينا حين لا نصل إليه، فإن الحكمة والتجربة كذلك نأخذها في ساعات أو دقائق من رواية أو سرد تاريخي، فما إن نكون بمواقف مشابهة ونصاب بالحيرة، تقفز أمامنا حادثة مشابهة ونختار منها الموقف الأفضل، فالقراءة تمنحنا الإحاطة بالأشياء والمواقف.
وحين تمنحنا القراءة متسعاً من الضحك والحزن، وتأخذنا بكل مصداقية بالرومانسية فنشعر بالحب من دون أن نحب، أو أن تجعلنا أكثر فهماً وتعلقاً بالحب، من خلال قصيدة أتقن شاعرها الحب، فكم أحببنا الحب من شعر نزار قباني، وكرهنا الغربة من شعر محمود درويش من دون أن نكون مغتربين.
إن القراءة من منظور المتفحص، هي كل شيء في الحياة، لأنها حياة موازية، ففيها الأقصى في كل شيء، السعادة في أقصاها والحزن في أقصاه، والأمان والخوف، وشعور الفرح ودموع البكاء، فما علينا إلا أن نقرأ وأن نحسن الاختيار، فهو أمر مهم للقراءة، فكم من كتب كانت سبباً في تعلق الإنسان بالقراءة، كما كانت هناك كتب حالت بين الإنسان وتعلقه بالقراءة، فحين تقول القراءة أنا الكل، فلأنها قادرة على ما لا يقدر عليه سواها.

شعر

اقرئيني

يشتهيني

صفحةً بيضاءَ إن كنتُ اكتبيني

ها هنا أنتِ هناكَ الآن

وارسمي سقفَ الأغاني

لا أدري ولكنَّ يقيني

بيننا برجَ الأماني

إنني فوقَ غيومِ العشقِ

وارفعيني

يرتاحُ جبيني

لغةٌ ما بيننا ألفُ مكانٍ

فاكتبيني واقرئيني واسكنيني