حفل الأوسكار هو الحدث الوحيد الذي يذكّرني بلعنة فرق التوقيت بيننا وبين أميركا. فإمّا أن تسهر حتى موعد بدء الحفل في الخامسة صباحاً لتتابعه بنصف عين وتنام في منتصفه، وإما أن تنام باكراً لتستيقظ باكراً مع ساعة البداية، وهو ما لن يحدث أبداً بالنسبة إلى الخفافيش الليلية أمثالي. وهذا يتركني مع استراتيجية وحيدة أمارسها منذ ثلاث سنوات؛ وهي أن أنام بعد صلاة الفجر مباشرة، وأستيقظ في الثامنة تقريباً، أي قبل نهاية الحفل بقليل، وهو الوقت الذي يُعلن فيه عن الجوائز الأهم، فإمّا أن أُصدم بهوية الفائز وأقفز من سريري، وإمّا أن أُكمل نومي قرير العين.

في هذه السنة؛ تفنّنت الأكاديمية في إرضاء الجميع، وبدت كالأم التي تحاول أن تعدل بين أطفالها، ولعلّ هذا الانطباع تَولّد من سياسة الأكاديمية في السنوات الأخيرة، إذ يرى كثيرون أنها تمنح الجوائز تبعاً لمعايير ليست فنية بحتة، وأنها تتأثر بالسياسة والقضايا الرائجة، مما يجعلها أشبه بلعبة مزاجية لتوزيع الأوراق. ونلاحظ في أوسكار 2019 أنه لا يوجد اكتساح في الجوائز لمصلحة فيلم معيّن، ففيلم Bohemian Rhapsody حصل على أربع جوائز، يليه Green Book وRoma وBlack Panther بثلاث جوائز لكل منها، ثم تأتي البقية.


أفضل أغنية أصلية
والأوسكار تذهب إلى الأغنية الآسرة Shallow من فيلم A Star Is Born، ولا مفاجأة في ذلك، وليدي غاغا تبكي على المسرح بعد تسلمها الجائزة وكأنها أول جائزة في حياتها، ولا نعلم ماذا كان سيحدث لو فازت بأوسكار أفضل ممثلة.


أفضل مخرج
ومن سيكون غير ألفونسو كوارون؟ كما توقعت سابقاً، مخرج التحفة الفنية Roma، الذي حوّل ذكريات طفولته إلى لوحةٍ بصرية تسحر الألباب، وبرهن على أنّ التجربة الذاتية تترك أثراً عميقاً وصادقاً في نفوس الكثيرين حين يخرجها فنانٌ بارع. ولو لم يفُز بها كوارون لتمنيتها لآدم مكاي، مخرج Vice الذي قال عنه كريستيان بيل إنه يقدّم المواضيع المملة بطريقة ممتعة وفكاهية

أفضل فيلم
العمل البديع Green Book يفوز بأوسكار أفضل فيلم، وعلى الرغم من أنني تمنيت فوز Roma بهذه الجائزة، إلا أنه لا يمكنني أن أحزن لفوز Green Book، فقد أسرني بكل جوارحي، وهو من الأفلام التي إن لم تحبها فمستحيل أن تكرهها، ولا أظن أن فوزه سيثير جدلاً بقدر ما أُثير بعد فوز Shape Of Water وMoonlight في العامين الماضيين. ولا أنسى أن أبدي إعجابي بعدم ذهاب هذه الجائزة إلى Black Panther.

أفضل فيلم أجنبي
ذكرت في مقالٍ سابق أن الأكاديمية قد لا تمنح Roma جائزة أفضل فيلم، وستكتفي بمنحه أوسكار أفضل فيلم أجنبي، لكسر الاحتكار وزيادة التنوع في الفائزين، وهو ما حدث بالضبط، وفي الحالتين فإنّ Roma ظافرٌ بالذهب، والفيلم اللبناني كفرناحوم خسر بشرف أمام منافسٍ عظيم.


أفضل ممثل وممثلة رئيسيين
والأوسكار تذهب إلى الممثل رامي مالك، الذي سيفتخر به المصريون إلى جانب النجم محمد صلاح. ورامي يستحق الجائزة عن جدارة، فقد قدّم أداءً جباراً في فيلم Bohemian Rhapsody لتصبح لدينا نسختان من المغني الراحل فريدي ميركوري. ولعل وجود رامي ضمن المرشحين كان العائق الوحيد الذي يحول بين كريستيان بيل والجائزة، بعد دوره الاستثنائي في فيلم Vice. في حين ذهبت جائزة أوسكار أفضل ممثلة رئيسية إلى أوليفيا كولمان عن دورها في فيلم The Favourite، وهو الفيلم الذي لم ينزل في دور العرض حتى الآن.

تذكرة لي ولكم
جائزة الأوسكار ليست مقياساً لكل شيء، فعلى مر التاريخ توجد أفلام عظيمة لم تحصل على أي جائزة أوسكار، لكنها خلّدت في الذاكرة، وهنا بعضٌ منها:
The Shawshank Redemption
Taxi Driver
Fight Club
The Wolf of Wall Street
12 Angry Men