تتسارع الخطوات نحو المستقبل، وما كان يَصلُح كمنطلقٍ لتربية الأبناء أيام (لَوَّل) وحتى أيامنا هذه لم يَعُد كافياً ويحتاج إلى إثراء. وهنا لا أتحدث عن آثار التطورات التقنية وغيرها من العوامل التي غيّرت أسلوب الحياة، بل أتحدث عن تربية تناسب الدور المتوقّع للأبناء أن يمارسوه في مستقبل مجتمعاتهم.
وهنا أتحدث على وجه التحديد عن تربية الفتيات بما ينسجم مع الأدوار التي سيقمن بها، وكذلك تربية الابن ليكون شريكاً في مسؤولية الأسرة وتشجيع شريكة حياته الناجحة مستقبلاً، وأن يُعاونها ويتفهّم متطلبات عملها، ليكون الاثنان عنصراً فاعلاً في نجاح المجتمع والدولة.
فاليوم لم يعد هناك مجال لم تدخله المرأة في مجتمع الإمارات، ولكن مسؤوليات المرأة دخلت منحنى جديداً بعد خطوة تاريخية برفع تمثيل المرأة في (المجلس الوطني الاتحادي «البرلمان») إلى 50%، وهذه خطوة ضمن العديد من الخطوات خلال الفترة الماضية، التي جعلت المواطنة الإماراتية شريكة فعلية في صياغة مستقبل الدولة. فالمواطنة تشغل مختلف المواقع، من أبسط الوظائف إلى قيادة المؤسسات، وصولاً لوزيرات وما بينهما الكثير من المواقع الأخرى المهمّة.
في السابق كنا نربّي فتياتنا ليكنّ مسؤولات اجتماعياً، قادرات على بناء أسَر وليَشغلن مهمات التعليم والطب والمحاماة والهندسة، وحتى قياديات حكوميات وغيرها من المهن التي لا تستقيم الحياة من دونها. ولكن من الآن فصاعداً، لا بد أن نُدخل على التربية المزيد من التمكين وتشجيع بناتنا على اتخاذ القرار، وأن نتحدث لهنّ منذ الطفولة عن الأدوار التي تقودها المرأة، ونخبرهن أن في إمكانهن أن يَكُنّ وزيرات وعضوات مجلس وطني، تمثيل المرأة فيه 50%، ونخبرهن أيضاً ماذا تعني هذه الأدوار، ونشجعهن حتى على تقمّص هذه الأدوار في لعبهن.
وفي الوقت ذاته، أن يتعود الابن منذ صغره على نجاح المرأة في مُحيطه أمّاً وأختاً، ويرى نموذج تقديرها في محيطه، فينشأ شريكاً داعماً للمرأة.
والموضوع لا يقتصر على الأسر، ولكن يتطلب تعاون جميع أطراف التنشئة الممتدة، مثل المدرسة والجامعة، وأن ينعكس ذلك في المناهج والاستراتيجيات التعليمية لمختلف المراحل.
لبناتنا وأبنائنا مهمّات كبيرة بحجم وأهمية طموح الوطن، فهل نحن مستعدون وقادرون على الارتقاء بدورنا التربوي بما يناسب رؤية القيادة الحكيمة وأهداف الوطن؟ أمْعنوا النظر واستثمروا مواهب بناتكم، فقد تكون الوزيرة، أو رائدة الفضاء، أو عضو المجلس المستقبلية، وغيرها الكثير هناك أمامكم في بيتكم. فهل أنتم مستعدون لتربية التمكين؟