• هذا هو العدد الأخير من عام 2018، الذي يودّعنا بحلوه ومرّه، وكم جميلٌ أن نبدأ حلم عامٍ جديد، لا ندري ماذا ينتظرنا فيه، لكنه في كل الأحوال أصعب وأقسى وأسوأ مما مَرّ علينا أو عشناه. فقد وصل بنا إحساسنا إلى شجاعة لا توصف، حيث صرنا نرى مَشاهد القتل والتعذيب في نشرات الأخبار أمامنا على الشاشات أو في واقع الحياة، وبعد بضع دقائق بل ثوانٍ، يبدو وكأنّ شيئاً لم يَكُن، فالحمد لله على نعمة النسيان. عموماً، عندما يكون حجم الإخفاقات أكبر من كمّ الانتصارات، كما لمسنا ونحن نرصد «بانوراما» أحداث العام الحالي فنياً، من خلال كم الوفيات والطلاقات والأزمات التي عاشها أهل الفن في 365 يوماً مضت، يكون الأفضل عندها أن نستمع لما سبق أن غنّاه الموسيقار الراحل ملحم بركات في أغنية «تَعَا ننْسَى...».

• في 2018، أعجبني ذلك الالتفاف والتلاحُم ووحدة الصف التي نلمسها بين الفنانين من أبناء الوطن والمجتمع ذاته. فقد يكون بين فنان مصري وآخر خلاف يصل إلى أروقة المحاكم، لكنه مع ذلك يرفض بشدة أن يسمع أي كلمة جارحة عنه من أحد غير مصري. فالهويّة المصرية بالنسبة إليهم هي بمثابة حاجز ممنوع الاقتراب منه، لذلك قلّما تجد فناناً مصرياً يهاجم ابن بلده عبر وسائل الإعلام. وكما لفتت نظري تلك الصورة التي شاهدنا فيها النجمين عادل إمام وسمير غانم مُتعانقين، بعد أن اجتمعا معاً في مسلسل «عوالم خفيّة» بعد طول غياب، حتى اعتبرت الصورة الأبرز فنياً في 2018. الأمر ذاته يمكن قوله عن نجوم الغناء الخليجي، أمثال: راشد الماجد، عبد المجيد، الجسمي، الرويشد، ماجد المهندس، وليد الشامي، أصيل، رابح صقر وآخرين.. حتى إننا شاهدناهم في أكثر من عمل أو مناسبة مجتمعين على الحب والتعاون والاحترام، والحال ذاتها بين نجوم الدراما السورية، عابد فهد، قصي خولي، باسل خياط، باسم ياخور وغيرهم. أو نجوم الغناء اللبناني، راغب، عاصي، نجوى ووليد توفيق، فلم تعد تلك الحساسيات حاضرة بينهم، إمّا لأنهم نضجوا، أو لأنهم اقتنعوا بأن الفن قادرٌ على تجميع مَن فرّقتهم السياسة، فشكراً للفن الذي وحّدنا.

• أعجبني في 2018 أيضاً، بقاء «فنان العرب» محمد عبده على ما هو عليه من أصالة وطيبة وتواضع، إذ لم تُغيّره تكنولوجيا العصر من «فيسبوك» و«تويتر»، ولا يزال «مجموعة إنسان» عندما تتصل به تجده من يرد عليك، ليُجيبك بوضوح ومن دون موارَبة على استفسارك. الأجمل أنّ تعدّد وسائل الإعلام و«التواصل الاجتماعي» لم يحرق وهج «أبو نورة» وآخرين نحبهم، أمثال: فيروز، كاظم الساهر، ماجدة الرومي، شريهان، سعاد عبد الله، عبد الكريم عبد القادر وآخرين، بل أثبت هؤلاء ومَن في مكانتهم، أن قيمتهم تزداد مع تقدّم العمر، وبالفعل هؤلاء خارج حسابات أي استفتاءات سنوية، لأنهم ليسوا في القمة، بل هم القمة ذاتها.