تلقيت من أحد المطربين الشبان من ذوي الصوت الجميل اتصالاً يطلب مني أن أعطيه رأيي في أغنية سجلها بصوته، على لحن من ألحان الفنان اللبناني الشهير إلياس الرحباني. فقد وجد الفنان اللبناني وسام دمج، وهو مطرب شاب، أن يسجل أغنية أخذ فيها موسيقى إلياس الرحباني، ووضع عليها كلمات مناسبة، وسجّلها. وقبل أن يطلقها سألني رأيي، فقلت له إني أرى أولاً وجوب استئذان صاحب اللحن، وأخذ رضاه وبركاته. واتصلت بالصديق الفنان غسان إلياس الرحباني، فقد أفادت الأخبار منذ زمن أن إلياس، أطال الله في عمره، لم يعد في وضع صحي يسمح له بمتابعة أعماله. وهو أوْكل هذه الأمور إلى ولديه غسان وجاد. سألنا غسان أن يفتينا في الأمر، فطلب سماع الأغنية للتشاور مع والده وشقيقه. وبالفعل، أرسلت الأغنية بتسجيلها التجريبي، وانتظرت الجواب، يوماً، يومين، ثلاثة، أسبوعاً، شهراً، وأكثر من شهر وأنا أنتظر جواب غسان بالرفض أو القبول. لم يأبَه غسان بالأمر. على الرغم من أني اقترحت عليه أن يُشرف بنفسه على التسجيل والتوزيع. حتى الآن، لا جواب. لكن فات غسان ربما، أن الفنان الشاب وسام دمج، قادر على إطلاق الأغنية من دون سؤال صاحبها، إذ يكفي فقط أن يذهب إلى جمعية المؤلفين والملحنين وناشري الموسيقى في بيروت، فيُبلغ عن مشروعه، ويدفع رسوم الجمعية، وتنتهي القضية. وفي حال اعترض صاحب العمل، أقصاها يكون بطلب سحب العمل من التداول. لكن، من يستطيع أن يُعيد أغنية ولحن وكلمات وصوت انطلقت في الهواء، وصارت ملك الجمهور؟ يُخطئ الفنان إذا اعتقد أنه قادر على منع استعمال الموسيقى بقرار منه. فالموسيقى ما إن تنطلق بين الناس حتى تصبح، مثل الهواء، ملكاً عاماً، ولن يستطيع إنسان أن يعيد الهواء إلى علبة صغيرة.