فراشة هي، طارت من غصن «فني» إلى زهرة، ومن زهرة إلى مسرح مفتوح، مختزنة رحيق الإبداع، لتصدح به لاحقاً، في مسيرة طويلة ملؤها الجمال.
ليلى مراد. ومن لا يعرف ليلى مراد، الناسكة في محراب الفنون، المتنقلة - كعصفور - من الغناء إلى التمثيل، وفي كلٍ، هي هي.
ولدت مراد عام 1918 وتعلمت الغناء باكراً على يد والدها الملحن، زكي مراد. وقصدت المدرسة قبل أن يقدمها أقرباؤها للإذاعة المصرية وهي بعد صبية صغيرة.
ليلى مراد، المغنية التي طبقت شهرتها الآفاق، أدت كذلك أدواراً في 27 فيلماً، أبرزها «غزل البنات»، «ليلى بنت الأغنياء»، «قلبي دليلي»، «عنبر»، «سيدة القطار».
والغريب أن ليلى مراد التي أضحت نجمة بارزة على امتداد البلدان العربية، فضلت الاعتزال باكراً جداً، إلى حين وفاتها، منتصف التسعينات.
في حي العباسية القاهري، تعرفت ليلى وهي بنت 12عاماً فقط على الملحن محمد عبد الوهاب الذي كان يزور والدها. ولفتت نظر هذا الملحن والفنان الكبير وهي تؤدي أغنياته «ياما أرق النسيم لما يداعب خيالي» وغيرها، ليفتتن بأسلوبها وصوتها، وليقرر لاحقاً أن تغني في حفلات عامة.
ويحكى أنها حين غنت في الإذاعة المصرية، شدت انتباه السيدة أم كلثوم، لتذهب إلى الاستوديو للقاء هذه الصبية المدهشة.
ويقال إنها حين علمت بوجود أم كلثوم، فزعت، خاصة وأنها كانت ستؤدي «أراك عصي الدمع» لأبي فراس الحمداني. وحين فرغت من أدائها فوجئت بكوكب الشرق تصفق لها. ولعل وقوف محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق إلى جوارها، فتح لها أبواباً إلى سماوات الفن والإبداع، لتحلق بجناحيها.
أما على صعيد حياتها الشخصية، فقد راج أنها وقعت في حب عبد الوهاب، لكنها في نهاية المطاف تزوجت الفنان أنور وجدي، وعانت كثيراً من غيرته، حسب تقارير صحافية.
ويقول صحافيون مصريون إن النجمة الكبيرة ماتت وهي شبه معدمة، بعد حياة توهجت فيها نجوميتها، ثم اختارت الانزواء والبعد عن كل ما له علاقة بالفن ومجتمعه. لكن، على أية حال، فإنها وإن بعدت، وإن رحلت، تبقى واحدة من العلامات الفارقة في تاريخ الفن العربي، ورائداته الكبيرات.