مضى عام محمل بذكرياته الخاصة، ونحن في الإمارات سميناه عام زايد، لمصادفته مئوية مولد المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وقد قدمت المؤسسات والأفراد ما بقي في الذاكرة من مسيرته، وهي ميزة امتاز بها شعب الإمارات في حفظ الذكر الطيب لمن سبق على الأصعدة كافة.
رحل عام 2018 بكل ما أضاف إلى حياتنا وما أخذ، رحل كورقة تضاف إلى أوراق العمر العامرة بالأحداث، وعلى الرغم مما تحمله لنا الأمة العربية من أخبار محزنة، إلا أنني بقيت متفائلاً بالأجمل القادم، وهي عادة لي متوافقة مع شخصيتي المتفائلة، ومتوافقة مع (تفاءلوا بالخير تجدوه) وهي سلوك لا بد أن يتمتع به الكاتب أياً كان شكل الكتابة، فليس من الحكمة أن يشيع الشاعر أو الكاتب السوداوية في حياة القراء.
ومقولة إن غداً يوم جديد في رواية ذهب مع الريح للكاتبة مارغريت ميتشيل، والتي اختتمت بها روايتها الوحيدة، بها فتح في بوابة التفاؤل، خاصة أن الروائية كانت تعيش الاضطهاد العرقي في ولاية أتلانتا، وعلى الرغم من كل مظاهر الفقر والجوع والموت والحرب الأهلية التي شهدتها الكاتبة، إلا أنها كانت ترى الغد يوماً جديداً، فلنحرص على أن يكون أجمل من اليوم، وبالطبع أجمل من الأمس.
نحن الآن بين عامين، وللكثير منا طقوس خاصة في هذه الفترة، فأنا تشغلني هذه الفترة، لأنني أكتب أشعاري في مذكرة منذ بداية العام، وما إن يدخل عام جديد، وأقرر استبدال المذكرة القديمة بجديدة بيضاء طاهرة، لم يتلف بياضها القلم بعد، فإن المذكرة القديمة تعز عليّ، لما تحتويه من قصائد لم تكتمل، وأخرى اكتملت وتعافت وتم فطامها، وأصبحت قادرة على المبيت في ديوان شعر يحتويها بعد احتضان المذكرة لها شهوراً.
إن مرحلة بين العامين تثير ارتباك البعض، وهناك من لا يرى أنها لم تتعدى تغييراً برقم السنة، وهؤلاء ممن لا يفكرون كثيراً بما يتحتم عليهم تركه من بعدهم، حتى على مستوى الذكر الطيب، والسمعة الحسنة، أما من يشغله التاريخ ويعي سرده الذي مر، فلا تكون عملية انتقال السنة أمراً عابراً، فمن يعيش قصة حب فإنه يضيف سنة إلى قصته، ومن ودع عزيزاً فإن هناك سنة مرت على رحيله، ومن خطط لعمل ما ولم ينجزه فها هي سنة تمر على مشروعه الذي تأخر.
بين عامين يمر العمر سريعاً على البعض، وبطيئاً على البعض، وليس هناك من أمر ثابت إلا إلى المرور الهادئ، متمنياً لكل البشرية أن يكون عام 2019 هو عام خير على الجميع، ومحبة على البشرية التي منذ افتقدت المحبة، عمت الحروب والدمار. راجياً من المولى أن يكون قراء المجلة بألف عافية وسلامة، وكل عام وأنتم بخير وسعادة وهناء.

شعر

بين عامين وهذا الحب في القلب مقيمْ

كان كالصدر الرحيمْ

ينتقي لون الأماني

بين عامين وحبي

وتوافيه الأغاني

شجراً يملأ قلبي

بثيابٍ من نعيمْ

طائشاً كان وأحياناً حكيمْ

فرِحاً حين أتاني

صفحة أخرى طويناها

ودنا ثم احتواني

على العهدِ القديمْ