منذ بداية المسرح وفن القصة والتراجيديا - أو تصوير المأساة في أبسط معانيها - من أهم الموضوعات التي نالت اهتمام المؤلفين والفنانين، وحظيت أيضاً بإعجاب الجمهور وتفاعلهم. لذا، فإن السينما تأتي امتداداً طبيعياً في تناول هذا الموضوع بشكل درامي فني.

 لكن مستوى التناول والمعالجة لقصص الحزن والمأساة وأحداث الفقد والوجع سينمائيا، تتباين ما بين المعالجة الدرامية الفنية والمعالجة النمطية والمبتذلة. وهنا نستعرض أبرز أفلام «الفقد» التي قدمتها السينما العالمية.

فواجع

في مطلع الثمانينات، ذاع صيت فيلم Ordinary People، الذي توّج في عام 1980، كأفضل فيلم وسيناريو مقتبس، وأفضل مخرج لروبيرت ريدفورد في جوائز «الأوسكار». ريدفورد اعتمد في الفيلم على رواية حملت عنوان الفيلم، للروائية جوديث غوست، وكانت قد صدرت منتصف السبعينات، وتحكي قصة عائلة ثرية تُفجَع بوفاة ابنها الأكبر وتوتّر حياتهم واكتئاب ابنهم الأصغر نتيجة مقتل أخيه.
على المستوى نفسه وبمعالجة أكثر عُمقاً، يأتي عام 2001 الفيلم الإيطالي الشهير الفائز بـ«السعفة الذهبية» في «مهرجان كان» The Son,s Room، حيث يروي سيرة عائلة مستقرة وسعيدة، تنقلب حياتهم رأساً على عقب فجأة، بعد وفاة ابنهم غرقاً، مما يُدخل الأب وهو طبيب نفسي في دوامة من الحزن والهوس بالحادثة، لدرجة أنه أصبح يلوم حياته ووظيفته ومرضاه الذين حرموه كما يعتقد، من قضاء وقت أطول مع ابنه.
في العام نفسه وعلى مستوى مختلف في المعالجة، جاء فيلم In the Bedroom، الذي لا تتوقف الأحداث فيه عند مقتل الابن وأثره على الوالدين الوحيدين. وإنما ما يُمكن أن يفعله هذا الحادث في تغيير تفكير الأم مديرة المدرسة، والأب طبيب البلدة، حينما يحاولان تجاوز هذه الخسارة والحزن بفعل شيء ما.

 تغيرات

في عام 2002، قدم المخرج جيم شريدان فيلماً درامياً رائعاً، بعنوان In America، ترشح حينها لـ«أوسكار» أفضل نص أصلي، حيث يحكي الفيلم قصة عائلة أيرلندية صغيرة، تهاجر على أثر وفاة طفلهم ذي الخمس سنوات، من كندا إلى أميركا بشكل غير قانوني، من أجل بناء حياة جديدة، لكن ذكرى طفلهم لا تزال عالقة في أذهانهم. وعلى الرغم من أن الفيلم لا يركز كثيراً على موضوع الفقد وأثره، لكننا لا يمكن إلا أن نلاحظ أن هذه الحادثة تطل بظلالها على العائلة بطريقة ما، وربما توجه تصرفاتهم واختياراتهم الجديدة.
في عام 2010، تترشح النجمة نيكول كيدمان لنيل جائزتي «الأوسكار» و«الغولدن غلوب»، عن فئة أفضل ممثلة، بعد أدائها المؤثر في فيلم Rabbit Hole، المقتبس عن مسرحية لديفيد ليندسي، حيث تؤدي نيكول دور أم كانت تعيش حياة سعيدة مع زوجها، تتحول إلى امرأة مَكلومة بوفاة ابنها في حادث سيارة.