شكلت مفردات المحبة والسلام والتسامُح والانفتاح والتعايُش مع الآخرين، مكونات رئيسية في نهج التعددية الثقافية لدولة الإمارات منذ تأسيسها، وباتت الدولة حاضنة لقيم التسامح والسلم والأمان وصوْن الحريات واحترام الآخر، إذ تضم أكثر من 200 جنسية تنعم بالحياة الكريمة والاحترام، كما ترسّخ قوانين الدولة قيم الاحترام والمساواة، وتجرّم الكراهية والعصبية وأسباب الفرقة والاختلاف، بحسب عقيلات سفراء في الدولة. وهؤلاء قلن لـ«زهرة الخليج»، بمناسبة إطلاق «عام التسامح» 2019، إن الإمارات تُعد «أيقونة التسامح» في العالم، وأضْحَت عاصمة عالمية تلتقي فيها حضارات الشرق والغرب لتعزيز السلام والتقارُب بين الشعوب، وهذا جعلها مَقصداً للجميع من مختلف بلدان العالم، بغض النظر عن لونهم أو عرقهم أو دينهم.

اللّبِنة الأولى

عقيلة السفير الجزائري، السيدة سامية عطية، تؤكد أن التسامح في دولة الإمارات هو امتداد لنهج المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيّب الله ثراه)، عندما وضع اللّبنة الأولى للتسامح والتعايُش وقبول الآخر، فحصد حُب الجميع داخل الدولة وخارجها، ولا ننسى مقولته الشهيرة: (الأرض أرض الله والمال مال الله)، فقد وَحّد (طيّب الله ثراه) جميع من يعيش على أرض الإمارات تحت مظلة الحب والتسامح وقبول الآخر، واستطاع أن يؤسس نموذجاً مُلهماً للتعايش والمحبة والإخاء.

الكل سواء

أما عقيلة السفير الفلسطيني، السيدة رنا مصالحة، فتقول: «عندما نفكر في صفة التسامح وما تحمله من معاني الحب والتوافق الإنساني بين الناس، يتبادر إلى الذهن الوضع القائم والسائد في دولة الإمارات، ونستطيع أن نرى ملامح هذا التسامح في كل مكان حولنا، خاصةً أن الإمارات تحتضن تحت سمائها العديد من الجنسيات المختلفة من شتّى أنحاء العالم، يعيشون في وئام وتسامُح بفعل حكمة ورؤية قادة وشيوخ هذا البلد المعطاء، وطيبة وكرم وتسامح أبنائها (عيال زايد)، الذين نهلوا من حكمة وسماحة المغفور له الشيخ زايد (طيّب الله ثراه)، فقد ترك لهم إرثاً عظيماً سار على نهجه الأبناء والأحفاد، فأصبح التعامل بين الجميع سيمفونية مُتناغمة من الحب والسلام والتعاضُد والتعاون».

قبول الآخَر

بدورها، تؤكد عقيلة السفير الفرنسي، السيدة استيل بانيون، أن التسامح في دولة الإمارات يبدو جليّاً من خلال وجود أكثر من 200 جنسية مختلفة، يجمعهم الحب والوئام، مُشيرة إلى أنها تعشق الطعام العربي عامة والإماراتي بصفة خاصة، مُعربةً عن سعادتها كونها جزءاً من هذا البلد الجميل المتسامح. وتقول إن الإمارات أصبحت نموذجاً عالمياً في التسامح وقبول الآخر، وضربت مثلاً بإطلاق اسم السيدة مريم أم عيسى (عليهما السلام)، على «مسجد الشيخ محمد بن زايد» في منطقه المشرف بأبوظبي، ترسيخاً للصِّلات الإنسانية والقواسم المشتركة بين جميع الأديان السماوية، كما تحتضن الدولة حالياً العديد من الكنائس والمعابد التي تُتيح للأفراد ممارسة شعائرهم الدينية، فضلاً عن المبادرات الدولية التي ترسّخ الأمن والسلم العالمي، وتحقق العيش الكريم للجميع، مما جعل الإمارات وجهة عالمية للتسامح وصَوْن الحريات. مؤكدةً أن التسامح في الإمارات له أوجُه كثيرة، مثل وجود أكثر من 50 جنسية مختلفة في مدرسة أبنائها «المدرسة الفرنسية»، وعلى الرغم من ذلك لا توجد أي تفرقة بين الطلاب بسبب الجنس أو العرق أو الديانة، فالجميع أصدقاء يتشاركون التعليم والأنشطة التطوعية، ويتزاورون أثناء العطلات الدراسية، مُعربة عن سعادتها للتلاحُم والتعاضد الذي يجمع دولة فرنسا ودولة الإمارات.

وطن ثانٍ

من جهتها، توضح عقيلة سفير أورجواي، السيدة بريندا شابين، أنها تعيش على أرض الإمارات منذ نحو خمس سنوات، ولم تشعر بالغربة يوماً بل تشعر دائماً بأنها في وطنها الثاني، وبأن لديها جيراناً من الجنسية العربية ويرحّبون دَوْماً بوجودها بينهم، على الرغم من أنهم لا يتحدثون معها كثيراً بسبب اختلاف اللغة، إلا أنها ترى في عيونهم الفرحة والابتسامة البَشوشة عندما تتبادل معهم السلام.
وتضيف: «إن رابطة عقيلات السفراء الدولية في الإمارات أكبر دليل على المحبة والتسامح، فعلى الرغم من اختلاف جنسيات الدول الموجودة، فإنهن يتزاورن ويعقدن الكثير من الاجتماعات لمناقشة المبادرات التطوعية والموضوعات المطروحة، والتي آخرها اجتماع بعنوان «التسامُح» في فيلا السفير البولندي مؤخراً.
وتشعر شابين بالفخر لوجودها في الإمارات، وتُثمّن مُبادرة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة (حفظه الله)، بجعل 2019 عاماً للتسامح، وتقول: «هذا ليس بغريب، خاصة عندما نشاهد الكثير من المساعدات التي تقدمها الدولة، وحماية حقوق الطفل واندماج جميع الجنسيات في الكثير من المناسبات، فنجد المسلم يحتفل برأس السنة الميلادية، والديانات الأخرى تحتفل بالأجواء الرمضانية والأعياد الإسلامية، والكل يتزاور في مَحبّة وسعادة مُهنّئين بعضهم، تجمعهم مشاعر الأخوة والمحبة، يعيشون ويعملون معاً لبناء مستقبل أبنائهم من دون خوف أو قلق من تعصب أو كراهية أو تمييز عنصري أو تفرقة بناءً على لون أو دين أو طائفة».

وجهة للجميع

من جهتها، تؤكد عقيلة سفير ليبيا، السيدة نادية الحشاني، أن التسامح هو لفظ يجمع في معناه كل الأخلاق الرفيعة، التي تعتني بتعزيز مساحات الود والإخاء بين الآخرين، وتهتم بمشاعرهم والعلاقات معهم. وتضيف: «التسامح يعني العفو والصفح والمسامحة والعطاء والبذل، لكل هذه المعاني التي أمرنا بها ديننا الحنيف في القرآن الكريم والسنّة النبوية المطهّرة، قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بتعزيز التسامح بأنواعه، فكانت بذلك قدوة ووجهة للجميع».
وتُنوّه الحشاني بأن هذا البلد المعطاء الذي يضم نحو 200 جنسية، كلها تنعم بقانون واحد يُهيّئ لها جميعاً أسباب الاحترام والمساواة، حولها ذلك إلى حاضنة لقيم التسامح وتَقبّل الآخر.
وتختتم الحشاني بالقول: «إن دولة الإمارات رسّخت مبادئ العدل والمساواة والتآلف والتسامح واحترام الآخر بين الأديان والأعراق والثقافات، نهجاً ثابتاً لا يقتصر على الداخل بين مكونات المجتمع الإماراتي فحسب، بل يحكم علاقات الدولة بالعالم الخارجي، مُضيفة أن الإمارات تحمل رسالة عالمية ومهمة حضارية في ترسيخ هذه القيمة إقليمياً ودولياً.