الفن الأصيل يبقى. الإبداع الحقيقي «يعيش» ولو انطوت صفحات التاريخ. هذه هي - باختصار - ماري منيب، رغم مرور 50 عاماً على رحيلها في بداية 1969. ماري اكتسبت شهرة طاغية للغاية، نتيجة أدوارها المميزة في السينما المصرية، وبراعتها وإتقانها في تقمص شخصيات متعددة، أجادتها كلها باقتدار، وهي التي كرّست حياتها للفن، فمنحها الفن حب الناس وتقديرهم.

ولدت ماري منيب في 11 فبراير 1905 لأسرة سورية انتقلت للإقامة في حي شبرا الشعبي الشهير في القاهرة. بدأت مسيرتها الفنية بالرقص، ثم التقطتها فرقة نجيب الريحاني، نهاية الثلاثينات، لتضع قدماً على الطريق الصحيحة.
ماري تزوجت بادئ الأمر بفوزي منيب، وأنجبت منه عدداً من الأبناء، ثم فهمي عبد السلام الذي أنجبت منه ابنين وفتاة. وفي تلك الفترة، (1937) أشهرت إسلامها.
يقول نقاد فنيون إن ماري منيب قدمت ما يربو على 200 فيلم خلال مسيرتها التي دامت نحو 35 سنة، ومن أشهر أعمالها: «حماتي ملاك»، «حماتي قنبلة ذرية»، «لصوص لكن ظرفاء»، «مصنع الزوجات»، «مراتي نمرة 2»، و«الجنس اللطيف». ولعل مخرجي السينما المصرية آنذاك وجدوا في ماري منيب «منبعاً» للفن في مختلف صوره، وقدرة على أداء الشخصيات، وخاصة «الحماة» التي تذيق الأزواج الأمرَّين، إنما بشكل ساخر وطريف، لا يغفل عن تناقضات المجتمع وعلاقاته المتشابكة، وكذا الظواهر السالبة.
ماري منيب لم تكمل آخر مسرحياتها باسم «إبليس»؛ بعد أن أحست بوعكة صحية ودخلت المستشفى لتفارق الحياة في عام 1969.
وعلى الرغم من مرور خمسة عقود على رحيلها، إلا أن ماري منيب ما زالت تشكل حضوراً فنياً كبيراً وملهماً للأجيال اللاحقة من الفنانات، كعلامة فارقة في تاريخ السينما في المنطقة، وكواحدة من اللواتي لم يحتجن كثير جهد ليبرعن في عملهنَّ الفني، وذلك يرجع إلى الروح الفطرية فيها، وسلاستها في أداء أي دور يُسند إليها.
رحلت الشريرة الطيبة، لكن ابتسامتها و«قفشاتها» بقيت حاضرة لدى المشاهد العربي، صانعة منها «نجمة» لا تُنسى.