في علم الفيزياء يأتي البَرْق أولاً ثم الرّعْد، لأن الضوء أسرع من الصوت. أمّا في عالم الغناء فيحدث العكس، ذلك لأن قوة وجمالية الصوت أهم بكثير من صورة الفنان والأضواء المسلطة عليه.

ويؤكد ذلك البرنامج الجماهيري الجديد لاكتشاف الأصوات الطربية «الزمن الجميل»، الذي تطلقه «قناة أبوظبي» التابعة لـ«أبوظبي للإعلام»، بالتعاون مع (وزارة الثقافة وتنمية المعرفة)، في شهر فبراير المقبل.

ويهدف برنامج «الزمن الجميل» الذي يُعتبر جديداً وفريداً من نوعه، إلى الإسهام في إعادة إحياء الهوية الغنائية العربية، واستحضار عصر الطرب الذهبي، بأسلوب تقييم مبتكر يركز على الأصوات المتميزة، مع الحفاظ على إخفاء هوية المتسابقين المرشحين حتى مرحلة العروض الثمانية المباشرة، وبإجمالي 13 حلقة تُعرض أسبوعياً على «تلفزيون أبوظبي».

تتألف لجنة تحكيم «الزمن الجميل» من النجوم: المطربة المصرية أنغام، المطرب والملحن اللبناني مروان خوري، والمطربة المغربية أسماء لمنوّر، الذين لهم الدور الأكبر في عملية تصفية المشتركين الذين استضافتهم العاصمة أبوظبي، لعرض موهبتهم في الغناء الطربي من إجمالي 8600 مُتقدّم للبرنامج، حتى توصّلوا إلى اختيار أفضل 10 مواهب للعروض المباشرة، حيث سيُشاركهم الجمهور حينها في الاختيار عن طريق التصويت.

كما يشارك في البرنامج أربعة مدربين، يتمتعون بتاريخ عريق من الفن واستكشاف المواهب وإطلاقها إلى العالم العربي، إلى جانب خبرتهم الطويلة في الموسيقى والصوت، هم: مدير مركز الموسيقى في (وزارة الثقافة وتنمية المعرفة) المطرب الإماراتي جاسم محمد عبد الله. ومن العراق رئيس قسم الأصوات والغناء العربي والبحوث في (بيت العود)،

د.فتح الله أحمد، والذي قاد فرقة المطرب كاظم الساهر لسنوات عدة، وقدّم عدداً كبيراً من المقطوعات الموسيقية، وأخصائية موسيقى الشعوب التونسية عليسة عربي، والمؤلف الكويتي والموزع الموسيقي الأوركسترالي، د.سليمان غنّام الديكان، وهو أول خليجي يقود فرقة موسيقية في دار الأوبرا المصرية.


بدأت لجنة التحكيم (أنغام ومروان وأسماء) بتقييم المشاركين لترشيح المؤهلين العشرة عبر «تجارب الأداء»، التي ستكون موزعة على أربع مراحل رئيسية، مُقسّمة على الحلقات الخمس الأولى، وهي مسجلة.

ففي المرحلة الأولى من التصفيات، يتم تقييم 100 متسابق وإقصاء النصف. أمّا في المرحلة الثانية فسيتم تقييم الـ50 متسابقاً وإقصاء 20 منهم، في حين ستقوم لجنة التحكيم في المرحلة الثالثة باختيار أفضل 20 متسابقاً، قبل انطلاق المرحلة الرابعة التي تستهدف اختيار أفضل 10 متنافسين فقط.
 

العروض المباشرة

تتولى الفنانة والمذيعة اللبنانية إيميه صياح، تقديم حلقات البرنامج، الذي سيستضيف في عروضه المباشرة، ثمانية من أهم نجوم الغناء في العالم العربي، ليشاركوا مع المتأهلين الـ10 في الغناء، وفي إحياء ذكرى فن الزمن الجميل، من خلال تخصيص كل حلقة من العروض الـ8 المباشرة، للاحتفال باثنين من عمالقة الفن الطربي الأصيل.

تجربة وتصريحات

تأكيداً على أهمية «الزمن الجميل» والاطلاع على آليّة سَيْر البرنامج بين أعضاء لجنة التحكيم والمتسابقين، تابعت «زهرة الخليج» الأسبوع الماضي آخر حلقات «تجارب الأداء» المسجلة، التي سبقها مؤتمر صحافي، حضره سعادة د.علي بن تميم، مدير عام «أبوظبي للإعلام»، وعبد الرحمن عوض الحارثي، المدير التنفيذي لدائرة التلفزيون في «أبوظبي للإعلام»، وأعضاء لجنة التحكيم، وعدد من المعنيّين عن البرنامج، حيث اتفق الجميع على أن مهمتهم عام 2019 في «الزمن الجميل»، تتمثّل في البحث عن الزمن الأجمل غنائياً.

ثم بعدها، كان من نصيبنا عدد من التصريحات على لسان أصحابها.

غموض وتشويق

يتميز «الزمن الجميل» عن غيره من برامج المسابقات الغنائية، بأسلوب تقييم المشاركين خلال مرحلة تجارب الأداء، حيث تُقام في أجواء من الغموض والتشويق، وسيُطلب من المشاركين فيها أداء التجارب والغناء خلف باب مزدوج، وُضع في وسط المسرح، بحيث لا يتسنّى لأعضاء لجنة التحكيم رؤيتهم، وإنما الحُكم عليهم من خلال أصواتهم فقط.

ويوفر تصميم الباب تقنية مبتكرة، سيتمكن من خلالها كل عضو من أعضاء لجنة التحكيم إظهار جزء من هوية المتسابق، في حال رأى أن مستواه لا يؤهّله إلى المرحلة المقبلة، في حين سيبقى الباب قاتماً في حال أرادت اللجنة أن يبقى المشترك في المسابقة.

ولن يتمكن أعضاء لجنة التحكيم من رؤية المتسابقين المتأهلين إلى المراحل المقبلة بشكل كامل، حتى الوصول إلى مرحلة المتأهلين الـ10 الأواخر، وبدء عروض الحلقات المباشرة.

الحارثي: العنصر الخليجي حاضر بقوة

ردا على تساؤل حول غياب العنصر الخليجي عن  لجنة تحكيم «الزمن الجميل»؟. يجيب عبد الرحمن عوض الحارثي، المدير التنفيذي لدائرة التلفزيون في «أبوظبي للإعلام»: «نحن التزمنا بثلاثة مُحكّمين يمثلون مصر والمغرب العربي والشام، هم مشوار من الاحترام والتقدير والحب والنجاح.

ومعنا في البرنامج مطرب إماراتي هو جاسم محمد عبد الله، الذي يشغل منصب «مدير مركز الموسيقى» في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، ولدرايته الموسيقية ارتأيناهُ أن يكون ضمن لجنة المدربين في البرنامج.

كما أننا في كل حلقة من الحلقات المباشرة سنجلب في البرنامج ضيفاً من كبار المطربين، وسيكون من هؤلاء النجوم ضيوف من الخليج، هذا عدا أننا «أبوظبي للإعلام» شركة خليجية رائدة، حاضرة في البرنامج. بالتالي، العنصر الخليجي حاضر وبقوة في البرنامج».

ويضيف الحارثي: «البرنامج سيحمل العديد من الأغاني الطربيّة والمواويل والألوان الغنائية، يقدّمها كل متسابق حسب هويته»، وكشف الحارثي أن البرنامج مفتوح لاستضافة مطربين، أمثال عمرو دياب، إليسا، نانسي عجرم، محمد عساف وغيرهم، في الحلقات المباشرة إذا سمحت الظروف.

مروان خوري: أفضل أن يغني كل مطرب ببيئته

المطرب والملحن مروان خوري، عضو لجنة تحكيم «الزمن الجميل»، يُركز على أهمية الهوية في الصوت الغنائي، ويقول: «دائماً أريد أن أربط الموسيقى بالثقافة والمجتمع، لأن هذا أمر طبيعي. فنحن الفنانين نحاول بالموسيقى أن ننفتح على بعضنا البعض، إنما في الوقت ذاته علينا الحفاظ على الهوية. فأنا أفضّل دائماً أن يغني كل مطرب ببيئته أيّاً كانت هويته، فالطرب ليس حالة واحدة تنتشر على مدى العالم العربي، بل أغنية تحمل جميع المواصفات.

أسماء لمنور: اسم البرنامج كان مُغرياً لنا كمحكّمين

تقول تكشف المطربة أسماء لمنوّر: «كل فرد من عناصر لجنة التحكيم كان مُغرياً له استيعاب تسمية البرنامج بـ«الزمن الجميل». وفي لقاءاتنا مع المشتركين، شعرنا بأنه يشفع لـ«تلفزيون أبوظبي»، اختراع قالب فيه عَدَا المنافسة، تقريبنا من جيل الشباب. فالبرنامج هو احتفاء بالكلمة واللحن، وهو استكمال لمشوار برامج ناجحة تقدمها «قناة أبوظبي»، مثل «شاعر المليون» و«أمير الشعراء».

أنغام: هذا ما يميز «الزمن الجميل»

تقول المطربة أنغام، عضو لجنة تحكيم «الزمن الجميل» إن «ما يميّز برنامجنا عن بقية برامج اكتشاف المواهب الغنائية، هو أن المتسابقين المتقدمين للمشاركة لديهم ليس فقط جمال في صوتهم، بل وفي طريقة أدائهم.. فهم ليسوا مواهب عادية».

وتضيف: «حتى في تعليقاتنا على المتسابقين، كنا حريصين على التركيز على جمال الأداء، وتوضيح تلك التفاصيل الحلوة في الأداء عند المغني، التي تجعله يصل إلى الناس بشيء من المتعة والسلطنة.

فلم نحرص في الاختيار على الصوت القوي والحلو فقط، بل راعينا تفاصيل دقيقة نوعاً ما، وساعدنا في ذلك أن المتقدمين لديهم الجماليات في أصواتهم، وهذا أكبر دليل على أننا كشعب عربي لا يزال لدينا الطعم أو ما يمكن تسميته «زخرفة موسيقية».

مدير عام «أبوظبي للإعلام» يرى أن البرنامج يعيد إحياء الطرب الأصيل

علي بن تميم: خطة متكاملة لتبنّي المواهب

يرى سعادة الدكتور علي بن تميم، مدير عام «أبوظبي للإعلام»، أن برنامج «الزمن الجميل» سيُعيد للمجتمع الفني والإبداعي روح المبادرة وإحياء الطرب الأصيل، في عصر تعاني فيه صناعة الموسيقى العربية التحولات التي أبعدتها عن تاريخها وأضعفت أصالتها. وتسأله «زهرة الخليج» عن «الزمن الجميل»:

رؤية شبابية

• سعادتك دوماً مؤازر للثقافة، وجراء دعمك وتبنّيك فكرة برنامج «الزمن الجميل».. هل تأمل منه انتصاراً جديداً للفكر والأدب؟
من الصعب أن تنتصر لثقافة دون أخرى أو لذائقة دون أخرى، هي مسألة أننا نهدف إلى الانفتاح، بمعنَى أننا نعتقد أن الزمن الجميل في هذا البرنامج تحديداً، وللأصالة حضورها الكبير جداً اليوم في النّشء، الذي يبحث عن هوية يؤسس من خلالها مواهبه.

ونحن نؤمن بأن الموهبة لا يمكن أن تتأسس من دون القدرة على التفاعل مع التقاليد الفنية قوة الموهبة بقوة قراءتها لهذه التقاليد الكلاسيكية، التي صنعت الفعل وأسست للأغنية العربية.

وحينما نتابع ما يجري في «قناة أبوظبي»، نكتشف أن معظم البرامج التلفزيونية الكبيرة، انطلقت من هذا المنطلق، ثمة شكل من الأشكال الفنية، وفي المقابل التي تتمتع بالأصالة، وثمة مواهب مُشاركة تحاول قراءة هذا التفكير وتجديده وتطويره، من خلال رؤية شبابية تتطلع إلى الحياة.

ومن هذا المنطلق، «الزمن الجميل» رؤيته الزمن الأجمل، وهدفه الوصول إلى أغنية قادرة على أن تتجاوز سياجاتها الضيّقة لتصل إلى فضاءات عربية توسّع آفاق المتلقّي، وتُعمق من نسبة المستمعين والمشاهدين المتابعين لها.

فنحن لدينا «أمير الشعراء» و«شاعر المليون» كبرنامجين كبيرين، والآن نحن بصدد «الزمن الجميل»، وقريباً سنكشف عما يجري من آليّات لبرنامج كبير جداً، هو «تحدي القراءة العربي». ومن كل هذه البرامج نهدف إلى تسليط الضوء على الأمثلة النّيرة التقليدية التي تصنع التجديد.

• نعي دوماً أن البدايات جميلة في برامج اكتشاف المواهب، لكن السؤال الأبرز: ما مصير الفائز بلقب «الزمن الجميل»، خاصة أن معظم خريجي برامج المواهب يختفون مع اختتام هذه البرامج؟
نحن وضعنا خطة متكاملة لتبنّي هذه المواهب، التسجيل لها، دعمها، تسليط الضوء عليها، وهذا سيتم بالتعاون مع شركات إنتاج وبالتعاون مع «لجنة التحكيم»، التي دورها كبير جداً. فنحن نقدر المسؤولية الملقاة على عاتق عناصرها، أن يستمروا في تعزيز الموضوعية والشفافية، وتعزيز المعرفة والتقاليد في الاختيار، لأن الاختيار قطعة من العقل، ونحن نبحث عن تقاليد عقل الزمن الجميل.

نعتز بلجنة التحكيم

• عدا ثقتك بـ«لجنة التحكيم»، ماذا تقول لهم؟

نحن نثق بذائقتهم ونعترف بتأثيرهم، ونعتز بالفنانة أسماء لمنوّر، والفنانة أنغام، والفنان مروان خوري، لأنهم يجمعون الحسنيَيْن. إذ يجمعون المعرفة الفنية، ويجمعون الثقافة، ومُمسكون بتقديم أنفسهم تقديماً يليق بهذا التاريخ المديد للفن العربي الذي هم نتاجه، لكنهم نتاج مختلف، حيث إنهم استطاعوا أن يجددوا ويؤثّروا في هذا المجال، وهم من صلب الفن.

• إلى أي مدرسة تنتمي ذائقتك الغنائية؟
الأغنية ثقافة، وبناءً عليه هناك الكثير من الأغاني الإماراتية والخليجية من الجيل المؤسس أثّرت فـيّ، فأُطرَب إلى محمد عبده وجابر جاسم، وفي مصر مَن منّا يستطيع أن يتجاوز أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب، ومن يستطيع أن يتجاوز فيروز في لبنان، التي أحيَت بذاكرتنا الموشّحات، كذلك هناك الكثير من القامات المهمة التي لا تزال تؤثر في حياتنا المعاصرة، ويُـثْـرُون المواهب التي تبحث عن هويتها في الفن والإبداع والحياة.