حين تحب امرأة لا تشبه إلا نفسها، وتزن بعينك بجسدها الرشيق كل الأوزان، وتصبح بسبب الحب وحده، ولا شيء غير الحب، هي المرأة التي تريد، وهي الصوت الذي تريده صباحاً، حين تقول لك صباح الخير، والصوت الذي لا تعرف النوم الهادئ إلا إن سمعت منها تصبح على خير، فتشعر بأن الخير لا بد أنه قادم في الصباح.
حين تحب امرأة وتجتهد في سبيل إرضائها، وتنشغل بكل جميل بما تحبه، وتبحث في كل أمر يسعدها، وليس هناك من مبرر إلا الحب، وتصبح المرئيات من حولك ذات علاقة بمن تحب، فكل إعلان يصادفك تربطه بها هي يناسبها لتشتريه أو لتخبرها عنه، وكل بيت شعر تحفظه من تاريخ الشعر العربي، قديمه وحديثه، ترى نفسك مندفعاً لتقوله لها، كما يندفع طالب عرف الإجابة التي سأله عنها الأستاذ ليقولها بفرح، ويسترخي بعد ذلك على كرسيه يرافق عيون بقية الطلاب، يستجمع منهم نظرات الإعجاب أو الحسد أو الدهشة، لا تهم تلك النظرة وما تحمله، كل ما يهمه أنه أصاب وأرضى الأستاذ، هذه هي حالة العاشق الحقيقي مع من يحب.
حين تحب امرأة وتشعر بالاكتفاء من النساء، عندها تكون أنت في حالة حب، لا بد أن تقبض عليها بفرح له رائحة الخوف، وأن تداريه كما يداري تاجر اللؤلؤ الدانات الكبيرة عن عيون صغار التجار، وأن تؤمن بالحسد الذي لم تكن تؤمن به سابقاً، خشية أن يضيع أو أن يجرح هذا الحب من عين حاسد، لم يعرف الحب يوماً، والأقسى أن تكون عين حاسد خسر حباً كان يؤمن به، فلم يعد من ذلك الإيمان إلا الكفر بالحب وبمن يؤمن بالحب.
حين تقع في الحب فإنك لا تكتفي بأن تراعي من تحب، وأن تحميه وأن تنصحه وأن تخاف عليه، ولكن تذهب إلى منطقة أكثر دفئاً وصدقاً، وهي أنك تنفصل عن ذاتك، ويكون صوتك وكلامك محبباً لها، وإن لم يكن فإنك تستنكر صوتك الذي لا يعجبها، وترفض أي تصرف أنت تقوم به لا يعجبها، وكأنه تصرف من شخص آخر، ولن تسمح لنفسك بمضايقة روحك العاشقة، وأن يتطفل عقلك على قلبك المحب ولسان حالك يقول أنا لن أسمح لي.
نعم أنا لن أسمح للآخر وهذا أمر طبيعي، ولكنني أيضاً لن أسمح لي بأن أخون من أحبها، ولن أسمح بأن أخذل من أحبها، ولن أقبل بأن تساوم نفسي على ما يضرها أو يبدد ثقتها بي، أنا لن أسمح لي، هي سقف المودة، وعلى الرغم من أن حب الإنسان لنفسه هو أصدق مراتب الحب، إلا أن العاشق ينكر ذاته، كما يشاع عن المسحور بالحب، فهي حالة حقيقية، ولكن من فرط الدهشة تذهب الناس إلى مرافئ الإيمان بالسحر، وهي بعيدة عن السحر وقريبة بأن الإنسان وصل إلى مقولة، أنا لن أسمح لي. 

شعر

حدقي أو أغمضي أو هللي

كل شيءٍ بيننا مكتملٌ

الهوى أقسم لي أنك لي

ليس من نقصٍ بنا فاكتملي

وبأن الأمس إن عاد فلن

إنني أنتِ وما أنتِ سوى

يرتضي غير الندى من جدولي

قدر منبسط في أزلي

فاستردي.. فكرةً.. عافيةً

ليس من أمر تواريه يدي

وارفضي الفكرة حيناً واقبلي

كل أمري أنا لن أسمح لي