كلنا شاهدنا مقاطع فيديو، تنفي كروية الأرض، وتشكك في هبوط الإنسان على سطح القمر، أو تعزو الزلازل إلى خطايا البشر، وليس إلى حرارة جوف الأرض وتآكل طبقاتها الداخلية، وغير ذلك من اعتقادات، تتناقض مع الحقائق العلمية الدامغة!
موقفنا من هذا المحتوى الضار، والموجه لترويج الخرافة، مهما كان، لا يعني أنه غير متداول، على نحو واسع في إعلام الثورة الرقمية، وهذا كان سبباً كافياً ليتحرك عملاق الفيديو «يوتيوب» نحو إقصاء المقاطع التي تطرح نظريات أو فرضيات تخالف العلم، دون منهج وبحث وأدلة، مثل فيديوهات كثيرة، تؤكد أن «الأرض مسطحة»، وتحقق أرقام مشاهدة عالية.
«يوتيوب» لن يحجب تلك المقاطع، لكنه سيجعل نسبة التعرض لها قليلة جداً، ذلك يعني أن لدى الموقع لجنة علمية مثلاً، تقرر ما يتفق مع العلم أو يناقضه، وربما عليها، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي كافة، أن تجد حلولاً لتفشي الخرافة في حياتنا الرقمية، ليس إزاء الحقائق الكونية الكبرى فقط، وإنما تجاه كل المحتويات التحريضية والتجارية، التي تضر بوعي الإنسان وصحته وأمنه.
لقد شاهدنا على «يوتيوب» نفسه مقاطع عن انتحار المراهقين، والوسائل الأكثر سرعة للوصول إلى نشوة المخدرات، وأيضاً الأدوية الشعبية، التي لم تدخل أي مختبر، لكن لديها قدرة سحرية على علاج الأمراض المستعصية، كالسرطان والسكري والإيدز. ورأى كثير منا فظائع الإرهاب في قطع الرؤوس، وذبح الأطفال، وكل هذا الرعب يحتاج أيضاً إلى تقليل نسبة عرضه، وربما هناك من يرى وجوب منعه تماماً.

ضوء

إقصاء فيديو ينفي وجود كوكب المريخ إجراء جيد، لكن هذا المحتوى ليس أكثر خطراً وضرراً من ملايين المقاطع التي تحض الناس على مقاطعة الطب الحديث، واللجوء إلى تركيبات العشّابين، أو إلى تجار السحر الأسود والشعوذة.