قمة «إيفرست» الأعلى على وجه البسيطة، والناتئة ذات التضاريس. على الرغم من ذلك، يشكل ارتفاعها المضبوط موضع جدل،
مُراوحاً بين 8839 متراً على الأقل و8860 متراً على الأكثر، بحسب البعثات العلمية وطريقة القياس المتبعة والموسم.

في أي حال، يدعوها أهل النيبال «رأس السماء»، بينما أطلقت نيبال اسم «شيرپا» على القمة وجبل «إيفرست» في حد ذاته، وذلك في عام 1960. أما سكان التبت، فيُسمّونها من جانبهم «شومو لونغما»، أي «أم الكون». وأهل الهملايا أدرى بشِعابها.

لكن، مَن غير سكان النيبال والتّبت يعرف تلك الأسماء ويتداولها؟ فالتسمية الدولية الشائعة مختلفة تماماً عن مفردات المعنيّين أصحاب الأرض. فلماذا إذن أُطلق اسم «إيفرست» Everest على أعلى «بلكونة» تُشرف على كوكب الأرض؟

في الواقع، تعود كنْيَة «إيفرست» لأسباب استعمارية. ففي عام 1865، أزْمَع الجنرال البريطاني «أندرو سكوت واو» Andrew Scott Waugh، المفتش العام للمسح الجغرافي في الهند البريطانية، إطلاق تسمية رسمية لأسباب استراتيجية وعسكرية، تتعلق بشكل خاص برسم خرائط عسكرية لأغراض السيطرة والغزو والاحتلال. فاختار اسم «إيفرست» تيمّناً بلقب سلفه في ذلك المنصب، الكولونيل جورج إيفرست.

والجنرال واو لم يُدرك، آنذاك، أن الأمر يتعلق بأعلى قمة، إنما شك في ذلك وحسب. كما يبدو أنه لم يقل الحقيقة حين ذكر «لقد لقّنني سَلفي وأستاذي المبجّل السير جورج إيفرست، أن أعتمد الأسماء المحلية للأماكن الجغرافية. لكننا هنا إزاء جبل عملاق، ربما الأعلى في العالم، لا يُعرف له اسم محلي. ولو كان له اسم محلي، فلن نكون على بيّنة منه سوى بعد دخولنا النيبال. في انتظار ذلك اليوم، يتعين عليّ إيجاد اسم له لكي يناديه به جغرافيّو الأمم المتمدّنة ومواطنوها». فهل يُعقل أن المحليين لم يطلقوا اسماً منذ مئات السنين على أكثر جبال منطقتهم شموخاً؟

في أي حال، سواء أكذب الجنرال واو أم لا، فإن زوار المكان يرددون اسمه عفوياً منذ أكثر من قرن. فحين يأتي الزائر الأجنبي، فيُبهره المكان ببهائه وضخامته وجَبَروته، لا يندر أن يصرخ «واو Wow!». والجبل يُثير الرهبة حقاً، بهيمنته وهيبته في قلب عقدة پامير، المسماة «سقف العالم»، في خِضمّ سلسلة الهملايا الشاهقة.