يتزامن «يوم الحب» الذي يحتفي به العشاق يوم (14 فبراير)، مع احتفاء المخرج والمنتج الإماراتي علي مصطفى وزوجته مها غورتون، بنجاح زواجهما الذي أثمر إلى الآن ثلاثة أبناء يُزيّنون عليهما حياتهما، آية (10 سنوات) والتوأمان فيصل وزيد (سبع سنوات)، لتكون فرحة المناسبة مُتزامنة مع سعادتهما. وإذا كان الشاعر نزار قباني يقول: «الحب أنْ أحبّك ألف مرة، وفي كل مرة أشعر بأني أحبك لأول مرّة».  فالمخرج علي مصطفى (من أب إماراتي وأم بريطانية)، يسير على المبدأ ذاته، عندما صارح زوجته مها (من أب بريطاني وأم مصرية)، في أول مرة أراد الارتباط بها، ليكون هذا الزواج مزيجاً عربياً غربياً من جانب الطرفين، قصة حُب وارتباط توطدت بين دبي ولندن، يروي تفاصيلها شريكاها، في حوار الحب والأسرة والفن والحياة.

ماذا لو طلبت زوجة علي مصطفى أن تمثل؟
بحضور الزوجة مها، سألنا المخرج علي مصطفى: ماذا لو طلبت منك زوجتك أن تمثل، خاصة أنها جميلة. فهل تمنحها الموافقة؟ وبعد أن نظر إليها أجابنا مُتسائلاً: هل القصد أن تمثل تحت إدارتي كمخرج أم مع مخرج آخر؟ عموماً، مها تعلم أن كل شيء تطلبه مني، أجيبها عنه: إذا كان هذا الأمر سيُسعدك، افعليه، إنما كوَني أعلم أن مهنة الفن ليست سهلة، وعلى الرغم من احترامي لكل النساء والأمهات اللاتي يُمثّلن، أقول إني لن أمانع في أن تمثل زوجتي، لكني لا أفضّل لها هذا». ونسأل مها عن رأيها، فتُجيبنا: «أنا لست ممثلة، ولا أعتقد أني سأفعل ذلك. لكن لو مثلاً فكرت في أن أمثل وشعرت بأن علي لن يكون مرتاحاً، عندها لن أكون مرتاحة للإقدام على مثل هذه الخطوة».

لقاء الـ(30 ثانية)
يسترجع المخرج علي مصطفى مشهد تعارفه مع زوجته مها، قائلاً: «من (19 سنة) كنت خارجاً من منزل الوالد بدبي، وعند مدخل البيت شاهدت مها لأول مرة، فقد كانت قادمة مع والدتها لزيارة والدتي، سلمت عليهما وغادرت، لم يستمر لقاؤنا حينها سوى قرابة الـ(30 ثانية)، لكني أذكر أني داخل قرارة نفسي، قلت: ستكون هذه الفتاة زوجتي. وبعد أربع سنوات تزوجنا، هذا على الرغم من أني لم أكن أعرفها شخصياً». وعن تعارفهما يقول: بعد ثلاث سنوات تقريباً من ذلك اللقاء سافرت إلى لندن لأدرس الإخراج، وكانت مها تدرس في مانشستر، وأذكر أني ذات يوم مرضت وأصبت بحمّى، وكانت والدتي، كأي أم، خائفة عليّ وتتصل بي، ويبدو أنها أخبرت والدة مها بالأمر، فوجدت مها تتصل بي لتطمئن على صحتي، واسترجعت مشهد لقائي الأول بها، وبدأنا نتواصل هاتفياً من داخل إنجلترا. أنا في لندن وهي في مانشستر، وأخذت أتعرف إليها، إلى أن التقيتها بعد ذلك في دبي، واتفقنا على الزواج». ويضيف: «لم أجد حرَجاً في الأمر، ولم أقل لها مباشرة إني أريد أن أتزوجك، بل طلبت منها أمراً، قائلاً: «اسمعي.. شُوفي أمك متى بتكون فاضية»، خاصة أن والدها لم يكن حينها موجوداً في دبي، فسألتني: لماذا؟ فقلت لها: «أريد أن أطلب يدك منها، وأريد أن أفاتحها بالموضوع قبل أن آخذ الموافقة منك»، وعندما حددت لي موعداً مع والدتها، فهمت وبطريقة غير مباشرة أنها موافقة على الزواج منّي».

كنت «عايش حياتي»
وعن عدم التواصل مع مها بعد لقاء الـ(30 ثانية) في دبي، وسبب الانتظار حتى اتصلت به هي في لندن بعد ثلاث سنوات، يقول: «القدر شاء ذلك، عدا هذا، عندما التقيتها في دبي كنت شاباً و«عايش حياتي»، وعمري حينها (19 سنة)، لذلك لم أكن أفكر جدياً في الزواج، وعندما أصبح عمري (23 سنة) قررت الزواج، حينها كان عمر مها (20 سنة)». ويوضح «أحس بأني فعلت شيئاً جيداً في حياتي حتى كافأني رَبّ العالمين ومنحني هذا الرزق.. زوجتي وأبنائي الثلاثة». ويؤكد «أشعر بأن حبي لمها الآن أكثر من السابق، فالحب في البداية يكون شكليّاً، لكن بعد العِشْرة تتعود على الطرف الآخر ويصبح الحب أنضج».

برق ورعد وأمطار
وعما إذا مرّت حياتهما الزوجية بمتقلبات على غرار فيلم «يوم حلو.. يوم مُرّ» يقول: «أحب التأكيد أن حياتنا الزوجية طوال سنوات ارتباطنا لم تكن مثالية ولم تسر بأريحيّة، بل كان فيها البَرْق والرّعد والأمطار. ومرت بعواصف عدة، ومن الخطأ أن يعتقد البعض أن حياته فيها مشاكل وحياة غير مثالية. هذا مستحيل، ثم إنه إذا كان شغلي فيه دراما، فكيف لا تكون هناك دراما في حياتي؟! وخلف الجدران المغلقة دَوْماً هناك لحظات سعيدة وأخرى صعبة بين أي زوجين، لكن الأمور التي كانت تحدث بيني وبين زوجتي، كنت حريصاً على أن أبقيها بيني وبينها وبين الأهل، ولا نفشي مشاكلنا وأسرارنا لأحد آخر، وفي جميع الأحوال كنا عندما نظهر أمام الناس والعدسات، نقف ونبتسم لنُحافظ على الصورة الجميلة التي لا تجعل أحداً يشعر بأن هناك شيئاً ما».ويعترف علي: «لم يكن الأمر سهلاً في مواجهة العواصف التي مررنا بها على صعيد حياتنا الزوجية، خاصة أننا كنّا صغيرين، وخلافاتنا كانت لأسباب شخصية وأحياناً لأمور تافهة، لكن باستخدام العقل أحياناً، وتَدخّل الأهل إيجابياً أحياناً أخرى، حافظنا على مركب الزوجية حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن.. أسرة عددها خمسة أشخاص».

الزوجة الحديدية
وعن دور الزوجة في دعم ومُساندة الزوج، يقول علي: «يُخطئ الرجل الذي يعتقد أن المرأة «تكملة عدد»، أو يجب ألا يكون لها رأي في البيت. ففي ديننا الإسلامي نعرف قدر الأم، ونعلم أن «الجنّة تحت أقدام الأمهات»، بالتالي إذا كان الدين الإسلامي مَنح المرأة قدرها ومكانتها، فمن هو الرجل حتى يأتي ويُقلل من قيمتها. وبالنسبة إليّ، أعتبر زوجتي مها «المرأة الحديدية»، فهي «اللّي ماسكة البيت»، إذ تقتضي طبيعة عملي أن أغيب عن المنزل لفترات طويلة، وأذكر أني عندما كنت أخرج فيلم «المختارون»، من بطولة الفنانين سامر المصري وحبيب غلوم وسامر إسماعيل، الذي تم تصويره في مدينة بوخارست في رومانيا، بقينا هناك قرابة أربعة أشهر، والجميل أن زوجتي حينها تحملت مسؤولية البيت والأولاد بمفردها، ولم تشغل ذهني بشيء، لذلك لا أخجل من القول إذا كانت مها جَبَل، فأنا أمامها مُجرّد قطعة حَجَر».

50 مرة وقعت
وعما إذا كاد يقع ويتعثر في حياته بعد الزواج، وأمسكت زوجته بيده ونهضت به؟ يقول: «ربما حدث هذا معي (50 مرّة) أو أكثر. فأنا أكثر من مرة أيقنت وبعد تفكير في أن أترك الفن ومجال الإخراج، إذ وجدت أنه لا فائدة منه، حيث ليس لدينا صناعة سينما في الإمارات، وبالتالي كيف يستطيع الواحد منا أن يعمل ويؤمّن المال ليعيش حياة كريمة هو وأسرته؟ هذا عدا أن والدي كثيراً ما كان يقول لي: «عيَال عمّك جميعهم مُدراء ولهم مناصبهم، وأنت لا تزال في مجال الفن»، وهذا الكلام كان يَدخُل رأسي ويجعلني أتساءل بيني وبين نفسي: «صحيح أني أحب الإخراج والسينما، لكن من أين سأطعم أولادي؟ لذلك عليّ أن أبدّل طبيعة عملي». وفي ظل هذا الصراع الداخلي، كنت أجد زوجتي مها تُقوّيني وتنهض بي، قائلة: «الإخراج شغلك وعشقك الذي تُبدع فيه، فلا تسمع كلام الناس وتتخلى عنه، استمر وأنا معك». وأمانة، من دونها كنت انتهيت. وتصوروا لو أني متزوج من امرأة تقول لي: «ما عندك شغل هالشهر، إش مجلّسَك في البيت؟!». فالزوجة يجب أن تكون سَنَداً لزوجها وأولادها».
وعن الحل في ظل أزمة صناعة السينما حالياً واعترافه بأنه لا توجد صناعة سينما في الإمارات، يُجيب: «الحل أن أستمر وألا أيأس أو أجلس متضايقاً في البيت، وهذا الكلام أقوله لأي رَجُل يواجه أزمة في عمله، فدائماً هناك حَلّ، والله سبحانه وتعالى يفتح الأبواب أمام عبده ما دام يحاول ويسعى. عموماً، أنا لا أرى نفسي أني فقط مجرد مخرج إماراتي وسأظل أقدم أعمالاً داخل الدولة، بل طموحي أن أقدم أفلاماً عالمية، وسيأتي هذا اليوم وأنجز فيه فيلماً في أميركا أو لندن أو الهند أو مصر. فالمخرج يستطيع أن يُخرج أي فيلم في أي مكان بالعالم».

فخور بأني إماراتي
قد يكون علي يُحمّل الأمور فوق قدرها وهو يتحدث عن تخوّفه من الغد في مسألة الرزق، لذا قلنا له: ألا ترى أنّ كلامك مُبالغ به في ظل أولاً أنك إماراتي والدولة تُساند دائماً مواطنيها، عدا هذا أنك من أسرة مقتدرة مالياً؟ فيُجيب: «أنا لا أخاف من الغد بسبب الرزق، لأن كل شيء في الحياة مُقدّر ومكتوب، لكن خوفي من الأمور المادية سببه أني معتمد على نفسي كلياً، فأنا منذ كان عمري (19 سنة)، لم آخذ من والدي فلساً. وطبعاً، فخور بأني إماراتي، لأني في أسوأ الظروف أعلم أني من الممكن أن أطلب، ولن تُقصّر معي الدولة، إنما لا أحب أن أضع نفسي في مثل هذا الموقف».

مناسبة تجارية
لأن حوارنا يأتي مُتزامناً مع «عيد الحب»، سألنا علي عن المناسبة، فأجابنا، وقد شاطرته زوجته الرأي، قائلاً: «من صغري لم أشعر بأن الـ(فالنتاين) أو (عيد الحب) هو شيء مهم، فهل يُعقل أن يعيش الأحبّة يوماً واحداً في العام يتبادلون فيه مشاعر الحب ويتناسون هذا بقية العام؟! وأعتقد أن الفكرة من هذه المناسبة هي تجارية بحتة لأجل بَيْع الورود والكروت والدباديب الحمر. عموماً، لكل إنسان منطقه في التفكير، لكن بالنسبة إليّ ولزوجتي، نحن نحتفل في المناسبة على طريقتنا، إذ لا يمكن أن نتجاهلها، خاصة أننا نعيش بين الناس، إنما لنا طقوسنا يوم (14 فبراير) من كل عام، حيث نطلب الطعام الصيني من المطعم ذاته الذي أكلنا منه في بداية حياتنا الزوجية، وأترك لزوجتي حرية اختيار فيلم لنُشاهده، سواء أكان كوميدياً، رومانسياً أم غير ذلك، ونجلس في البيت نتناول العشاء ونشاهد الفيلم». ونسأله: هل يُعقل ألا تُحضر هدية لزوجتك في «عيد الحب»؟ فيقول: «أعوّضها عن ذلك يوم عيد ميلادها الموافق (20 فبراير)، وحينها أدلّعها ويأتيها ما تشاء. كذلك في عيد زواجنا أحضر لها هدية». يختتم علي كلامه بتقديمه نصيحة لأجل حياة زوجية سعيدة، قائلاً: «أربع صفات يجب توافرها لدى الزوجين من أجل حياة سعيدة وهانئة، هي: الصبر، المرونة وعدم الحدّة في التعاطي، الاحترام المتبادل والإنصات جيداً من جانب الطرفين لما يقوله الطرف الآخر، وفهم الكلام بطريقة إيجابية».


«راشد ورجب» في «عيد الفطر»
منذ عام بدأ المخرج علي مصطفى تصوير فيلم «راشد ورجب»، الذي يُشرف عليه كاملاً، من إخراج محمد حارب، لكن هذا الفيلم لم يظهر للنور حتى الآن، وعن ذلك يقول: «أعدكم بأن تجدوا فيلم «راشد ورجب» في صالات السينما في عيد الفطر المقبل، وفعلاً تأخر العمل، حيث طوّلنا في المونتاج، خاصة أن الفيلم كوميدي وأردناه أن يكون عائلياً، فأضفنا بعض المشاهد وحذفنا بعضها، لكن لانشغالي أنا ومحمد حارب وبعض الفنانين بمشاريع أخرى، لم تَسْنَح لنا الظروف إلا أن نجتمع من جديد هذا الأسبوع. والرسالة التي يقدمها الفيلم، هي أنه على الإنسان أن يكون مقتنعاً وراضياً بحياته، إذ يتناول قصة تبادل الأرواح بين شخصين: مصري وظيفته عامل توصيل وجبات غذائية، وإماراتي رئيس لإحدى الشركات، وتنتج عن ذلك مفارقات كوميدية».

مها غورتون: أولادي قادوني إلى «تصميم الأزياء»
مها غورتون، زوجة المخرج الإماراتي علي مصطفى، امرأة دافئة المشاعر، مسكونة بالطموح والإصرار على النجاح، لذا فهي لم تكتفِ بمهامها كزوجة وأم لثلاثة أطفال، وكما تقول: «بعد فترة من زواجي من علي، اقترحت عليه أن يُعيّن أحداً يساعده في أعماله، وعندما لم يجد الشخص المناسب لذلك، أخبرته: «ما رأيك في أن أقوم بهذه المهمة وأصبح مساعدة مخرج لك؟ وهذا أمر منطقي». فأجابني: «لنُجرّب مدة عام ونرَ، وإذا سارت الأمور على ما يُرام.. نستمر»، فقد كانت لدى علي مخاوف من أن يؤثر عملنا معاً في علاقتنا كزوجين، والنتيجة أن تَعاوننا سار بشكل رائع».

المرأة المشغولة
لكن مها لم تكتفِ بمسؤولية مساعدة مُخرج، وبرَع اسمها في مجال تصميم الاكسسوارات وأزياء الأطفال التي أطلقت عليها تسمية «Little Farasha»، وعن هذا تقول: «أولادي قادوني لتصميم أزياء وحاجات الأطفال، إذ بدأت الفكرة أني كأم أردت فرحاً بقدوم توأميّ، أن أصمم لهما ملابس من ابتكاري، ومن ثم طلبت مني بعض الصديقات أن أصمم لأولادهن، حتى بعد ذلك صار لي اسمي في هذا المجال». ونسألها: كيف تقدرين على أن تكوني نساء عديدات في واحدة: أم وزوجة ومصممة أزياء للصغار حتى سن العاشرة؟ فتجيب: «لدينا مَثل إنجليزي يقول: (If You Want Something done, Ask A Busy Woman)، كما أن دعم وتشجيع زوجي علي لي كان له دور كبير في أن أحقق ذاتي وطموحاتي، وهكذا هي الحياة الزوجية مُشارَكة، وعندما يتطور الزوجان يعود هذا بالفائدة على الأبناء».

أغنية «الوعد»
على الرغم من أن مها ولدت في دبي، ووالدتها مصرية، لكنها لا تُجيد اللغة العربية، وإن كانت تفهمها، وفي هذا تقول: «أبي بريطاني، وعندما ذهبت لأدرس في إنجلترا كنا نعيش خارج العاصمة لندن، لذا كان صعباً أن أجد هناك مدرّسين عرباً، لكني على الرغم من أني مزيج عربي غربي، أشعر بأن الطابع الشرقي العربي يغلب عليّ». وتكشف لنا مها عن أنها تعرف عائلة زوجها قبل أن ترتبط به، قائلة: «عمّة علي بحكم صداقتها بأمي كانت عند ولادتي في المستشفى بدبي، كذلك أذكر أني قابلت والدة زوجي عندما كان عمري سبع سنوات، لكني لم ألتقِ علي إلا عندما كان عمري (16 سنة)، عندما صادفته خارجاً من منزل والده». وحول من قال بينهما للآخر كلمة «أحبّك» أولاً، بعد أن قرّرا الزواج، تُجيب مها: «لا أذكر، ولكني متأكدة أنها عندما قيلت كنا معاً نفهم أن هناك حُباً بيننا»، ولأن أغنية The Promise (الوعد) للمغنية Tracy Chapman، هي التي تُعيد مها بالذاكرة إلى يوم زفافهما، حين رقصا عليها، نختتم كلامنا معها بسؤالنا: ما الوعد الذي قدّمه علي لك؟ فتُجيب: «أن يحترمني ويحميني».