امتطى «فارس الغناء» المطرب عاصي الحلاني صهوة أغانيه مُحلقاً من وطنه لبنان إلى البرازيل ودولة الإمارات، فلم يعد يَقنَع بالمسافات المتقاربة، بل يستهويه بُعد المسافات، والجمهور الذي يكون حاضراً بانتظاره. وهكذا جاء المشهد في حفلَي الحلاني الأخيرين الأسبوع الماضي، في العاصمة البرازيلية ساو باولو، و«القرية العالمية» في إمارة دبي، فعلى الرغم من بُعد المسافة بين المكانين، إلا أن حرارة استقبال الجمهور لـ«أبو الوليد»، كانت واحدة في الحفلين.

كسبت الرهان

بدايةً يقول الحلاني: الحلو أنه بعد مشوار طويل لي في الفن، وبعد تعب واجتهاد ومثابرة، وعلى الرغم من تغيّر الزمن والأجيال، ما زلت موجوداً وقادراً على مواكبة الأعمار كافة. ففي حفلي الأخير في «القرية العالمية» بدبي، إذا تأمّلتُم صور الحفل ستجدون هناك جمهوراً حاضراً من عمر 15 سنة، وكانوا يغنّون معي الأغاني التي سبق أن قدمتها منذ 25 سنة. مثل «يا ناكر المعروف» التي قدمتها عام 1995، أو أغنية «واني مارق مَرّيت»، التي قدمتها عام 1994 وغيرهما، وهذا كله يحفزني لأن أعطي من قلبي وأكون فخوراً بما أقدمه، كما أن الأمر لا يقتصر على القديم بل أيضاً أجد تفاعل الجمهور مع جديدي، ونجاحي من أمس وحتى اليوم خير دليل على صحة الاختيار، لأنه في بعض الأحيان كنت أجد من يوجّه لي انتقاداً على بعض الأعمال التي غنيتها، قائلاً: «هذا اللون لا يناسبك»، لكني وبعد سنوات، أقول إني من خلال التنويع الذي قدمته في أعمالي، كسبت الرهان، إذ تمكنت من الاستمرار على مدى ثلاثة أجيال، وأن يبقى النجاح حليفاً لحفلاتي.

طابع الاغتراب

ونسأل الحلاني: هل ما قدمته من أغانٍ في حفلك بالبرازيل، هو ذاته أعدت غناءه في حفل دبي؟ فيُجيب: «لا، في البرازيل هناك طابع الاغتراب اللبناني القديم، بمعنَى أن من هاجر من اللبنانيين إلى البرازيل وغيرها من دول الاغتراب، تجدهم هم وأبناءهم متعلقين بالأغاني القديمة، وطبعاً أشْدُو لهم جديدي، مثل «شو بخاف عليك»، لكن يكون التركيز أكثر على الموّال والعتابا والميجانا والأغاني الفولكلورية والتراثية».

وديع وفيروز وصباح

ويضيف عاصي: «الجاليات العربية المغتربة في البرازيل مثلاً، يبدون وكأنهم يعيشون في دنيا أخرى، لدرجة أنك قد تذكر أمامهم اسماً لمطرب عربي تكون «مكسّرة أغانيه في الدول العربية»، لكن قد تُفاجأ بأن العرب المقيمين في البرازيل «مو سامعين عنه».. بمعنَى أن الزمن توقف لديهم في مطرح مُعيّن. فهم يعرفون جيداً نجوم لبنان القدامَى، وتحديداً: «وديع الصافي، فيروز، صباح ومطربي جيل الثمانينات، لكن ما بعد ذلك لا يعرفون منهم سوى أسماء قليلة. إذ يحبون اللون الغنائي الذي أقدمه أنا ونجوى كرم مثلاً».

مفاجأة عيد ميلادي

انتشر مؤخراً «فيديو» للحلاني في مواضع «التواصل الاجتماعي» وهو يرقص ويقفز مع مجموعة من الأجانب، إنما بدا غير مستوعب لما يحدث، حتى إن البعض علّق مازحاً: «عاصي في الفيديو كالأطرش بالزفّة». وكان مناسباً أن نستفسر من عاصي عن الأمر، فأجابنا: «هذا الفيديو تم التقاطه لي وأنا في المطار مغادراً البرازيل، وتصادف ذلك اليوم مع تاريخ عيد ميلادي، وبينما كنت في طريقي إلى أحد المطاعم في المطار، ومن دون أن أدري اتفق رفقائي مع من يعملون في المطعم من الجاليتين اللبنانية والسورية على الاحتفال بعيد ميلادي، فاجتمعوا ومعهم بعض الأجانب العاملين في المطار، وأحاطوا بي وهم يقفزون ويغنون ويرقصون. وبصراحة، للوهلة الأولى لم أكن فاهماً «شو عم بصير»، ولم أستوعب ما يحدث، خاصة أن الجميع كانوا يتحدثون بالبرازيلي، وتحسّباً لأي أمر قفزت واندمجت معهم، حتى بعد ذلك فهمت «الضرب»، وأنهم أعدّوا للمفاجأة. ولم أمانع في انتشار الفيديو على وسائل التواصل حتى يرى الجمهور كيف أن الفنان مثلهم، يكون معظم الوقت على طبيعته، وليس دائماً مرتدياً البدلة والكرافتة ومتكلّفاً».

عمر الفرا تنازل لي

واحدة من مفاجآت عاصي الحلاني التي يكشفها لـ«زهرة الخليج»، أنه سيطرح قريباً أغنية (سينغل)، بعنوان «الوطن»، وهي القصيدة التي كان قد كتبها الشاعر السوري الراحل عمر الفرّا. ويقول: «قبل وفاة عمر الفرا بأربعة أشهر تقريباً، قال لي: «أمانة تغني قصيدة (الوطن) بصوتك»، فطلبت منه تنازلاً عنها وأرسلهُ لي، والآن سجلتها بصوتي بعد أن لحنتها، وقام بتوزيعها موسيقياً طوني سابا، وكلماتها تجعل العين تدمع، إذ يقول مطلعها: «الوطن يا ابني شبيه الأم.. إنْ رادت ترضع وتفطم.. وإن رادت توهب وتحرم.. بأي حالة اسمها الأم.. الوطن يسكن خلايا الدم.. غريزة تسري عطر الدم.. لـمّـا نموت بالغربة.. تظل الروح تلفانة.. حزينة مشرّدة بالهمّ.. الوطن عزّة وكرامة وصحوة الوجدان.. الوطن صبر وعزيمة وقوّة الإيمان.. الوطن يا ابني ما هو لفلان أو ابن فلان.. الوطن يا ابني ما هو طابع ولا هاتف ولا عنوان.. الوطن للّي جُذوره مثبتة بالتاريخ يتزاحم مع الأزمان...». ويضيف عاصي: «هذه القصيدة ليست سياسية، لكنها تتحدث عن الذي يهاجر عن وطنه ولا يعود إليه، وعن الذي يقيم في وطنه لكنه لا يشعر بقيمة الوطن. واللحن سيتنافس مع الكلمات في إبكاء المستمع».

وداع 2018

في «أجندة» وداع «أبو الوليد» لعام 2018، لديه ثلاثة حفلات الأولى بتاريخ 25 ديسمبر، في مدينة بون الألمانية، وذلك بمناسبة احتفالات «الكريسماس». وبتاريخ 29 ديسمبر في العاصمة بيروت. وبتاريخ 31 ديسمبر، يُحيي حفل رأس السنة 2019، بفندق «لو رويال» في العاصمة الأردنية عمّان. ويتخلل هذه التواريخ استعدادات عاصي لإنجاز ألبومه الغنائي الجديد.

ديو المشاهير

كشف عاصي عن أنه تعمّد عدم المشاركة كضيف في الحلقات الأولى من برنامج «ديو المشاهير»، خاصة أن نجله الوليد هو أحد المتسابقين المشاركين في البرنامج، قائلاً: «أريد أن يكون الملعب والاهتمام بابني وليس بي». ونسأله: هل أنت موافق على احتراف نجلك الغناء، كما فعلت ابنتك ماريتا؟ فيجيب باختزال: «هو عم يجرّب ويتسلى، وإن كان الناس أجمعوا على أن صوته حلو». ويُعلق عاصي على عبارة ابنه الوليد في كواليس إحدى حلقات «ديو المشاهير»، عندما صرخ قائلاً: «راح نكسّر المسرح»، ليَضحك عاصي مُعقّباً: «الوليد كان عم يمزح، لكنه أثبت أنه ابن بَيّه».