عبر مجموعة من الصور الفوتوغرافية، والألواح والقطع الأثرية يروي متحف «أبارتهايد»، في جوهانسبورغ بجنوب أفريقيا، للأجيال المتعاقبة تاريخ القمع والحرية في البلاد، حيث يلتقي فيه الماضي المظلم مع الحاضر المشرق، في جدلية تفتح نافذة للوعي واستنباط العبر والدروس. وليست خافية على الكثيرين قصة التمييز الذي مارسه نظام الأبارتهايد (الفصل العنصري) بقوة القانون بين 1948 و1994، والذي كان يعطي الحق لأقلية بيضاء لاستعباد الأغلبية السوداء (20 مليون شخص) ويضطهدونهم ويحرمونهم من جميع الحقوق الآدمية، حتى أعلن نيلسون مانديلا الثورة، التي تُعتبر واحدة من أعظم ثورات التاريخ وأكثرها سلمية، ليتعايش البيض مع السود في مُساواة وعدل إلى الآن.

حبال ومشانق
داخل المتحف توجد كذلك مجموعة من المعروضات الرمزية الخاصة بهذه الفترة، مثل الوثائق حول الانقسامات العرقية، وقوانين الفصل العنصري، وصور من الحياة في جنوب أفريقيا حينها وتذكارات شخصيّة، وزنزانات عاش فيها المضطهدون، وحتى حبال المشنقة والمشانق التي شهدت إعدام المعارضين السياسيين، وفي واحدة من ساحات المتحف توجد كومة من الحصى يُمكن للزوار أن يضعوا حصاة تعبيراً عن تضامنهم مع ضحايا الفصل العنصري.


معارض

في عام 2001، افتتح متحف «أبارتهايد» الذي يقع بمدينة (جولد رييف) في جوهانسبرج وتقام فيه معارض دائمة وأخرى مؤقتة، نُظِّمت المعروضات وجُمعت وأُقيمت المعارض الدائمة من قبل فريق من القائمين على المعارض وصانعي الأفلام والمخرجين السينمائيين والمؤرخين والمصممين، لتشمل لقطات الأفلام والصور الفوتوغرافية واللوحات النصية والمصنوعات اليدوية.

هزيمة الماضي
تم تصميم المتحف ليرصد أبرز الأحداث التي وقعت في القرن العشرين في جنوب أفريقيا، كان الفصل العنصري وهزيمته أبرزها، ويظهر للعالم كيف تغلبت هذه الدولة على ماضيها الظالم واتجهت بنجاح نحو المستقبل، ويفتح المجال للمواجهة مع الحاضر، والبحث عن الحقيقة وضمان عدم تكرار الأخطاء، وقد بُني حول حديقة مُشيّدة وفق الطراز المحلي.

حرية
يفرد المتحف بين أروقته الكثير من الصور للزعيم نيلسون مانديلا، الذي انتخب أول رئيس لجنوب أفريقيا الديمقراطية أيقونة التحرر من الاضطهاد، وأحد الذين أسهموا بجهود وتضحيات كبيرة في التحرر منه، ومنها صورة يوم الاحتفال بالنصر في الثالث من مايو عام 1994، ويتذكر المصور جورج هاليت ذلك اليوم قائلاً: «لقد كانت لحظة لا تُصدّق»

رحلة مأساوية
يتضمن «أبارتهايد» أفلاماً وصوراً فوتوغرافية توثّق لكثير من الأحداث التي جرت في الفترة من 1948 إلى 1994، ويشمل المعرض مشاهد للتعذيب وقطعاً أثرية توضح المواقف، وقصصاً مصورة عن الأحداث التي تشكل جزءاً من تلك الملحمة، ويتكون المتحف من سلسلة من 22 منطقة عرض فردية، في رحلة مأساوية تروي قصة نظام تمت الإطاحة به لانتهاكه كل القوانين الإنسانية.

أبيض وأسود
وفقاً لقانون الفصل العنصري، فقد تم تقسيم السكان إلى أربع مجموعات: سود، بيض، آسيويين، وملونين أي ذوي الأصول المختلطة، ولتذكير الزوار بفظاعة فكرة الفصل والنبذ على أساس العرق واللون يُصنف زوار المتحف حالياً إلى بيض وغير بيض، ويدخل كل عرق من بوابة مخصوصة حيث يُخصص مدخل للبيض وآخر للملونين في المتحف، يحملون بطاقة دخولهم التي تعرّفهم بأنهم «أبيض» أو «غير بيض».

رمز للكفاح
كذلك عُلقت على جدران المتحف إحدى الصور الشهيرة لانتفاضة تلاميذ المدارس، الذين احتجوا عام 1976 ضد سياسة التمييز العنصري. وقد لقي التلميذ هيكتور بيترسن خلال هذه المظاهرة مصرعه بعد إطلاق النار عليه، وقد وثّق المصور سام نزيما هذه اللحظة في صورة جابت أنحاء العالم.