قلّما نجد نجماً يحظى بإعجاب النقاد والجمهور على حد سواء، فبعد كل عمل يقدمه الفنان الأردني إياد نصار، يُثبت أنه ممثل مخضرم قادرٌ على «التلوّن» وتقديم كل الشخصيات، فمنذ ظهوره في السينما والدراما المصرية، استطاع أن يحفر اسمه كنجم متميّز، أثبت رُسوخ خطواته في طريق النجومية، وآخرها دوره الاستثنائي في فيلم «تراب الماس»، من خلال دور «شريف مراد».

• لاحظنا لمعاناً كثيراً عبر دورك في فيلم «تراب الماس». فهل كنت على اطّلاع على الرواية الأصلية قبل تحويلها إلى فيلم سينمائي؟
قرأت رواية «تراب الماس» وقت صدورها منذ سنوات عدة، وفي هذه المرحلة كانت الرواية الشبابية تشق طريقها، وتصدّر الكاتب أحمد مراد المشهد وقتها، واهتممت بها ثقافياً ولم أفكر في مسألة تقديمها فيلماً، لذلك لم أتعايش مع أيٍّ من شخصياتها، وبعد مدة سمعت أن الرواية ستتحول إلى عمل سينمائي، وعندما تم طرح المشروع عليّ من قبل خلال المخرج مروان حامد، كان الأهم بالنسبة إليّ عملية تحويلها من رواية إلى عمل سينمائي، خاصة أن ذلك ليس سهلاً، حيث إن الكاتب في هذه اللحظة مُطالب بالحفاظ على نجومية الرواية، إلى جانب صنع المتعة للمشاهد، الذي هو في الأغلب على علم بالأحداث، نظراً إلى قراءته الرواية من قبل.

لا أبحث عن البطولة

• نراك تقدم بطولات وأدواراً رئيسية في الدراما التليفزيونية، بعكس ذلك في السينما.. ما السبب؟
يمكن ألا يُصدّقني أحد، لكن ليس لديّ حسابات البطولة المطلقة. فالأهم بالنسبة إليّ الاستمتاع بما أقدمه، فهوَس البطولة لا يسوقني وإنما حُب الاستمتاع بالتمثيل، وأريد أن أقول إن مصطلح البطولة الفردية هو عربي في الأساس، لأن كل من يمثل في الفيلم بطل، لذلك أنا لا أبحث عن البطولة، ولكن دائماً أسعى إلى تقديم الأدوار القوية.

• قدمت في «تراب الماس» شخصية إعلامي، فهل تأثرت بأحد في تأديتها؟
لم أتأثر بأي شخصية حقيقية، وكان بحثي في الشخصية هــــو عن «كواليس» نجومية شريف مراد، وبحثتُ في سحر الموضوعات التي يطرحها، وأيضاً الـ«كاريزما» المتميزة له، فهو يطرح قضايا إنسانية وسياسية تهم الناس، كما أنه يُعاني أزمة شخصية معيّنة.

• لكن الشخصية لم تكن ضمن شخصيات الرواية الأصيلة؟
تحويل الرواية إلى العمل الدرامي تتبعها بالطبيعي قراءة جديدة وتقنيات مختلفة منها إضافة شخصيات، ولا بد أن تكون إضافتها من أجل خلق عالم مؤثر في الأحداث، كما يجب أن تتم إضافتها حسب الرؤية العامة للعمل وقراءتها، فأنا مؤمن بذلك علمياً، ولم أرَ أزمة كوني أقدم شخصية غير موجودة في رواية «تراب الماس»، بل أرى أنه قد تُحذف شخصيات من العمل وهي موجودة في الرواية.

شخصيات مُركّبة

• الشخصية ظهرت بشكل مُركب ما بين ظهور «شريف مراد» بشخصية، وهو في الحقيقة شخصية مختلفة تماماً. حدثنا عن ذلك؟
جميعنا شخصيات مُركّبة، سواءً أكان في الحياة أم التمثيل. فكلٌّ منّا له أكثر من شخصية كامنة داخله، كما أن لكل منا في حياته أسراراً، وهذه هي الحقيقة وليست تركيبة، فالشخصية التي لها بُعد واحد لا تصلح للدراما، سواءً أكان في السينما أم التلفزيون، فأنا لديّ مصطلح أقوله دائماً عندما أناقش سيناريو مع مخرج أو مؤلف، وأقول «مش حقيقي» أو «ما اشتريتش»، هذه مصطلحات أستخدمها دائماً على الشخصية غير المركبة.

• لكن، ما السبب الحقيقي في قبولك تقديم هذا الدور؟
اتفاقي الكامل مع الرواية وطرحها الأساسي، ألا وهو أن هناك شخصاً عاش مع آخَر 20 عاماً وهو لا يعرفه، فدائماً حكمك على الآخر متغيّر، وحكمك من الذي تراه منه هو ما يجعلك تراه من نفسه، وهذه هي تركيبة شريف مراد في الدور الذي قدّمته، ولا يوجد أحد يستطيع تحليله سوى بالاكتشاف.


• هل كانت لك استعدادات خاصة لتقديم هذا الدور؟
أنا مؤمن بأننا كبشر طباعنا ليست واحدة. لذا أهم ما في تقديم الشخصية تَمثّل في كيفية تحمّل مسؤولية الفكرة وتقديم الطرح بالشكل المناسب، خاصة أن الشخصية لا يُمكن الحكم عليها، ليس بسبب الغموض، ولكن في كل مرحلة منها تتكشّف أجزاء فيها.

• ما الأشياء التي وجدتها قريبة منك، وأيضاً بعيدة عنك في شخصية شريف مراد؟
الشّبَه يَكمُن في أننا «بَني آدمين» وطبقات، منها الأشياء التي أحب إظهارها للناس، وأشياء أخفيها عمّن حولي حتى مع من يعيش معي، وكل إنسان لديه هذه التركيبة، وهذه الأشياء المشتركة أمتلكهـــا وأرفضها في الوقت نفســـه، فأتمنّى أن تصل حياتي إلى مرحلة الوضوح، وكل ما أفكر فيه أقوله. وأستطيع القول إنني مع مروان حامد، ابتكرت شخصية شريف مراد بالشكل الذي شاهده فيها الجمهور.

سينما الأفلام الخفيفة

• ألم تخشَ عدم تحقيق «تراب الماس» للنجاح المتوقع، خاصة أن الجمهور أصبح يفضل الأفلام الخفيفة، كما أن فيلمك كان لـ«الكبار فقط»؟
لم أشعر بالقلق تجاه الفيلم إطلاقاً، لكن هناك وَهماً يختلقهُ البعض في موضوع الإيرادات والنجاح، فعندما تكتشف بالأرقام سترى أن من يدخل السينما مليونا مصري فقط من 100 مليون، ولو لدينا إحصائية حقيقية عن الشباب واحتمالية دخولهم السينما، سنكتشف على الأقل وجود 18 مليون شاب يُفترض دخولهم السينما، لكن عندما يقول فنان فيلمي «كسّر الدنيا» وحقق أعلى إيرادات، وشاهده مليونان من 20 مليوناً، أعتقد أن هذا ليس نجاحاً لأنه فشل في استقطاب هؤلاء الشباب.

• لماذا لا تعترف بأن هناك أسباباً أدّت إلى ذلك الوضع، منها «القرصنة» مثلاً و«القنوات الفضائية»؟
أنا متأكد أن الناس لا يزالون يحبون سحر الشاشة الكبيرة (السينما). فهي موجودة ولها تأثيرها في الناس ولن يتغير، لكني متفق على أننا خاسرون لكل هؤلاء الملايين من المـــشاهدين ونُسمّي ذلك نجاحاً، لذا أعتقد أن نوعية الأفلام مثل «تـــــراب الماس»، من الممكن أن تُعيد الثقة للجمهور، وهناك نوعية أفلام معيّنة كانت مهتمه بشريحة من الجمهور وتملأ الدنيا ضجيجاً بحجّة أنها نجحت، وذلك في الحقيقة ما هو إلا وهم.

سينما الروايات

• ما رأيك في الروايات التي قُدمت كأعمال درامية خلال السنوات الماضية؟
شاهدت العديد منها، ولكني لا أستطيع التعليق على أخطاء غيري سوى أنني أتعلم منها فقط، ولكني كنت جزءاً من رواية «أفراح القبّة» التي قُدّمت مسلسلاً، فالمخرج محمد ياسين تعامل مع رُوح نجيب محفوظ، على الرغم من معرفته الجيدة بالرواية وتقديمها من قبل كثيراً، إلا أنه قدمها بشكل مختلف.

• لماذا تغلب دائماً الجدّية على أدوارك ولا تقدم «الكوميديا»، على الرغم من ظهورك في هذا «القالب» في أحد البرامج من قبل؟
لو وضعت بمكان صعب في مشروع كحالة كوميديّة سأعرف تقديمه، لكن لو عُرض على دور ليس في مكانه الصحيح فلن أعرف أن أقدمه، لذلك دائماً أنظر إلى المشروع ككل. وهل الناس لديهم قابليّة لاستقبالي في هذا المشروع بهذا الشكل؟ أعتقد أن هذا هو المهم.

أعمال مروان حامد

يُعلق الفنان إياد نصار على من يصف أعمال المخرج مروان حامد بالصعبة أو الثقيلة على ذهن المشاهد، بالقول: «لا أجد فيها صعوبة.. فمروان حامد يعرف كيف يقدم الفيلم الجماهيري، وفي الوقت نفسه نجده يقدم مشاريع ذات قيمة، مثل «عمارة يعقوبيان» و«الفيل الأزرق». لذا أصبحت هناك ثقة مُتبادلة بين النجوم ومروان، وأثبت أنه يستطيع تقديم أصعب المشاريع، وإيصالها إلى الجمهور بشكل مُباشر».