لا يغيب الفن عن ساحات «مهرجان الشيخ زايد التراثي». فالمهرجان وُجِدَ أصلاً لنشر مفاهيم الجمال لزواره، وهو ما يحقق رؤية المهرجان الرامية إلى التقاء الحضارات تحت سماء واحدة. الفن الذي يمكنك أن تراه في أعمال أصحابه في الجناح الكويتي والعماني والسوداني. ثلاثة فنانين يشاركون الزائرين نتاجاتهم، ويعرضونها للاقتناء، احتفاظاً بجزءٍ من أرواحهم المحلقة في فضاء الإبداع. تتعرف إليهم «زهرة الخليج» في هذا التحقيق.

القديم في الفن الحديث

مُروراً بالبخور واللبَان العُماني الشهير، والعسل، والعطور، والمقتنيات الرجالية، انتهاءً بجناح جديد يشارك لأول مرة في «مهرجان زايد التراثي»، يقف على مدخله الفنان العماني التشكيلي الشاب سامي السيابي، وخلفه لوحات ذات أشكال ومدارس فنية مختلفة، لثلاثة فنانين عُمانيين هو أحدهم. اللوحات تأخذ من التراث مواده ومعانيه ومظاهره، تشكلها بألوانها وضربات فرشاتها البديعة. على الجدار الرئيسي يعلق سامي منحوتته التي سمّاها (الأمان)، والتي تعبّر عن نقص الأمان ووسائله في تصميم البيوت القديمة، بشكل رمزي يحمل ألوان الماء والنار، المعبّرين عن أكثر ما يسبب الكوارث لأهل المنطقة قديماً. ويضع وسط ركن الفن هذا، لوحة لفارسين على خيليهما، يرسمها ويكملها أمام أعين الزائرين. أمّا لوحات موسى عمر، فقد استخدم فيها (الخيشة/ اليونية) كمادة تراثية ممتزجة بألوانه الحادة، وحداثة الطريقة الفنية، في حين عرجت فرشاة إدريس الهوتي على بعض النقوش المستخدمة على أبواب المنازل والأماكن القديمة، مُزيناً إيّاها بالذهب، لوناً وقيمة.

الكاريكاتير والخط العربي

النقوش على أطراف «البشوت» الرجالية والنسائية، والأغاني المحفوظة على الأسطوانات والأشرطة القديمة، ليست الفنون الوحيدة التي قد يلتقيها الزائر للجناح الكويتي في المهرجان، حيث يشارك الفنان فاضل الرئيس للمرة الثالثة فيه، بلوحاته للخط العربي والأخرى الخاصة برسوماته الكاريكاتيرية الهزلية التي نشرها في صحف بلاده. الفنان التشكيلي والخطاط ورسام «الكاريكاتير» كما يصف نفسه، يُعبّر عن حُبّه للراحل الكبير ولأبوظبي، بلوحة يرسمها في دكانه الخاص، ويضعها على المدخل، حاملة ألوان العَلم، تقف في نصفه صورة خشبية للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيّب الله ثراه)، مازجاً بين الخط والرسم والنحت في لوحة واحدة، رمزاً لقدرة الفنان على العطاء في أكثر من مجال، كما كان المغفور له معطاءً في كل المجالات التي تهم الأرض وأبناءها. كما يعلّم الزائرين لركنه الخاص ما يودّون تعلمه في مجال فنه، سواءً الرسم أم الخط.

معالم الدولة بفرشاة سودانية

أمام دكانه الخاص في الجناح السوداني، يجلس الفنان السوداني أسامة عبد الباقي، ناظراً إلى الجالس أمامه بهدوء، ماسكاً بقلم الفحم وممحاة العجين، راسماً ملامحه بسحره المعتاد. يستوحي عبد الباقي أكثر لوحاته المعروضة في المكان، من خلال تجواله في أكثر من إمارة على أرض الدولة، فلوحة تعكس زاوية من الخارجية لمسجد الشيخ زايد، وأخرى تصوّر (برج خليفة) في مشهد ليلي، وثالثة تحرّك بصمت صفاً «للنّعاشات»، وغيرها من اللوحات التي تعبّر عن ملامح محلية وعالمية كذلك، من خلال البناء والإنسان، بضربات فرشاة لها تميّزها وبروزها المختلف. كما يقدم أسامة كذلك للأطفال ورشاً تعليمية للرسم والتلوين، ويرسم المارّة تخليداً لصورهم في المهرجان الذي يصفه بأنه مُتميز؛ لأنه يحمل اسم شخصية متميّزة جداً، أسّست دولة، وبنَت أمّة، وأقامت عِماد الاتحاد، الشيخ زايد (طيّب الله ثراه).