من أجمل قصص الحب التي مرت في الأدب العربي، أو في السينما العالمية، أو من قصص القرى والمدن التي اشتهرت فيها قصة عاشقين، هي القصص التي انتابتها حالات محبطة، أو التي كانت عوامل الفشل فيها تحاصرها لأي سبب كان.
لقد خلدت قصة قيس وليلى لأسباب عدة؛ أن قيس كان شاعراً وقد خلد قصته شعراً، ولأنه لم يستطع الزواج من ابنة عمه، وكذلك هي قصة عنترة بن شداد وابنة عمه عبلة بنت مالك، والقائمة تطول من العباس بن الأحنف وحبيبته فوز التي لم يعرف عنها الكثير، وجميل بن معمر ومحبوبته بثينة، وكُثيِّر عزة ووضاح اليمن ومحبوبتيه روضة وأم البنين زوجة الوليد بن عبد الملك.
كل تلك القصص خُلدت للسببين ذاتيهما، أن أحد طرفيها شاعر وأن علاقة الحب لم تنتهِ بزواج، وقد يقول قائل إن الشعراء أرادوا ذلك حتى تشتهر قصصهم، ولكن الحقيقة غير ذلك، وربما تكون هناك قصص حب رائعة انتهت بالزواج ولكنها لم تخلد.
هناك إذاً حب على قيد الحياة، يعيش على الرغم من المحن والموانع أياً كان شكلها، ففي عصرنا الحديث هناك موانع إضافية على ما عرفته الموانع من قبل، كاختلاف الجنسية بين العاشقين، أو اختلاف الديانة، وتأتي الموانع التقليدية دائماً في كل حالات الحب.
لقد رأينا من خلال ما تناقلته وسائل التواصل وجود حالات حب بين خطيبين أو زوجين، يقدم فيها الرجل هدايا باهظة الثمن، هناك من أهدى طائرة خاصة، وعلى الرغم من ذلك، سمعنا تعليق الزوجة بأنها صغيرة، وهناك من سمى محبوبته بدلوعة فلان، وأسبغ عليها الهدايا الغالية، ولم أسمع تعليقاً يشير إلى أن هذا حب، بل على النقيض تماماً هناك من سماه خروفاً، وهناك من سماه استعراضياً أو طالباً للشهرة.
هؤلاء أرادوا أن يقولوا إننا عشاق، ولكن الواقع لم ينسبهم إلى دفتر العشاق، وأرادوا أن يقولوا نحن نحب بعضنا كما حدث مع العشاق الكبار كقيس وجميل وغيرهما، ولكن التاريخ رفض هذا الادعاء، وربما هم عشاق بالمستوى ذاته وأكثر، ولكن العشق لن يتجاوزهما إلا للأهل والجيران والأصدقاء.
إن مواصفات الحب الذي يكون على قيد الحياة، رغم ما يحيط به من عوامل الفشل والرفض والموانع، هو ذلك الحب الذي يخلده التاريخ بأي صورة من صور الخلود، وإن كان الشعر قد نجح قديماً، فلم يزل قادراً على النجاح، وقصة حب نزار قباني وبلقيس صادفت ذلك الخلود بدرجة ما، وربما وفاتها المأساوية قد أضافت شيئاً من الخلود إلى القصة، عدم ارتباط نزار قباني بامرأة بعدها أسهم كذلك.

شعر

أنتِ لـي غصبــاً وطيباً أنتِ لـي

فاظلمي ما شئتِ بي أو فاعدلـي

أنتِ لـي مهما ترامى المنتهى

وبــدا صـدك لـي أو مقتلـي

أنت لـي فستكتبيني شـــاعراً

جـــلَّ أن يُسـميك ما لا تقبلـــي

لكِ من إيمـائـــهِ متســــــــعٌ

ضاقَ فيـه أفُقُ من شُـعلِ

بكِ من أميةِ العشقِ صدى

فتهجي درســـه واكـــتملـي

واحضني نجواه أو ما يفتدي

وهو لا يفدي الذي لم تأملـي