«المهرجان: احتفال الاعتدال الخريفي، وهو كلمة فارسية مركبة من كلمتين: الأولى: مهر، ومن معانيها الشمس، والثانية: جان، ومن معانيها الحياة أو الروح»، هذا ما ستجده عند البحث عن معنى الكلمة التي لا يمكن أن توحي لمن يسمعها سوى بالسعادة ومظاهر الاحتفال. ومحال أن تمر مظاهر الفرح في المناسبات المختلفة دون إيقاع ولو على ضرب الدفوف أو النقر بالأحذية على الأرض الخشبية، حيث تجد النفس انتشاءها وتتمايل راقصة معها كتعبير بشري عن السعادة الغامرة. «زهرة الخليج» تسلط الضوء على بعض مظاهر الموسيقى في «مهرجان الشيخ زايد التراثي»، والذي اعتنى بكل جزئية من أجزاء معاني الاحتفال، محتفياً بالنغم العالمي.

باحة الموسيقيين

في «مهرجان الشيخ زايد التراثي»، يمكن أن يرى الزائر كل مظاهر الاحتفال في كل ركن من أركانه، بداية بإضاءاته الجميلة، مروراً بالألوان المختلفة في البناء والأزياء والمقتنيات، وانتهاءً بالموسيقى التي تملأ الأجواء كما تملأ الأسماع والصدور طرباً. تم تخصيص باحة من باحات الاستراحة للاسترخاء على أنغام آلات موسيقية متنوعة، حيث يجلس الزائر للمهرجان مع عائلته أو صديقه أو كوب قهوته أمام إحدى المنصات الموسيقية، يشاهد العازف وهو غارق في عالم ألحانه الحرة الخاصة، عازفاً على آلة العود أو الجيتار أو الساكسفون أو الأورج، حيث يضيف إلى اللقاءات لقاءً آخر مع استدعاءات الخيال والخروج من النمط التراثي الذي بني عليه المكان، إلى أنماط حديثة وتوجه إبداعي مختلف.

تقارب المسافات

الأنغام متجاورة ومتداخلة، ولكن يمكن تمييز كل واحد منها عن الآخر، رغم تقارب المسافات بين الموسيقيين الذين تمّت استضافتهم من مختلف أنحاء العالم، حيث تجد عازفة الكمان عليا عبد الرحمانوفا، من كازاخستان، تقف بثقة رغم الرياح الخفيفة الباردة التي تحرك معها قوس الكمان علواً ونزولاً، مانحة المكان دفئاً عذباً، وعازفة المزمار ألبو تيودورا من رومانيا، التي تبث بواسطة آلتها أنغاماً من الريف، تنقل المنصت لها إلى قرون قديمة، وطفلة تلهو راكضة في الحقل خلف فراشة وغيمة، وعازف الـ«هانج درام» آرتر أخمديف من روسيا، وآلته الشبيهة بقدر مقلوبة، لا يمكن لسامع أنغامها إلا أن يشعر بأنه يقفز برقة فوق موجات متتالية، وعازف العود روميو حبيب من مصر، والذي تجده على مسرح صغير بعيداً عن باحة الموسيقيين الخاصة، منفرداً بعزف ألحان لأغانٍ مصرية شهيرة، تشاركه جمالها الأضواء الراقصة حوله، والأطفال الذين يحاولون إمساكها، وغيرهم من العازفين والآلات التي تبث الفرح في الهواء.

موسيقى من كل العالم

يمكن للزائر أن يستمع، وهو في أرض المهرجان، للأنغام الخاصة بكل بلد في حي الشواهد العالمية، والذي تم تصميمه لعرض شاهد بارز لكل دولة تقريباً من دول العالم، يجلس عند كل شاهد عازف أو اثنين لعزف مقطوعة تعبر عن البلد ذاته، من الصين والهند وفرنسا، والموسيقى البربرية من المغرب، والعزف على الطبول من أفريقيا، إلى جانب الفنانين في الخط والكاريكاتير والغناء كذلك من بلدان أخرى.

مسرح الطفل

تم تخصيص مسرح يقدم عروضاً للأطفال في فترات مختلفة، متنوعة بين الأغاني التراثية المشهورة قديماً بين الأطفال مثل أغنية (سبع قطيوات) مع حركات الرقص الخاصة بها كما هو متعارف لدى الأطفال الذين كانوا يلهون بها، والأغاني الوطنية الحديثة. العروض تقوم بها فرقة راقصة من الأطفال، يلبسون اللباس التراثي المميز (بو تيلة)، تذكرنا بالاحتفالات المدرسية باليوم الوطني، وبالأوبريتات الوطنية القديمة، وتمنح الزوار من الأطفال جواً من المرح والتسلية الخاصة بهم، والذين يشاركهم الكبار الاحتفاء به والتفاعل معه.

النافورة الراقصة

عروض النافورة الراقصة من أحب العروض لجمهور المهرجان، والتي ينتظرونها بشغف، خاصة الأطفال، حيث تعلو المياه حتى تلامس السماء بقرب سارية العلم، على عزف الأغاني الوطنية، أو الموسيقى التعبيرية، بنقوش ضوئية تخطها عليها أضواء الليزر التي ترمز إلى ألوان علم الدولة الأربعة.