فن وعلم ورياضة، ثلاث كلمات بسيطة تفسر المعنى الحقيقي للعبة «الشطرنج»، التي تستخدم ملكات العقل والفطنة والدهاء، المهيمنة على منافسات «البطولة العربية للشطرنج» في دبي، على (كأس زايد)، التي نُظّمت تحت رعاية سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس اللجنة الأولمبية الوطنية، رئيس جائزة محمد بن راشد آل مكتوم للإبداع الرياضي، بمشاركة نخبة من بطلات العرب في اللعبة الوحيدة في العالم، التي تعتمد كلياً على التفكير ولا دخل للحظ نهائياً فيها. «زهرة الخليج» التقت أبرز النجمات المشاركات في البطولة، اللاتي حللن ضيفات على «دانة الدنيا» ونقلت انطباعاتهن.

قوة الأعصاب والهدوء

أعربت لاعبة «الشطرنج» العراقية نبأ عباس، صاحبة المركز السادس في «بطولة العالم للمدارس»، عن سعادتها بالمشاركة في «البطولة العربية للشطرنج» في دبي، بهدف اكتساب خبرة الاحتكاك مع أمهر لاعبات العالم العربي، مُشيدة بقوة نسخة دبي واحترافية التنظيم. وأكدت عباس أنها واجهت صعوبات عديدة مع رياضة «الشطرنج»، حيث إنها رياضة يُهيمن على منافساتها التوتر والقلق، ولا يمكن لأي لاعب أن يتألق فيها إلا إذا اعتمد على قوة الأعصاب والهدوء، الشيء الذي يصعب على كثيرين الوصول إليه.

وتحلم نبأ بأن تحصل على لقب «أستاذ دولي كبير»، الذي يعد أكبر لقب يحمله لاعب «شطرنج»، ويمنحه «الاتحاد الدولي للشطرنج» مدى الحياة، لمن يستوفي الشروط اللازمة للحصول عليه بتحقيق ثلاث درجات في ثلاث منافسات مختلفة، كما تتمنى منافسة أقوى أبطال وبطلات العالم، لتثري قُدراتها ومهاراتها مع لعبة الأذكياء.

السر في والدي

قالت لاعبة «الشطرنج» الجزائرية أمينة مزيود، صاحبة لقب بطولة العرب في النسخة الماضية، إنها فخورة بالمشاركة في البطولة العربية بين نخبة أبطال العالم العربي.

وبيّنت مزيود أنها بدأت تلعب «الشطرنج» في عمر ست سنوات، وذلك باختيار من والدها الذي لمح الذكاء والفطنة في عيني ابنته، لتنبغ وتتطور سريعاً في لعبة العباقرة وتحقق إنجازات عربية أفريقية عديدة، وتصل إلى تصنيف (2250). وأكدت أمينة أن «الشطرنج» غيرت حياتها بصورة كبيرة، وعوّدتها على التفكير والتخطيط الجيد قبل أي عمل تقوم به، مما ساعدها في الدراسة على النجاح والتفوق.

رياضة غير مكلفة

بدورها، بيّنت لاعبة «الشطرنج» اللبنانية مايا جلول، بطلة العرب مرتين تحت 14 عاماً، أنها شاركت في بطولة العرب أكثر من مرة، مُشيدةً بقوة منافساتها وأجوائها الثرية التي تدعم جميع المشاركين والمشاركات، لافتة إلى أنها فرصة رائعة لرفع التصنيف الدولي.

وأكدت جلول أنها بدأت اللعبة في عمر 10 سنوات، وتعلمت منها التنظيم وحُسن التخطيط الذي عاد بالنفع على جميع جوانب حياتها. ودعت مايا جميع فتيات العرب إلى ممارسة رياضة «الشطرنج»، التي تعد من أهم الرياضات الذهنية التي تعمل على تطوير العقل وتركيز الذهن عند الصغار والكبار، مشيرة إلى أنها رياضة غير مكلفة، ويسهل على الإنسان تعلمها في أي مكان.

تاريخ «الشطرنج»

لا أحد يعرف على وجه الدقة، أين كان المنشأ الحقيقي للعبة «الشطرنج»، فهناك بلدان عديدة تدّعي اختراعها تلك اللعبة، ولكن أكثر الآراء رواجاً تقول إنها نشأت في الهند، وتولدت من لعبة «الشاطرونجا»، التي يبدو أنها اخترعت في القرن السادس الميلادي، على الرغم من أن الشكل الأقرب منها منتشر في الصين، وعُرف بوجوده منذ القرن الثاني قبل الميلاد.

وبدأت بعد ذلك لعبة «الشطرنج» بالانتشار، حتى وصلت إلى أوروبا غرباً، واليابان شرقاً، حيث انتقلت اللعبة من الهند إلى فارس، وانتشرت عبر العالم العربي.

جهود فردية

أكدت لاعبة «الشــــــــــطرنج» المصرية شروق وفا، بطلة العرب وأفريقيا تحت 20 عاماً، أنها استفادت من البطولة العربية لدعم استحقاقاتها المقبلة، مشيرةً إلى أنها دوماً تستعد جيداً قبل مشاركاتها الخارجية، كاشفةً عن أنها قدمت تضحيات كثيرة من أجل ممارسة رياضة «الشطرنج»، إذ إنها اضطرت إلى ترك امتحاناتها في الجامعة لتشارك بالبطولة العربية وتصقل خبراتها، وتدعم تصنيفها الحالي الذي يُقدّر بـ(2159)، حيث تحلم بالوصول إلى التصنيف (2300) دوليا، وتبدأ مسيرة الاحتراف العالمي. كما لفتت شروق إلى تحدّيها عقبات كثيرة أمام طريق تألقها باللعبة، أبرزها عدم وجود دعم كافٍ للعبة في مصر، حيث يضطر اللاعبون إلى الاعتماد على جهودهم الفردية في التدريبات، إضافة إلى قلة فرص اللعب مع منافسين أقوياء.

أول بطولة

بدأت أول بطولة عالمية للشطرنج عام 1886، حيث فاز فيها اللاعب الألماني إيمانويل لاسكر.

وفي عام 1924 تم تأسيس «الاتحاد الدولي للشطرنج»، حيث أقيمت لها مباريات دولية عديدة، واشتهر فيها أكثر من لاعب، كان آخرهم الروسي غاري كاسباروف، من مواليد 1963، والذي تربع على عرش البطولة، بعد أن تغلب على مواطنه أناطولي كاربوف، في التاسع من نوفمبر عام 1985، وكان يبلغ من العمر آنذاك 22 عاماً.

ومن النساء الحاذقات في لعبة «الشطرنج» قديماً، عُريب المأمونية، التي حظيت عند الخليفة عبد الله بن هارون الرشيد، بالإعجاب والتقدير لمهاراتها وحدّة ذكائها. وقد نظمت أول بطولة العالم النسوية عام 1927، من قبل «الاتحاد الدولي للشطرنج» «FIDE»،
كمنافسات منفردة جنباً إلى جنب مع «أولمبياد الشطرنج»،
وكانت الفائزة في ذلك الوقت اللاعبة فيرا منشك.

بيئة خصبة للتعلم والتطور

لفتت لاعبة «الشطرنج» الإماراتية مريم عيسى (17 عاماً)، صاحبة لقب بطولة الإمارات (فئة 18 عاماً)، إلى أنها تشارك من أجل رفع تصنيفها واكتساب الخبرة والاحتكاك لدعم موهبتها وصقل مهاراتها.

وتؤكد عيسى أن رياضة «الشطرنج» انتشرت بصورة كبيرة في الإمارات، وأصبحت تمتلك قاعدة قوية من اللاعبات في جميع الفئات العمرية، مشيرة إلى أن الدولة قدمت لهن البيئة الخصبة للتعلم والتطور، من خلال تنظيم العديد من البطولات المحلية، فضلاً عن استضافة أكبر بطولات الشطرنج العالمية، التي دعمت كثيراً المواهب المحلية.

كما تتمنى مريم أن تصبح أول إماراتية تحقق لقب «أستاذ دولي كبير»، لتضاف إلى سجل إنجازات بنات الإمارات.