يُعرَف الأدب الرومانسي بأنه المذهب المتمرّد على الكلاسيكية والواقع، ويتناول العاطفة والخيال والطبيعة والمثالية، وقد عرفه العرب منذ عصر الجاهلية، واستمر عبر العصور ليلمع في عصرنا الحالي، ويرتبط به شعراء اشتهروا بنظم قصائد الوجدان والرومانسية والغزل.

رومانسية الشعر القديم

ظهرت الرومانسية في الشعر العربي منذ عصر الجاهلية، وكان العرب يستهلّون قصائدهم بالحديث عن الأطلال والحبيبة، ويتغزلون بها قبل الانتقال إلى الموضوع الأساسي للقصيدة، ومن أبرز شعراء الشعر الرومانسي في العصر الجاهلي، الشاعر امرؤ القيس، بقصائده الخالدة في وصف الحبيبة والشوق إليها، وعنترة بن شدّاد، أحد أشهر شُعراء العرب في فترة ما قبل الإسلام، واشتهر بشعر الفروسية والغزل بـ«عبلة»، ثم شهد عصر صدر الإسلام شعراء في الغزل كثيرين، قد يكون أشهرهم الشاعر عمر بن أبي ربيعة الذي ولد في المدينة المنوّرة، ولقّب بـ«الشاعر العاشق» ورسم للمرأة صورة جديدة في شعره، إلى قيس بن الملوّح الذي نظم الأشعار في حُبّه لليلى وعذاباته في بُعده عنها. ولا يمكن التحدث عن شعراء الرومانسية في العصر الأموي، من دون أن نذكر أهم شعراء قبيلة عَذْرَة، جميل بُثينة وإبراهيم بن عبد الرحمن، اللذين التزما بالشعر الغزلي العذري. أما العصر العباسي فقد اشتهر فيه الشاعر الأعمى بشار بن برد، الذي لقّب بإمام الشعراء المُولّدين، وكتب أجمل قصائد الغزل، وصولاً إلى الأميرة الأندلسية والشاعرة ولادة بنت المستكفي.

مدارس المذهب الرومانسي

في العصر الحديث، دخلت الرومانسية إلى الأدب العربي على شكل مذهب نقدي نظري، بفضل كتابين نقديين، أولهما أصدره عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني سنة 1921، تحت عنوان «الديوان»، والكتاب الثاني أصدره ميخائيل نعيمة، تحت عنوان «الغربال» سنة 1922، كما أسّست جمعيات ومدارس للأدباء والمبدعين في ظل المذهب الرومانسي أهمها: (مدرسة المُهجّرين) التي دعت إلى التجديد عام 1920 في نيويورك، وكان من أعضائها جبران خليل جبران، ميخائيل نعيمة وإيليا أبو ماضي. و(مدرسة الديوان) التي دعت إلى شعر الوجدان 1921 في القاهرة، ومن أعضائها: عباس محمود العقاد وإبراهيم عبد القادر المازني وعبد الرحمن شكري. و(مدرسة أبولو) التي دعت إلى الأصالة والفطرة الشعرية والعاطفة الصادقة، عام 1932 في القاهرة، ومن أعضائها أحمد شوقي، وأحمد زكي أبو شادي وخليل مطران.

• بدر شاكر السيّاب: شاعر عراقي، قام مع بعض الرواد الآخرين بمحاولات جادّة للتخلص من رتابة القافية في الشعر العربي، لذا يُعتبر أحد مؤسسي الشعر الحر في الأدب العربي. اعتمد بسبب تأثره بالشعر الإنجليزي، أسلوباً شعرياً جديداً أصبح مذهباً لغيره من الشعراء.
من أشعاره: (أراها غدا هل أراها غداً /‏‏‏ وأنسى النوى أم يحول الردى.. فؤادي وهل في ضلوعي فؤاد؟ /‏‏‏  لقد كدت أنساه لولا الصدى..  كأني به خاذلي أن تمر /‏‏‏ على بعد ما بيننا من مدى..  مشى العمر ما بيننا فاصلاً /‏‏‏ فمن لي بأن اسبق الموعدا).


• ميخائيل نعيمة: أحد مؤسسي «الرابطة القلمية» (جمعية تأسست عام 1922 من الأدباء المهاجرين إلى أميركا)، ومفكر قاد النهضة الفكرية والثقافية، كما أنه شاعر، قاصّ، مسرحي، ناقد، مُتفلسف في الحياة والنفس الإنسانية، له العديد من المؤلفات باللغة العربية، والإنجليزية والروسية، وتُعتبر من أفضل الأعمال في العالم العربي.
من أشعاره: (تدبّين دبَّ الوهنِ في جسميَ الفاني /‏ وأجري حثيثاً خلف نعشي وأكفاني.. فأجتاز عمري راكضاً متعثّراً /‏ بأنقاض آمالي وأشباح أشجاني.. وأبني قصوراً من هباءٍ وأشتكي /‏ إذا عبثتْ كفُّ الزمانِ ببنياني.. ففي كل يومٍ لي حياةٌ جديدةٌ /‏ وفي كلّ يومٍ سكرةُ الموتِ تغشاني).

• نزار قبّاني: شاعر سوري، اعتبره البعض مدرسة شعرية وحده، وآخرون «حالة اجتماعية وظاهرة ثقافية». كما لقّب أيضاً بـ«شاعر المرأة»، وكان يُشبّهها بالبلدان والمدن. اشتهر بقصائده الرومانسية وأشعاره في الحب التي لا تزال تُغنّى إلى يومنا هذا.
من أشعاره: (يا سيِّدتي /‏ كنتِ أهمّ امرأةٍ في تاريخي قبل رحيل العام.. أنتِ الآنَ أهمُّ امرأةٍ بعد ولادة هذا العامْ /‏ أنتِ امرأةٌ لا أحسبها بالسّاعاتِ وبالأيَّام.. أنتِ امرأةٌ صُنعَت من فاكهة الشِّعرِ ومن ذهب الأحلام /‏ أنتِ امرأةٌ كانت تسكن جسدي قبل ملايين الأعوام).

• عمر أبو ريشة: شاعر سوري، وأحد أهم الشعراء المُجدّدين في بلاغة القصيدة العمودية، أسهم في تأسيس النزعة الرومانسية الجديدة في القصيدة العربية التقليدية، وقد برز في شعره الإشراق الصوفي الذي ورثه عن والديه.
من أشعاره: (كم جئت أحمل من جراحات الهـوى نجوى، يرددها الضمير ترنُّما /‏‏ سالتْ مع الأمل الشهي لترتمي في مسمعيكِ، فما غمزتِ لها فما.. فخنقتها في خاطري  فتساقطتْ في أدمعي، فشربتها متلعثما /‏‏ ورجعتُ أدراجي أصـيدُ من المنى حلماً، أنام بأفـقـه مـتوهــما).