أصبح وجود الكنبة في حياتنا أمراً مهماً في مساكننا، فكل إنسان يعتقد أن الكنبة التي لديه، بغض النظر عن سعرها، هي أجمل كنبة بالدنيا، وهي أريح كنبة بالعالم، ولا يوجد فنجان من القهوة أجمل من الفنجان معها.
فما إن يشتري الإنسان كنبة لمنزله، حتى يحرص على أشياء كثيرة توفرها له، فهي مريحة للجلوس ومتابعة التلفزيون، ومن المهم أن تكون بالطول المناسب لأخذ قيلولة وقتما يشاء، فهي سرير من ناحية، وكرسي طعام مرة أخرى وكرسي قراءة، وكرسي استرخاء وقتما يشاء.
وأعتقد أن الكثير إن لم يكن الأغلبية قد اشتروا أثاثاً مرات كثيرة، فأنا لا أفكر كثيراً بشكل ولون غرفة النوم، ولا الطاولات ولا أي قطعة أثاث، أكثر ما يعنيني وأحتار باختياره هو كنب الراحة، فهناك عند البعض أكثر من طقم كنب، للضيوف وللبيت، أما الكنب الذي سأقضي أغلب الوقت معه فهذا الذي أفكر كثيراً فيه، فقد يكون جميلاً بالشكل ولكنه غير مريح، وقد تكون ألوانه مبهرة ولكنه لا يقدم الكمال الذي ينشده من يعرف أهمية الكنب في حياتنا.
لا بد أن يكون لونه وراحته وحجمه مجتمعة ليقتنيه من يريد الراحة، حيث تنشأ علاقة بين الإنسان والكنب بعد فترة، فيصبح جزءاً منه ويأخذ الكنب شكل الإنسان الذي يستخدمه، ويشعر بنوع من الغيرة لو جلس غيره عليه، ويشعر بالنفور من الجلوس بالكنب المجاور لكنبته التي امتصت رائحته وتناغم شكل الكنب من تفاصيل الجسد مع مرور الزمن.
هناك من يجلس على الكنب لتمده بالأفكار للكتابة، وهناك من يجلس على الكنب ويمد رجله على الطاولة ليفكر بجمال العالم أو ببناء العالم، هكذا الأمر يكون بذات السهولة، حين يشعر الإنسان وهو مسترخٍ على الكنبة بأنه قادر على فعل كل شيء وهو في مكانه، وقد ساعدته التقنيات الحديثة على ذلك.
وهو على الكنب يقوم بالتواصل مع البنوك لعمل معاملات بنكية، كانت تتطلب حضوره الشخصي قبل ذلك، ويقوم بالتواصل مع عمله الخاص، ويتخذ قرارات مهمة وهو مسترخٍ، ويستطيع أن يرى العالم ويتحكم بكل شيء وهو في مكانه، وكأن التقنيات الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي زادت من أهمية الكنبة في حياتنا، فبعد أن كنا نستريح من التعب فقط، ونذهب للقيام بواجباتنا الحياتية، جاءت جميع مهامنا والتزاماتنا إلينا بكامل قدرتنا، وأعرف من يحرك أشياء كثيرة وهو مسترخٍ على الكنب، ويقوم بما يتوجب عليه وهو بكامل استرخائه، يأكل، يكتب، يقرأ، يقرر من دون أن يتحرك من مكانه على الكنبة، ورجله الممتدة على الطاولة المقابلة.

شعر

حين لا يَصدقُ وعدٌ للحوارْ

نحن ارتبطنا مثلما

حينما يتلفني منك اعتذارْ

يرتبط الموتُ بحبلِ المشنقة

ثم يطويني انتظارْ

وقد تآلفنا كماذاك لا يعني بأني

يألفُ مسمارٌ لضربِ المطرقة

عشتُ لا أذكرُ ما قيلَ قديماً

فقال عنا صاحبُ الحكمةِ في حكمتهِ

عن (كلام الليلِ يمحوه النهارْ)

(وافق شنٌ طبقة)