تقضي أسماء وابنتها ريهام أكثر من 12 ساعة أسبوعياً في تعلم مهارات "الكاجوكنبو" في الكويت، أملاً في أن تسهم هذه الرياضة القتالية في تعزيز ثقة ريهام بنفسها، وفي حمايتها من المضايقات في مدرستها.والكاجوكنبو رياضة ظهرت في أواخر الأربعينيات في هاواي في الولايات المتحدة، وهي لعبة قتالية تجمع بين تقنيات الكاراتيه والجودو والكينبو والبوكسينغ (ملاكمة). وتشكل الأحرف الأولى من هذه الفنون الأربعة اسم "كاجوكنبو".

 


في صالة رياضية نسائية مكتظّة في وسط العاصمة الكويتية، يطغى عليها اللونان الأسود والأحمر، تتابع أسماء وريهام، إلى جانب فتيات وسيدات أخريات؛ بحماسة دروس الدفاع عن النفس التي يقدّمها مدرب شاب يرافقه نجله الذي يؤدي دور المعتدي. وتقول أسماء لوكالة فرانس برس وإلى جانبها ابنتها، إن ريهام (11 عاماً) عانت من مضايقات زملائها وزميلاتها في المدرسة، بعدما عانت هي أيضا من المشكلة نفسها في صغرها. ولذا، قرّرت الأم أن تنهي معاناة ريهام بعدما وجدت في الكاجوكنبو وسيلة لتحقيق ذلك.

وعن ماذا غيرت هذه الرياضة في ابنتها تقول شيماء:"تغيّرت شخصيتها كثيراً حتى في المدرسة، كانتتغضب وتتضايق بسرعة إذا وجّه لها أحد كلمة. لكن اليوم، أصبح الأمر عاديا"، مشيرة إلى أن هذه الرياضة تفيد في الدفاع عن النفس من أي اعتداء في الشارع.


 "شرف وقوّة"

في الصالة الواقعة في نادي "الأكاديمية الكويتية العالمية للدفاع عن النفس"، علّقت صورة لرجلين يمارسان الرياضة فوق جدار أحمر، وكتب عليها "الكاجوكنبو يعلّم ابنك أساليب وفنون الدفاع عن النفس".وترتدي المتدرّبات من مختلف الأعمار زياً أسود، عليه إشارات لعلم الكويت وعلم ولاية هاواي الاميركية، وشعارات الكاجوكنبو، إلى جانب عبارتي "مقاتل شوارع" و"شرف وقوة" بالإنجليزية.وبانتباه شديد، تتابع الطالبات المدرب فيصل الغريب وهو يوجهّهن لطريقة التعامل مع أي اعتداء بالسلاح الأبيض، بمساعدة ابنه، قبل أن يطبقنها بأنفسهن.


وفي القاعة أنواع مختلفة من الأسلحة والسيوف، وفي وسطها تقف طالبة تشرح لزميلاتها كيفية صدّ هجوم بسكين، وتسديد ضربات للمهاجم. وتقول بينما يضع نجل المدرب سكيناً خشبياً حول رقبتها :"أتظاهر أانني مستسلمة  ثم أمسك بيده وأزيحها".

وهناك فئات عمرية مختلفة تشارك في الحصص بدءاً من أربع سنوات وحتى خمسين عاماً. وفي المجموع، هناك 120 سيدة يتعلمن الكاجوكنبو في الأكاديمية، ولكلّ منهن سبب مختلف.وبعد أشهر من التدريب، تقول أم صالح إن ابنتيها التوأمين (13 عاما) "أصبحتا مستقلتين عن مجموعة من الفتيات كن يتحكّمن في قراراتهما..كما أبعدتهما هذه الرياضة عن الشاشات الذكية".


 

"سرية تامة"

في عام 2014، أسسّ فيصل الغريب هذه الأكاديمية بعد أن تعلم أصولها في الولايات المتحدة. ويقول إنّه يركز في أسلوبه على تعليم الطالبات تقنيات الدفاع عن النفس عبر تعريضهن لسيناريوهات مواقف محتملة وكيفية مواجهتها. مشيراً بأن ناديه  هو واحد من عشرات الأندية التي انتشرت أخيراً في الكويت لتعليم الكاجوكنبو، علماً أن هذه الرياضة القتالية لا تزال مغمورة في دول الخليج الأخرى. ويقول المشرفون على النادي إنّه يتعامل "بسريّة تامة" مع نساء تعرضن للعنف ولجأن إليه لتجاوز الخوف وتعلم تقنيات المواجهة.


وتوضح المدربة فيّ الفهد "تعرّضت بعض المتدربات للعنف سواء في المدرسة أو الشارع هو ما دفعهنّ للإلتحاق بالنادي بتشجيع من عائلاتهن". وتضيف :"هناك إقبال من الفتيات على هذا النوع من الفنون في الآونة الاخيرة. بالممارسة، لاحظنا أنها ترفع الثقة بالنفس".


ولا تتوفر إحصائيات حديثة للعنف ضد النساء في الكويت حيث تتمتع المرأة بهامش كبير من الحرية مقارنة بدول مجاورة. وتعود آخر إحصائية إلى عام 2010 وتشير إلى تعرض امرأة واحدة للعنف يومياً في الكويت، بحسب غادة الغانم عضو مجلس إدارة "الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية".لكنها تشير إلى أن الأعداد الحقيقة أكبر من ذلك.
وأنشأت "الجمعية الثقافية الاجتماعية النسائية" خطاً ساخناً لاستقبال شكاوى نساء تعرضن للعنف وتوجيههنّ إلى عدة مراكز حكومية للاهتمام بحالاتهن.