المشهد تقريباً في كل منزل من منازل العالم، وكل ما يتطلبه الأمر هو إنسان في مرحلة الاستيقاظ من النوم والخروج من سريره لبدء يومه، وفي تلك اللحظة يتحدّد الشكل العام ليومنا، فإذا كانت الأفكار التي نستيقظ معها إيجابية، يكون يومنا في الغالب كذلك، وإذا كانت أفكارنا سلبية يكون يومنا سجناً يُقفل بابه في وجه كل محاولة لإخراجنا مما نحن فيه.
أحب أن أصوّر ذلك لمن يقرأ سطوري الآن، بالشكل البسيط الذي كانت تعرضه الرسوم المتحركة لنا، فكل إنسان يستيقظ وفوق رأسه (بالون كلامٍ)، فالإيجابي المنطلق للحياة أفكاره بالألوان الزاهية، ليس لأن حياته كاملة لا تحديات فيها ولكن لأنه اختار أن يرى هذا الجانب فيها. وأما المتشائم أو الذي يرى الاستيقاظ مجرّد يومٍ آخر سيمضي، يكون شكل بالون أفكاره بخطوط عموديه أقرب إلى زنزانة وضع يومه فيها.
هذا على مستوى الأفراد، ولكنّ الوصايا العشر للإدارة الحكومية، التي تضمنها كتاب (قصتي) لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، استوقفتني وخاصة وصيتين منها، هي: ابتكر أو انسحب، وانطلق لبناء الحياة. التي عنونت سطوري بها. ففي هاتين الوصيتين تشخيص للعائق أمام تطور حياة البشر في مختلف أنحاء العالم، لأن الموظف الحكومي مهما كانت درجته وصولاً للقيادة، هو إنسان وما يميزه ليس فقط مؤهلاته ولكن نظرته ورؤيته لدوره، وهذه الرؤية تنعكس في نتائج الدور الموكل له.
العالم المستقبلي الذي بدأنا نلمسه ونعيشه منذ الآن وسط العصر الرقمي والتطور الهائل، الذي نشهده كل لحظة، يتطلب أشخاصاً يستيقظون مع نية الانطلاق لبناء الحياة وفي الوقت ذاته أن يكون قرارهم أن يبتكروا أو ينسحبوا. فليس ما يميز مجتمعاً عن آخر هو شكل المؤسسات الحكومية وميزانياتها ومبانيها أو هيكلها التنظيمي، ولكن ما يميزها هو الناس الذين يعملون فيها ورؤيتهم للحياة ودورهم في خدمة المجتمع والدولة.
بين صفحات وسطور كتاب صاحب السمو (قصتي)، الكثير من الحكمة والدروس لنتعلمها، ولكن شدتني عبارة (انطلق لبناء الحياة) ورأيت فيها وصفة ليست للقادة الحكوميين فحسب، ولكن لكثير منّا كأشخاص في حياتهم اليومية. فهل سنستيقظ بوضعية الطيّار الآلي الذي تقوده الأفكار المتعبة أحياناً؟ أم بالأفكار التي تُغذيها إيجابيات حياتنا مهما كانت محدودة أو بسيطة؟