يُعد الفنان المصري أحمد بدير من النجوم الكبار القلائل، الذين استطاعوا أن يحجزوا لأنفسهم مقعداً دائماً في الأعمال الفنية، فظل الجوكر الرابح في كل الأعمال الفنية التي شارك فيها، مع جيل الكبار الذي هو أحد رواده، ومع جيل الشباب أيضاً.

• تصور حالياً مسلسل «حكايتي» حدثنا عن أجواء العمل؟
المسلسل من تأليف محمد عبد المعطي، وإخراج أحمد سمير فرج، يُشاركني فيه مجموعة من الزملاء، منهم: وفاء عامر، ياسمين صبري، جمال عبد الناصر، أحمد حلاوة، إدوارد وآخرون، الشخصية التي أقدمها في العمل ستكون مفاجأة، حيث أجسّد دور الأخ الأكبر للفنانين جمال عبد الناصر وإدوارد، وتدور الأحداث بين الإخوة الذين يمتلكون مصنعاً ويحدث صراع كبير بينهم، المسلسل ينتمي إلى الدراما الاجتماعية.

ممثل نمطي

• لاقى مسلسلك «البيت الكبير» استحساناً من قبل الجمهور، كيف ترى هذا العمل؟

المسلسل لم يُقدَّم بالقوالب التقليدية التي اعتدناها في الدراما الصعيدية، وهذا جانب مهم جذبني في العمل، بخلاف عامل آخر هو أن العمل لم يُعرض في شهر رمضان، وعلى الرغم من ذلك حقق نجاحاً كبيراً وتفاعل معه الجمهور، والجميل أيضاً في العمل أنه على الرغم من الخلفية الصعيدية له، إلا أن أحداثه من الممكن أن تحدث في أي مجتمع أيّاً كانت خلفيّته.

• هل أخذت منك شخصية «عبد الحكيم» في «البيت الكبير» مجهوداً في التحضير والتعايش معها؟
نعم، لاسيّما أن الدور كان مؤثراً باعتباره كبير العائلة، وهو المسيطر والمتحكم في الأمور كافة، وفي الوقت ذاته كان داخل شخصية «عبد الحكيم» لحظات إنسانية ولحظات ضعف، فكانت شخصية ثرية ومستفزة لقدرات أي فنان لينفعل معها.

• يُلاحَظ أن لديك هوساً بالشخصيات المتطرفة والمتشددة دينياً، وقد جسّدتها في أكثر من مسلسل، مثل «سلسال الدم» و«دنيا جديدة» وغيرهما، ألا تخشى أن تتحول إلى ممثل نمطي؟
المسألة أنني أردت أن أكشف وأظهر أن هذه الشخصيات تستغل الدين أسوأ استغلال، كما حدث في شخصيتي في مسلسل «دنيا جديدة»، الذي يُعد عملاً متماشياً مع ما شهدته مصر والعديد من الدول العربية، من وجود وظهور تيّارات دينية متطرّفه لديها جهل وتشدّد، وتفهم الدين من منظورها؛ فالعمل يكشف المتأسلمين، ويوضح الإسلام الوسطي الجميل، ويطرح قضية كبيرة، ويفضح أفكار هذه التيارات المتطرفة.

الجهل والتطرف

• هل الأعمال ذات الصبغة السياسية تستهويك؟
أحب هذه النوعية من الأعمال ذات الصبغة السياسية، ولو تذكرت معي أعمالي المسرحية السابقة ستجدها كلها أعمالاً سياسية، مثل: «ع الرصيف» و«دستور يا أسيادنا» و«مرسي عاوز كرسي» و«تكسب يا خيشه» و«شيء في صبري».. فمنطقة السياسة تستهويني، وبالذات في المرحلة السابقة التي مرّ فيها الوطن.

• في رأيك، ما سبب التطرف وظهور الجماعات المتطرفة؟
أعتقد أن سببها الجهل وهذا العامل له دور كبير، وحتى لا يؤثر أحد في أطفالنا ويُحرّف فكرهم لا بد أن نهتم بالنّشء ونُعرّفه حقيقة الدين السمح، وغرس قيم الانتماء والولاء للوطن أمر في غاية الأهمية. ومطلوب الاهتمام بهذه الأجيال الجديدة القادمة، حتى لا تقع ضحايا لهذا الفكر المتطرف، لأن هذه المرحلة العمرية من أخطر المراحل التي من الممكن أن يندس من خلالها المتطرفون ويزرعوا ما يشاؤون من أفكار متشددة، وبالتأكيد التعليم والمناهج التعليمية مُهمّة جداً لأن تعلّم الطفل قيم التسامح ومفهوم الدين الإسلامي الحنيف الوسطي الذي تربينا عليه، بخلاف أهمية عنصر الثقافة ودور قصور الثقافة الجماهيرية والفنون في مواجهة التطرف.

• هل لا تزال عند رأيك، في أن مسرحية «غيبوبة» التي قدمتها منذ فترة، تعد أهم عمل مسرحي لك على الإطلاق، بل أهم من مسرحيتك «ريّا وسكينة»؟
نعم. لا أزال عند رأيي، لأن هذه المسرحية كانت تحمل رسالة في غاية الخطورة، وأردت أن أوضح من خلالها ماذا حدث في (25 يناير)، خصوصاً أن أشخاصاً كثيرين استغلوا هذا التاريخ على أساس أنهم من صنعوها، وهم من غيّروا النظام الحاكم، وفي النهاية ظهر أنهم عملاء، ففضحت كل هؤلاء في هذا العمل الذي حمل جرأة، وأيضاً كان يحمل رسالة خطيرة.

عودة مسرحية

• لماذا عدت للمسرح مرة أخرى من خلال مسرحية «فرصة سعيدة»؟
لأن المسرحية اجتماعية خفيفة، ولم يكن هناك أي دافع إلى أن أقدم مسرحية سياسية في هذا الوقت، فقررت تقديم هذه المسرحية المختلفة تماماً عن «غيبوبة».

• لماذا تحرص بين الحين والآخر على أن تكون موجوداً في المسرح، على الرغم من أوضاعه المتردّية؟
لا أستطيع الابتعاد عن المسرح لأنه عشقي الأول، لكن المهم أن أجد نصّاً مناسباً يليق بي، وهذا العمل، ومن قبله مسرحية «غيبوبة» حققا إيرادات كبيرة.

• المتابعون للشأن المسرحي يرون أن المسرح المصري مات، فهل تتفق مع هذا الوصف؟
لا طبعاً أختلف، ولا أتفق مع ذلك الرأي، وأرى أن المسرح المصري لم يمُت ولم يمرض لكنه يمر بحالة تعثّر، ويحتاج ليستعيد مكانته إلى دُور عرض مسرحية جيدة وعلى مستوى عالٍ، وإلى مُنتجين يقدمون روايات جيدة، وأيضاً يحتاج من نجوم المسرح إلى أن يخفّضوا من أجورهم، كي لا تكون التذاكر مرتفعة على الجمهور.

• وقفت على خشبة مسرح الدولة ومسرح القطاع الخاص، ما الفارق بين الخشبتين؟
بالنسبة إلى «مسرح الدولة»، فأنا كفنان أعتبر أنني الكاسب من ورائه، لأنه يجذب لي الجمهور ممّن يدفعون تذكرة ثمنها 10 و15 جنيهاً، بالتالي هناك قطاع عريض من الجمهور سيشاهدني ممّن لا يملكون مالاً أو ليس في استطاعتهم أن يدفعوا 200 أو 300 جنيه ثمن تذكرة «مسرح القطاع الخاص». وفي الحقيقة أنا استمتعت بعرض أعمالي على خشبة «مسرح الدولة».

• بعين الفنان المسرحي، كيف نظرت إلى تجربة «مسرح مصر»؟
أوجّه الشكر إلى الفنان أشرف عبد الباقي على هذا المجهود وهذه التجربة، لأنه أسهم في تقديم نجوم جدد في الكوميديا، لكني لا أستطيع أن أحكم على «مسرح مصر» كمسرح تقليدي، إنما هي مجموعة مواقف كوميدية لذيذة يسعد الناس بها، وهناك إقبال عليها، بالتالي لأشرف عبد الباقي الرّيادة في هذا اللون، وله الشكر، لأنه السبب في إقبال الناس وعودتهم إلى المسرح.

فرق مسرحية كبيرة

• معظم النجوم المسرحيّين الكبار، كانت لهم فرق مسرحية فهل سقط ذلك من تفكيرك؟
لم أفكر في تكوين فرقة لسبب بسيط، وهو أنني عندما اشتغلت في المسرح، عملت مع فرق كبيرة. بالتالي، لم أحب أن أعمل فرقة أقل من هذه الفرق، فأنا مع (فرقة الفنانين المتحدين) عملت «ريا وسكينة» و«حاول تفهم يا ذكي»، ومع (فرقة جلال الشرقاوي) قدّمت «ع الرصيف» و«دستور يا أسيادنا»، ومع (مسرح الريحاني لأحمد الإبياري) قدّمت «مرسي عاوز كرسي»، ومع (شركة أوسكار) قدّمت «تكسب يا خيشة» و«جوز ولوز».. إذاً كنت موجوداً في فرق كبيرة، لذا ما الداعي لتكوين فرقة قد تكون أقل مستوى؟

• أين أنت من السينما؟
هناك نصوص عديدة تصلني لكني لم أوقّع على أي منها، لأنه حتى الآن لا يوجد الفيلم ذو السيناريو الجيد الذي يُقنعني.
 
• أخيراً، ألا يُحزنك أنك لم تكن «نجم شباك»، على الرغم من تاريخك وموهبتك الكبيرة؟
لا يهمني الأمر، وعلى الرغم من أنني قدمت أفلاماً كثيرة تصدّر اسمي فيها «الأفيشات» كبطولة، لكن هذه ليست هي القضية بالنسبة إليّ. مثلاً حصلت على جائزة «أحسن ممثل» من (المركز الكاثوليكي) عن دوري في فيلم «ساعة ونص»، وكان إلى جواري 20 ممثلاً، كذلك على الرغم من أن دوري في «عمارة يعقوبيان» لا يتجاوز السبعة مشاهد، لكنه ترك أثراً عند الجمهور، وكذلك هو دوري في فيلم «كباريه». لذا، أعتقد أن البطولات الجماعية هي المنتشرة الآن، وتراجعت حكاية البطولة المطلقة.