تخوض لجينة (معنى اسمها قطعة الفضة) اليوم رحلة تحدٍّ وثقة بالذات، لتواصل مسيرتها في عالم الجمال، بموهبتها الفطرية التي طوّرتها أكاديمياً، هادفة إلى تشجيع النساء على تقبّل أنفسهن، وتعزيز شعورهن بالقوة الذاتية والثقة بالنفس، حتى يتمكنّ من التعبير عن أنفسهن بشكل صادق وصريح.

• متى بدأت مشكلتك مع بشرتك؟
عندما كنت في الثامنة من عمري، كنت أعاني «الصدفيّة»، لكنها اختفت فجأةً وظهرت في مكانها بُقع بيضاء اللون في غضون فترة قصيرة جداً من دون أي مُقدّمات، وانتشرت على وجهي بشكل جنوني. وعندما ذهبت إلى الطبيب أخبرني أنني أعاني مرض (lupus anti-coagulant)، وهو نوع من أنواع مرض المناعة الذاتية، أي يبدأ جهاز المناعة باستهداف الجسم، وفي حالتي يهاجم الجلد، مما يُسمّى «البهاق». وعلمت حينها أنه ليس هناك علاج فعلي للمرض، ولكن الطبيب أعطاني مجموعة من المراهم والحبوب لإبطاء انتشار البُقع.

أفعال سلبية

• ما الصعوبات التي واجهتها خلال طفولتك بسبب هذه الحالة؟
كنت أواجه الكثير من العقبات بسبب الأطفال من حولي، كونهم لم يتفهّموا حالتي، وللأسف كان آباؤهم يُحذرونهم من الاقتراب مني والتعامُل معي، وحتى السلام عليّ، لأنهم يعتقدون أني مُصابة بمرضٍ مُعدٍ.

• كيف واجهت ردود الأفعال السلبية والمتنمرين؟
عندما كنت صغيرة كانت هذه التصرفات من زملائي في المدرسة والنادي الرياضي، حيث كنت أمارس «كرة اليد» و«السباحة» و«التزلج» تُزعجني جداً، وكنت أشعر بالحزن والوحدة. ولكن أهلي كانوا على درجة عالية من الثقافة والوعي وقدّموا لي الكثير من الدعم وأمَدّوني بالثقة والقوة لأواجه أي كلام سلبي، وشجّعوني على الحديث وتوعية أصدقائي لتثقيفهم وطمأنتهم.

رحلة الجمال

• كيف بدأت رحلتك في عالم الجمال؟
عندما بدأت بُقع من «البهاق» كبيرة الحجم بالظهور على وجهي وجسدي، كنت أعاني عدم الثقة بنفسي وأحاول إخفاءها، حتى لا يعرف أحد بحالتي. فكنت أخلط ألواناً مختلفة من مكياج الأساس، في محاولة لإخفاء أكبر مساحة ممكنة من بشرتي. وبدأت أبحث عن التركيبات والدرجات الجديدة والمتطورة وأتعلم التقنيات وأساليب التطبيق المختلفة، ومن هنا بدأ حُبّي للمكياج والتجميل. وفي ذلك الوقت أراد والدي أن أعمل في مجال المالية والبنوك، لكنني شعرت بأن هذا المجال لن يمنحني الفرصة لتوصيل رسالتي إلى العالم. فبعد تخرّجي في الجامعة ذهبت إلى نيويورك لدراسة المكياج.

• هل تفضلين تغطية بشرتك بالمكياج أم تركها على طبيعتها؟
أفضّل أن تكون طبيعية ومن دون مكياج، لأنني أؤمن بأن الصفات والملامح المختلفة، هي التي تُميّز كل شخص وتجعله فريداً من نوعه. وإذا كان صادقاً مع نفسه سيحصل على احترام الآخرين. وأنا أمارس هذه الفلسفة وأتّبعها في حياتي اليومية، فأصبحت لا أنظر إلى بشرتي على أنها مشكلة، بل كجزء مني وأفتخر بها. أحب وضع المكياج في المناسبات كوسيلة لتغيير شكلي، ولأشعر بأن إطلالتي أكثر سحراً وجمالاً، وليس لزيادة ثقتي بنفسي، فالمكياج ليس مصدر أمان بالنسبة إليّ.

• كيف كانت ردود أفعال مُتابعيك عندما ظهرت لأول مرة من دون مكياج في صورك المنشورة على وسائل «التواصل الاجتماعي»؟
في بداية مشواري المهني كخبيرة مكياج محترفة، كنت أمنع المصورين من التقاط صور في غرفة تحضير العرائس، لأنني كنت أشعر بالخجل بسبب جلدي. ولكن منذ حوالي عامين أقنعتني صديقة عزيزة عليّ بأن إطلالتي جميلة وفريدة وعليّ ألا أخجل منها، وقررت في تلك اللحظة أن أكون طبيعية وأظهر كما أنا. وبالطبع واجهت الكثير من التعليقات السلبية، لكني في الوقت نفسه وجدت كمّاً هائلاً من التعليقات الإيجابية أيضاً، والآن معظم مُتابعيّ لا يريدونني أن أضع المكياج على الإطلاق. لذلك أشعر بأنني أثّرت في آراء الناس، ولعبت دوراً إيجابياً في كيفيّة مَنظورهم إلى مَعايير الجمال.

قيم جمالية

• ما الدور الذي لعبته وسائل «التواصل الاجتماعي» في تطوير فلسفتك الجمالية؟
منذ البداية وأنا أستخدم هذه المنصات منبَراً لنشر رسالتي، فهي نافذة كبيرة تطل على العالم وتمنحك الفرصة للتحدث مع الجميع أينما كانوا. لقد لعبَت دوراً كبيراً في حياتي، لذلك أحاول أن أستخدمها بالطريقة الصحيحة لنشر رسالة إيجابية.

• ما نصائحك للفتيات اللاتي يعانين قلة الثقة في أنفسهن ومظهرهن؟
دائماً أقول: «تقبلي نفسك كما أنت». لا بأس من التغيير والتطوير من ذاتك، ولكن إذا كان شكلك مصدر ثقتك بنفسك فهذه مشكلة. فعندما تكونين غير راضية عن مظهرك وتشعرين بعدم الارتياح في جلدك، ستصبحين عدوّك الأكبر، وهذا سينعكس على كل جوانب حياتك. لذا أحيطي نفسك بأشخاص صادقين يتقبّلونك كما أنت، وأحبّي نفسك وتعاملي معها بحب ورفق، كوني أنت صديقتك المقرّبة.

• ما القيم الجمالية التي تريدين غرسها في ابنتك؟
أحاول أن أعلّمها دائماً أهمية احترام الآخرين، وتقدير الاختلافات بينهم، وأن نقيس الناس بالاحترام المتبادل بيننا. أحاول أن أساعدها على أن تعتبر الاختلافات في الشكل والثقافة والتفكير أشياء طبيعية تماماً. وما دام هذا الشخص لم يؤذِها، فعليها أن تحترم آراءه حتى إذا كانت عكس آرائها. من المهم جداً أن تُعامل كل الناس بلطف وطيبة، وتضع نفسها في مكان الآخرين.

مثل أعلى

• من رموز الجمال بالنسبة إليك؟
أحب نجوى كرم، لأنها شخصية محترمة وتحافظ على جمالها وأناقتها. وأعشق شخصية جينيفر لوبيز المتواضعة والإيجابية وجمالها الطبيعي.

• ما شعورك عندما يصفونك بـ«مثل أعلى للفتيات»؟
أحب أن أكون مَثَلاً أعلى للنساء، ولكن في الوقت ذاته أدرك أن هذه مسؤولية كبيرة جداً وآخذ هذه المسألة في عين الاعتبار، قبل نشري لأي صورة أو فكرة جديدة. وتدور في رأسي تساؤلات عدّة، مثل: كيف يمكنني تحويل رأي سلبي إلى منظور إيجابي؟ كيف يمكنني كسر الصّوَر المعتادة والآراء التقليدية؟ كيف يمكنني مساعدة النساء على بناء ثقتهن بأنفسهن؟

• هذا العام هو «عام التسامُح» في دولة الإمارات، هل تعتقدين أن العالم العربي يتجه الآن نحو التسامح والتعايُش وتقبّل الآخَر؟
أشعر بأن البلاد العربية قد تغيرت كثيراً في الآونة الأخيرة، وأصبح الشرق الأوسط مكاناً أكثر تسامُحاً وتقبّلاً لكل ما هو مختلف أو غير مألوف. فهناك تركيز الآن في الإعلام ووسائل «التواصل الاجتماعي» على إظهار جميع فئات المجتمع، والاحتفال بالفروق بين الناس وتشجيعهم على تقبّلها. أصبحت الآن فكرة إخفاء الأشخاص أصحاب الصفات المختلفة عن أعين المجتمع شيئاً غير مقبول. فليس من الضروري أن نشبه بعضنا البعض!

• بصفتك شابة عربية، ماذا تريدين تغييره في عالم الجمال في هذه المنطقة؟
أنا فخورة جداً بأني مصرية وعربية، ولكن أتمنى لو أن النساء في منطقتنا العربية يُدركن أنه ليس هناك إطار معين للجمال عليهن الالتزام به، وهذا الأمر انتشر في الغرب وأصبح عادياً. نرى عارضات أزياء من «أصحاب الهمم» على منصات كبرى دُور الأزياء، وشخصيات مثل (ويني هارلو) التي تعاني أيضاً  «البهاق» على أغلفة أشهر مجلات الموضة، وفي إعلانات شركات التجميل العالمية. وأتمنّى أن ينتقل هذا التفكير إلى العالم العربي أيضاً.

• ما النصائح الجمالية التي أهدتها لك أمك؟
كانت أمي دائماً طبيعية، تنتقي وتتبع الصيحات التي تليق بها وبشخصيتها، وأنا ورثت هذا منها.

• ما أهدافك للمستقبل؟
أن أقوم بعمل جلسات وورش تعليمية خاصة بالجمال حول العالم. كما أن لديّ شغفاً كبيراً للتحدث التحفيزي لتشجيع النساء على تقبّل أنفسهن، وتعزيز شعورهن بالقوة الذاتية والثقة بالنفس، حتى يتمكنّ من التعبير عن أنفسهن بشكل صادق وصريح.

نصائح جمالية

توجّه خبيرة التجميل لجينة صلاح نصائحها الجمالية إلى الفتيات في العالم العربي قائلة: «الجمال يبدأ من الداخل، فعليك العناية بجسدك وبصحّتك أولاً. اخضعي للتحاليل الدورية للكشف عن أي نقص في نسب الفيتامينات أو المعادن في جسمك، فما يحدث من الداخل ينعكس على المظهر الخارجي. كما يجب أن تعتني ببشرتك جيداً لأن المكياج لن يبدو جميلاً إذا لم يكن الأساس من تحته في حالة جيدة. وعندما يتعلق الأمر بالمكياج، ليست هناك قاعدة واحدة تنطبق على الجميع. افعلي ما يليق بك وبشخصيتك وكوني بسيطة، فإذا كانت إطلالتك بسيطة ستبدين أنيقة دَوْماً، ولا تُقلّدي الموضة فحسب».

عناية بالبشرة

توضّح خبيرة التجميل لجينة صلاح، طريقتها للعناية بالبشرة، بالقول: «أعتني ببشرتي بدقة، لذلك فهي بصحة جيدة جداً، فأنا أذهب إلى أخصائي الأمراض الجلدية كل ستة أشهر للخضوع لفحوص دورية، للاطمئنان على حالة جلدي والتأكد من مُرونته. وبشكل عام، لا أعرّض بشرتي للشمس من دون وضع كريم واقٍ، يحتوي على نسبة عالية من حماية الـ(SPF)، كما أنني أستخدم أقنعة الوجه مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع. أضع زيت فيتامين (E) على وجهي قبل الخلود إلى النوم، وأستخدم مستحضرات تحتوي على الـ«كولاجين» و«حمض الهيالورونيك» يوماً بعد يوم. أنصح مُتابعاتي باستعمال مستحضرات مُحاربة للشيخوخة في منتصف العشرينات من العمر، لتجنب ظهور علامات التقدم في السن، مما سيُساعدهن على تجنب استعمال الـ«بوتوكس» والـ«فيلرز» في المستقبل.