الحقيقة المحزنة هي أننا أصبحنا ندرك، بأنه لا يوجد شخص واحد لا يعاني الحزن والتوتر والخوف والضغط النفسي في إحدى مراحل حياته، وبالتأكيد لذلك أثر نفسي عليه وعلى المحيطين به.
ولو أردنا المقارنة بين الوجع الموضعي في جسم الإنسان حيث يمكن أن يُعالج بالدواء، وبين الألم الداخلي غير المحدد الذي لا يمكن الوصول إليه بسهولة، سنجد أنها مسألة صعبة، فحين يعاني الشخص الجروح التي لا يمكن رؤيتها أو تحديدها، ستبقى بالداخل كما تبقى المعاناة من الآلام النفسية التي تؤرق الشخص وتوجع ذاته.
لاكتشاف الذات ومحاولة التواصل مع الداخل، علينا بداية الإيمان بأن النفس قد تعاني أحياناً وأن الذات لذلك تتألم، ولا شك سيؤثر ذلك فيك شخصياً وفي الآخرين من حولك.
للوصول إلى تحرير ذاتك من الألم، يجب ألا تهمل ما تفكر وما تقوم به، والأهم ألا تكون قاسياً على نفسك، واحذر أن تتجاهل الصوت الداخلي لديك والذي يعلو لتنبيهك، مثال: ألا تشعر أحياناً بأنك مجهد، وكثيراً ما توجه اللوم لذاتك في أغلب المواقف، وأنك تشعر بالتعب ولا تستطيع أن تنهض من الفراش في الصباح؟ لا تتجاهل كل ذلك مكابرة أو إهمالاً، بل تخيل أو استرجع موقف أحد الأصدقاء أو الأقارب عندما يقوم بأفعال غير منطقية، ويتحدث عن مشاعره السلبية والمؤرقة، فقد يندفع ويرتفع صوته، فكيف تتعامل مع الموقف؟ عادة تعطيه المساحة وتستمع له بإنصات محاولاً مساعدته والتخفيف من ألمه، إذاً قم بالمثل مع نفسك واستمع لمعاناتك وإن كان الصوت بداخلك عالياً فإنه في لحظة سينخفض وستهدأ.

الحواس الخمس

كما خلق الله لنا الحواس الخمس، والتي غالبا لم نستخدمها بالطريقة الصحيحة التي بها نستطيع أن نخفف من آلامنا النفسية. نحن بحواسنا تلك نستطيع علاج ذواتنا من جميع الآلام، ونستطيع بها التخفيف من التوتر والقلق والضغوط النفسية لنا وللآخرين، وعلى سبيل المثال: عندما نلاحظ عصبية الطفل وتألمه وبكاءه لمجرد احتضانه والمسح على مكان الألم، نلاحظ التغيير الواضح على ملامح وجهه، وكذلك بالنسبة إليك تستطيع أن تقوم بذلك لمعالجة الآلام الداخلية عندما تمسح على منطقة القلب وتدعو الله أن يجعلها برداً وسلاماً، حينها ستشعر بالهدوء وبانتظام ضربات القلب وستهدأ، أو عندما تستمع لصوت موج البحر، حيث يتناغم مع الذبذبات الكهرومغناطيسية في الدماغ، وتشعر عندها بالهدوء والسكون النفسي مع مراعاة الفروق الفردية.

المساعدة المهنية

كثيراً ما نقدّر جهود الآخرين ولكن لا ننتبه لجهودنا، كما لا نركز على ما نقوم به كتقدير ذاتي، وهذا نتعلمه من خلال الوالدين اللذين يحتضناننا بالحب والحنان من دون أي شروط، لذا نعيش بكبرياء وثقة وتقدير للذات ونعلم جيداً بكل ما نتميز، فنحن نعلم بما نتميز به قبل أن يعترف به الآخرون، لذا عليك أن تغير من عاداتك السيئة والسلبية من جانب إيمانك بأنك تستحق الأفضل، دون الخوض في الأنانية والتفرد السلبي دون مراعاة للآخرين، وإن أشعرك الآخرون بأنك محبوب، هذا لأنك كذلك وليس لأنهم مجبرون على حبك.
أما إذا فشلت في المساعدة الذاتية فاطلب المساعدة المهنية، وبذلك تمنح نفسك القدرة على طلب المساعدة وأن تكون منفتحاً لطلبها، وبالتالي لاستقبالها، وتأكد بأن هناك من هو موجود للدعم.

استشارة

• كيف أستطيع أن أكتشف إذا كان ابني يعاني مشكلة نفسية أم أنه يتعرض لأزمة أو عنف؟
باختصار أي تغيير مفاجئ يطرأ على سلوك الطفل، هو مؤشر على تغيير، ومن تلك التغييرات:
• تغيير في المزاج، كأن ينفعل بسرعة أو يبكي لأسباب لا تستدعي.
• تغيير في الشهية، كالامتناع عن الأكل أو الشراهة.
• النوم العميق لساعات طويلة، عدم النوم بشكل متواصل، أحلام مزعجة، الخوف من النوم وحيداً كما تعود.
• التبول اللاإرادي.
• علاقته بالآخرين كالمشاجرة أو الانعزال أوعدم مشاركتهم كالسابق.
• الشكوى من الآلام الجسدية، كآلام البطن والظهر والمفاصل مثلاً.