المندوس الذي يحمل بداخله الأسرار والأشياء الثمنية، حمل هذه المرة السلام من امرأة إماراتية استطاعت أن تبرز اسمها خلال زيارة الحبر الأعظم البابا فرانسيس لدولة الإمارات، وأن تكون الهدية المقدمة له من تصميمها. إنها الإماراتية الجود لوتاه التي تعرف تماماً معنى هذا الوطن الذي يدعو للتسامح والسلام وتجسير العلاقة بين الأديان، وما أحوجنا اإليها في هذا الزمن.

موقع زهرة الخليج التقى المصممة الإماراتية الجود لوتاه لتعرفنا على حكايتها مع تصميم هذه الهدية "صندوق المندوس" وكيف اختيرت من بين فتيات وشبان كثر، لتكون هي صاحبة هذا الحظ وتدخل بوابة التاريخ التي تدعو للتسامح والسلام.

حول اختيارها لتصميم وصنع هذه الهدية، كشفت الجود لوتاه أن وزارة الثقافة وتنمية المجتمع قامت بتوفير الوِثيقة التاريخية، وتواصلوا معها لتصميم الهدية التاريخية، طالبين منها أن تقدم أفكاراً للتصميم، وأضافت أن الهدية وهي عبارة عن الوثيقة التاريخية الأصلية الموقعة بين الشيخ شخبوط بن سلطان عام 1963 والتي يهدي بموجبها قطعة أرض لبناء أول كنيسة كاثوليكية في الإمارات، واعتبرت أن هذه الهدية هي الأغلى في تاريخ الإمارات لما تحمله من معنى للإنسانية والتسامح.

وعن فكرة تصميم الهدية، أكدت الجود أنها اختارت التراث الإمارتي وتحديداً المندوس وهو عبارة عن صندوق خشبي بسيط، وقالت: "يتصف المندوس بجماليات فنية ومهارات حرفية تعكس الإبداع، والذي كان قديماً قلب كل بيت إماراتي، يخفي في حناياه أسرار حياة أجدادنا وذكرياتهم، وعطوراتهم ومداخراتهم وأشيائهم الثمينة والغالية، والذي حرصت على تغليفه من الخارج بجلد الإبل على طريقة النسج".

وعبرت المصممة الإماراتية عن سعادتها وفخرها لأنها اختيرت لتصميم هدية البابا فرانسيس، وقالت: "إنه لشرف عظيم أن أكون جزءاً من هذا الاحتفال وهذه المبادرة العظيمة، وعندما شاهدت الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي يهدي  البابا فرنسيس هذه الوثيقة التاريخية، ويشير إلى العمل الذي صممته ويشرح تفاصيله أمام البابا أحسست بشعور لا يمكن وصفه، لحظة مهمة، ومشرفة أن يقدم هديتي صاحب السمو، والموضوع ليس أنني قمت بتصميم هدية قوبلت بالاستحسان والرضى إنما هو شعور لا أملك أمامه سوى الشكر لله على توفيقه، والشكر لهذا الوطن الذي آمن بقدراتي وهذا وسام يجعلني أعيش أمام تحدي دائم ماذا سأقدم لوطني وكيف استطيع أن أخدم وطني وطن الأمان والسلام ".

ووجهت الجود شكرها لعائلتها التي طالما ساندتها، وآمنت بقدراتها ولفريق عملها الذي كان كأجنحة لها تقودها إلى بر الأمان.

واعتبرت جود أن التسامح ليس بجديد على دولة الإمارات العربية المتحدة إنما هو إكمال لما بدأه المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، ومدى حرصه على غرس قيم التعايش والتسامح الإنساني على أرض هذا الوطن، وزيارة البابا هي مبادرة عظيمة للإمارات لتواصل مسيرتها بأن تكون صلة الوصل بين الشرق والغرب، وجسر حقيقي للسلام بين الأديان وخاصة أن الأرض العربية هي مهد كل الأديان.

وعن حضور المرأة الإماراتية ودورها الحقيقي في رسالة السلام، أكدت الجود أن المرأة الإماراتية حاضرة في جميع المحافل والمناصب وليس فقط في رسالة السلام، مشيرةً إلى أن ما تحظى به من تمكين يجعل منها اللبنة الأساسية في نسيج هذا المجتمع، ويخولها للعب الدور الأعظم في بناء هذا الوطن، بفضل ما ارتأته القيادة الحكيمة لدولة الإمارات، وأضافت قائلة: " يجب على كل امرأة إماراتية أن تبدع وتثبت وجودها في هذا الوطن الرائع".