وصلني رابط فيديو حول أن رجلاً كبيراً في السن أصيب بالزهايمر، وهو مرض النسيان، ويقول الحفيد فيه إن جده أصيب بالزهايمر ونسي أسماء جميع من حوله بمن فيهم زوجته، وأصبح ينادي الجميع باسم امرأة لا يعرفونها، ربما بل المؤكد أنها الحب القديم الذي بقي في القلب.
تزامن هذا الرابط مع دراسة حديثة تشير إلى أن هناك ملايين الخلايا في القلب تعطي المخ إشارات، منها مشاعر الحب ومشاعر الحزن والفرح، مما يشير إلى أنه ليس المخ وحده هو المسؤول عن الذاكرة، وقد دعمت هذه النظرية بالكثير من الحالات في عملية زراعة القلب، حيث قام بعض المرضى بتناول أغذية لم يكونوا محبين لها قبل العملية، والتعلق بأمكنة لم يعرفوها من قبل.
إن العرب في شعرهم منذ الجاهلية وهم يشيرون إلى أن القلب هو موطن الحب، والقرآن أشار إلى التفكير بالقلوب، وهكذا يكون الشعراء العرب أول من اكتشف هذه الحالة، وإن براءة الاختراع مسجلة باسمهم قبل معرفة العلم الحديث لهذه الحقيقة.
القلب إذاً ليس مضخة كما يقال عنها دائماً، بصورة تشوه الفكرة الرائعة للقلب وعلاقته بالحب وبالذاكرة حديثاً، فارفقوا بقلوبكم فهي المكان الآمن لمن تحبون، فإن تعمدت الذاكرة نسيان أمر ما أو شخص أحببناه، فإن للقلب رأياً آخر، بما لا يستطيع أن يعبر عنه أمام سطوة العقل وما يقرره، وأمام عنترية اللسان، حيث يقرر، يقول ما يشاء عمن يحبها، فإن كانت هناك امرأة قابعة في ذاكرة القلب، فكأن الزهايمر هو المرض الذي يرسله القلب إلى المخ، حتى يعطله فيتذكر تلك المرأة بكل ما تركت من أثر في قلب محبها.
ذاكرتنا قلوبنا إذاً، فمن ندعي نسيانهم بعد حب عظيم، فإن ادعاءنا مؤقت، وإننا نعيش حالة عاطفية مصطنعة، قوامها العقل بكل ما فيه من حيثيات وأسباب، قد تكون فكرية أو اجتماعية أو اقتصادية، وهي من طبيعة الحياة أن تكون هناك الكفاءة، ولكن القلب لا يبحث عن كل تلك المبررات ولا يعيرها اهتماماً، فالقلب إذا أحب صدق، والعقل إذا أحب جامل.
إن حكاية الجد هذه دفعتني إلى محاولة البحث عن تلك المرأة، وكان من الواجب على الحفيد أن يبحث عن تلك المرأة، حتى تعود البسمة لجده، وربما تعود البسمة لها،  لقد سكنت تلك المرأة كل تلك السنين، مختفية بقرار من الرجل، ولكن القلب لا يعير اهتماماً لقرارات الرجل إن كانت هناك من أحبها القلب، ورفضها العقل لسبب ما.

شعر

قلبي ذاكرتي وعيوني

قلبي ذاكرتي فانتبهي

تعرفُ من يسكنُ في قلبي

من قلبي دوماً واقتربي

تعرفُ من تكتبُ قصتها

لا للنسيان أسطرها

بجدار القلبِ وبالكتبِ

ما دام دخولك من سببي

من تزرعُ في غدها حلماً

فإذا ما العقل سهى وجفا

يزهو بالتيهِ وبالعجبِ

سيعيدك قلبٌ من ذهبِ