تذكرت ودعة إخوتها السبعة: عيد، ميلود، رمضان، بلعيد، شوال، ربيع، سعيد؛ فبكت وراء إبلها التي تجمعت حولها، حتى تحولت المجاري الجافة إلى وديان من الدموع. سمع نحيبها رجل كان عائداً من سوق المدينة، فاقترب منها وسألها.
- لماذا تبكين؟
- كنت أميرة في بيتنا، فأصبحت كما ترى، راعية إبل، ألبس الجلود، وأنام مع الحيوانات والكلاب.
ثم حكت له قصتها بكل تفاصيلها، فأحزنته. طلب منها أن تتبعه بإبلها، وعندما وصلت إلى بيت إخوتها، أدخلت الإبل، وركبت وراءه على حصانه الأنيق كما أمرها بذلك، وانطلقا صوب مسكنه. فوجئت ودعة بنفسها في قصر، طلب من خادمته أن تنظفها وتلبسها كما يليق بأميرة. عندما دخلت عليه لم يعرفها، كانت ساحرة، وعدها بالانتقام لها ممن كانوا السبب. في اليوم الموالي سافر بها نحو عين الماء التي حينما شربت منها تحت ضغط الخادم مبروك وزوجته مبروكة، أصبحت سوداء البشرة، بينما أصبحت زوجته الخادمة بيضاء البشرة. شربت ودعة من العين؛ فاستعادت لونها الطبيعي، ثم رجع بها إلى البيت.
في الصباح الباكر أردفها معه على حصانه وذهبا نحو إخوتها، وجدهم نائمين ولم يفطنوا حتى لغيابها، عندما رأوها اندهشوا من جمالها، وقالوا في أعماقهم لا بد أن تكون سيدة قصر أو أميرة. ألقى عليهم السلام؛ ردوا جماعياً بفرح: مرحباً بالفارس وبأميرته. شرب قهوة الضيافة معهم، ثم قال: انظروا جيداً إلى ملامح الأميرة بعد أن تركت شعرها ينسدل على كتفيها. راعية الإبل؟ صرخوا بشكل جماعي. قال الفارس: لا ليست راعية، ولكنها ودعة التي ظلمتموها بعد أن قطعت الفيافي حباً فيكم. وحكت لهم القصة من بدايتها إلى نهايتها. عاقبوا مبروك ومبروكة اللذين اعترفا وطلبا الصفح، وفرح بها إخوتها كثيراً، لكن غيرة زوجاتهم كانت كبيرة. ذات مرة وضعن لها في الأكل بيضة ثعبان، أكلتها في غذائها من دون أن تفطن لذلك، ظلت البيضة تكبر حتى انتفخ بطن ودعة، وأصبح بارزاً. لم يسمع نشيجها إخوتها الذين ظلوا يعذبونها حتى تقر بمن كان وراء الفعلة اللاأخلاقية، دافعت عن نفسها، لكن بلا جدوى، وهم يستعدون لقتلها زارهم الفارس؛ حزن لحالها عندما رآها على تلك الوضعية، وأكدت له أنه لم يمسسها بشر. قال لهم أنا أستر الفضيحة، أتزوجها، وافقوا. أخذها معه إلى بيته وجاء بالقابلة، فحصتها. أكدت له عذريتها؛ عرف أن في الأمر سراً. أكدت له القابلة أن ما في بطنها شيء طويل يشبه الثعبان، يمكن أن يكون بيضة أكلتها وكبرت في أحشائها. وبنصيحة من القابلة، اشترى عجلاً صغيراً وشواه وملحه كثيراً، وطلب منها أن تأكله، ودعا إخوتها وزوجاتهم لحضور الغداء معه في عز القيلولة. كانت ودعة كلما طلبت ماء، أجبرها الفارس على مزيد من الأكل. عندما انتهت وشبعت، جاء بحبل، علقها من رجليها في السقف، ظنت أنه سيقطع رأسها، ووضع عند مستوى رأسها إناء من الماء البارد. كانت ودعة تئن من العطش. بينما إخوتها في حالة دهشة من صهرهم، طلب منهم الانتظار. فجأة خرج رأس ثعبان كبير من فمها، يبحث عن ماء، انتظره الفارس حتى خرج كلياً؛ فانقض عليه بسيفه ومزقه. أنزل ودعة من الحبل، وطلب من خادمته أن تهتم بها. عندما عادت، كانت أنيقة وبطنها خالياً من أي انتفاخ، كُشف السر بسرعة، وعوقبت الزوجات. في تلك اللحظة طلب يدها من إخوتها، قبلوا بشرط أن يكون العرس في بلدتهم، بحضور الأب والأم، والتقى الجميع في البيت العائلي، ودام العرس سبعة أيام عاد فيها البصر للأم، بينما زوجة الأب هربت نحو غابة الوحوش، من يومها لم يسمع عنها خبر.