منذ قديم الأزل والبشرة المثالية والشباب الدائم هما الهدف الجمالي الأول لدى النساء. فقد علمت النساء عبر التاريخ أن البشرة الخالية من العيوب هي أساس الإطلالة الجمالية الناجحة والجاذبية الساحرة. وكان المصريون القدماء أول من أدخل مستحضرات العناية بالبشرة أنظمتهم اليومية، إذ كان الرجال والنساء على حد سواء يستخدمون الزيوت والأعشاب لترطيب البشرة، ومزيجاً من الرمل وهُلام الصبار لتقشيرها. كما عُرفت الملكة كليوباترا باهتمامها بنعومة بشرتها وشبابها، من خلال الاستحمام بانتظام في مزيج من حليب الأتان وعسل النحل. وأثبتت الدراسات الحديثة أن هذه الوصفة تحتوي على نسبة عالية من حمض اللاكتيك، الذي يُذيب الخلايا الميتة ويوحّد لون الجلد، إضافة إلى الفيتامينات ومضادات الأكسدة التي تغذيه وتحميه من التلف وترطبه من الأعماق. أما في عصر الرومان، فكانت النساء يستخدمن الرصاص وبُراز التماسيح لتفتيح بشراتهن. ومع تطور التقنيات، انتقل الاهتمام بالبشرة إلى أوروبا خلال عصر الملكة إليزابيث الأولى، حيث استخدمت النساء كريمات أساس مصنوعة من الرصاص والخل لتبييض البشرة والتخلص من النمش، وبعواقب وخيمة، فسبب هذا المزيج القاتل إصابة النساء بالتسمم التدريجي وتساقط الشعر وتسوس الأسنان والوفاة. ولكن كيف تطور عالم العناية بالبشرة في العصر الحديث؟ تعالي معنا في رحلة مشوّقة عبر القرن الماضي للتعرف إلى أهم المعلومات وأكثرها إثارة عن مهمة البحث عن البشرة النضرة والحيوية.

 

1920s
أشارت بداية سنوات العشرينات إلى عهد من التغيير للنساء حول العالم، خاصة فيما يتعلق بالموضة والجمال، وبدأت المتاجر والصيدليات تهتم بمجال التجميل بشكل كبير وتحديداً العناية بالبشرة. كانت البشرة البيضاء الخالية من الدفء، هي الموضة الرائدة لمئات السنين ولكن في أوائل العشرينات، عادت مصممة الأزياء الشهيرة كوكو شانيل من إجازة في جنوب فرنسا ببشرة برونزية اللون، وأصبح النساء حول العالم يرغبن في تقليدها من خلال استعمال زيوت التسمير. وبدأت المجلات النسائية بتمجيد فوائد تنظيف البشرة، ولكن على عكس النصائح في أيامنا هذه، كان يُنصح بفرك البشرة بالماء الساخن والصابون يومياً للحصول على بشرة ناعمة وخالية من التصبغات.

1930s
ازدهرت صناعة مستحضرات العناية بالبشرة في هذه الفترة، وأصبح استعمال الكريم البارد cold cream من الخطوات الأساسية في نظام العناية بالبشرة، لإزالة المكياج وتنظيف الوجه وتنعيم الرموش. وكان يحتوي على الزيوت المعدنية كمكوّن أساسي، وهي تصنف الآن ضمن المكونات المسببة لانسداد المسام وظهور الحبوب، إذ إنها تُذيب الدهون والأوساخ بسهولة، ثم تم استخدام السوائل المنشطة أي الـtonic كخطوة ثانية، لإزالة آثار هذه الكريمات الزيتية. كما انتشرت الأقنعة الغنية المصنوعة من الدهون الحيوانية، إذ إن الكثيرات كن يعتقدن أن البشرة قادرة على امتصاص هذه الدهون، مما يخلصها من التجاعيد والخطوط الرفيعة.

1940s
مع بداية الحرب العالمية الثانية، كانت هناك قلة في مستحضرات التجميل المتوافرة في الأسواق، فبدأت النساء بصناعة المستحضرات التجميلية في المنزل. فانتشر استعمال «إسفنجات الجمال»، وهي عبارة عن مزيج من الشوفان واللوز المطحون وبيكربونات الصودا داخل شاش رقيق ومربوط بشريط مطاطي. وكانت تُبل وتُستخدم لفرك البشرة أثناء الاستحمام لتنعيم الجسم وتبييضه.

1950s
بقيت أنظمة العناية بالبشرة بسيطة ومختصرة خلال الخمسينات، مع التركيز على تنظيف الوجه باستعمال الصابون. ولكن مع انتشار الإعلانات الإذاعية والتلفزيونية، زاد وعي النساء بمستحضرات مُعينة، وأصبحت هنالك منتجات لا غنى عنها على أرفف السيدة العصرية المهتمة بجمالها، مثل صابون Palmolive وكريم Pond›s، كما ازدادت الأفلام والمواضيع التعليمية لإرشاد النساء ومساعدتهن على عمل «فيشل» منزلي بدائي، للحصول على بشرة مثالية.

1960s
في الستينات، أطلق عدد كبير من شركات التجميل مستحضرات متنوعة، تستهدف مختلف مشكلات البشرة، وبالتالي زادت شعبية أنظمة العناية بالبشرة المتعددة الخطوات، وتحسنت بشرات النساء، مما أدى إلى عدم استخدامهن كريمات الأساس الكثيفة التي كانت تستخدم، مثل الأقنعة لتغطية عيوب الوجه. كما ظهر كريم واقي الشمس لأول مرة في الأسواق، ولكنه كان يحتوي على مكونات تحمي فقط ضد أشعة الـUVB التي تسبب الحروق، وليس الـUVA التي تسبب ظهور علامات التقدم في السن.

1970s
مع انتشار الحركة النسائية، زاد وعي النساء بمكونات مستحضرات التجميل في حقبة السبعينات، وبالتالي زاد اهتمامهن بالمستحضرات الطبيعية والعضوية، فبدأت شركات العناية بالبشرة تجري أبحاثاً علمية لتثبت فعالية المكونات الطبيعية التي تمت إضافتها إلى مستحضرات التنظيف والأمصال وكريمات الترطيب. ولأول مرة ظهر خبراء البشرة والعلماء في الإعلانات للترويج لمســـتــــحضرات التجميل.

1980s
كانت الثمانينات حقبة البحث عن الترف والإطلالات المبالغ فيها. ومع تقدم العلم، أصبحت المستحضرات تستهدف مشاكل معينة وتُحارب علامات الشيخوخة بشكل أكثر فعالية. فاكتشف العلماء أهمية استعمال الأحماض الطبيعية alpha hydroxy acids لتقشير البشرة، وتعزيز عمليات تجديد الخلايا وإنتاج الكولاجين، للحفاظ على شباب الوجه ومنع ظهور الحبوب، ولأول مرة بدأت تظهر على قوائم مكونات مستحضرات العناية بالبشرة الأكثر انتشاراً حول العالم.

1990s
في التسعينات، ازداد استعمال الفيتامينات في مستحضرات العناية بالبشرة، وتحديداً فيتامين (C) الذي أثبتت الدراسات العلمية آنذاك، أنه من أكثر المكونات فعالية في حماية خلايا البشرة ضد الذرات الحرة التي تسبب الأكسدة والتلف وظهور البقع الداكنة والتجاعيد. وانتشرت المستحضرات التي تستهدف حَبّ الشباب والرؤوس السوداء وغيرها من المشاكل الخاصة ببشرة المراهقين، حتى أصبحت من أهم الفئات في عالم العناية بالبشرة.

2000s
في عام 2002، صدّقت إدارة الغذاء والدواء الأمريكية FDA على استخدام حقن البوتوكس للتخلص من التجاعيد، مما أثار ثورة في عالم الجمال. بدأت أشهر النجمات مثل نيكول كيدمان وكورتني كوكس بالظهور على الشاشات بملامح متجمدة، بسبب هذه المادة التي تسبب شلل عضلات الوجه.

2010s
شهد هذا العقد تفجّر أنظمة العناية بالبشرة ذات الـ10 خطوات، وأكثرها الآتية من شرق آسيا وتحديداً كوريا، ومع انتشار «فيديوهات» خبراء التجميل والعناية بالبشرة على وسائل «التواصل الاجتماعي»، أصبح من العادي جداً لدى الكثيرات استعمال المستحضرات المتخصصة، المزودة بمكونات كانت من قبل خارجة عن المألوف مثل إفرازات الحلزون. كما أصبحت أقنعة الوجه الورقية من الخطوات التي لا غنى عنها في روتين العناية بالبشرة الأسبوعي.