انفتاح التعبير في العالم الافتراضي إلى أقصى الحدود، لا ينبغي أن يعني ضيق مساحات الخصوصية الفردية إلى أسوأ ما يمكن من انتهاك، واعتداء على كرامات الناس، وحياتهم الشخصية، بحثاً عن نكتة، أو مفارقة، أو استغلالاً لشهرة أسماء معينة، وتحميلها مواقف، ونزع صورها وأقوالها من سياقات، وتوظيفها في أخرى، لأغراض مدون أو مغرد في فضاءات «التواصل الاجتماعي».
لا أحد لديه الفرصة الآن للنجاة من موجة العبث العاتية. لم يستقر المزاج الشعبي على أساليب تعبيرية في السنوات الـ10 الماضية، منذ انتشار الإعلام الاجتماعي وهيمنته. الناس جميعاً على اختلاف أدوارهم ووظائفهم عرضة للتندر، وإساءة استخدام الوسائل الحديثة للتعبير، وكلما كان الأشخاص أكثر شهرة، استسهل الجمهور التعريض بهم، وبتاريخهم، وحياتهم الشخصية.
القوانين الحديثة، التي تكيفت مع منصات التعبير الجديدة، لم تستطع لجم اندفاعة جمهور مجهول الدوافع، يتخذ أكثر من ساتر لقصف الآخرين، وغالباً من دون مبرر سوى الرغبة في الاستعراض أو السخرية من هذه الشخصية السياسية، أو تلك الفنانة، وذلك الكاتب. وتعبيراً عن مكنونات معينة، تحتاج إلى علم النفس لفهمها وتحليلها واقتراح حلول لها، بعدما عجزت التشريعات، وحتى القيم والتقاليد الاجتماعية عن حماية التعبير الجديد من الأذى والعبث المجاني.
التذرع بالطرائف من أبرز أساليب الالتفاف على التشريعات، وتصبح الأمور أكثر سوءاً مع قدرة أيٍّ كان على فتح حساب باسم مستعار، لا يتحمل مسؤولية قانونية، إلا بعد تحريات تقنية معقدة، ثم إن كثيراً منا لا يريد أن يقضي مزيداً من الوقت والجهد في ملاحقة العابثين في المحاكم.

ضوء

الأفق واسع جداً، وزادته تقنية الاتصال والمعلومات رحابة وثراءً معرفياً، والمهم ألا يكون التعبير قاصراً إلى الحد الذي تُنتهك فيه كرامات الناس، ويكونون عرضة لمجانية الكلام والصورة والموقف..