يعد التصوير أحد فروع الفنون الجميلة التي لا تزال حية وتلقى إقبالاً كبيراً، وقد يصنع المصور بلقطة واحدة ما يعجز عن التعبير عنه عشرات الكتاب، لأن اللون والأضواء لهما سحرهما الذي يخترق النفوس ويثري الذائقة ويمتع الأبصار، ويرسم الدهشة على الوجوه، وللمصور السعودي ناصر الناصر قصته مع الكاميرا، فحينما أراد أن يكون مصوراً له حظه من المشاركة في المهرجانات، أخذ كاميرا هاتفه الجوال تفحصها وأعاد ضبط إعداداتها، وبدأ بالتقاط الصور برغبة ممزوجة بنية المشاركة في أحد مهرجانات التصوير المقامة في الصين.

يروي الناصر لـ«زهرة الخليج» قصته قائلاً: «كان المهرجان مختصاً بالتصوير بالكاميرات، وراسلت إدارة المهرجان بمجموعة من الصور التي التقطتها بهاتفي الذكي، وتعكس التراث السعودي وجاءتني الموافقة بقبول الأعمال»، وتابع: «بالنسبة إليّ قبولي في مهرجان يختص بالتصوير بمجموعة صور التقطت عبر كاميرا جوال، أراه أمراً مهماً وخطوة ذكية في تطور أساليب التصوير، والانتقال بها من الكاميرا التقليدية إلى كاميرا الهواتف الذكية».

وعن تجربة عرض صوره في الصين، أكد الناصر: «حققت صوري انتباهاً كبيراً من قبل المشاركين، ومنهم من فوجئ بأن التقاطها كان عبر كاميرا هاتف جوال، وأستطيع القول إن صوري بهرت المشاركين في مهرجان «طريق الحرير الدولي»، والتي مثلت جوانب مختلفة للبيئة والموروث المحلي في السعودية».

لقطات عفوية

وبيّن الناصر الذي سبق له تمثيل المملكة في معرض أقيم في لوس أنجلوس بتنظيم «مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي» (إثراء)، أن العالم شغوف برؤية تراث الجزيرة العربية الشعبي عبر الأزياء والمكان والإنسان، موضحاً: «أجد أن صور الهاتف تكون أكثر تلقائية وعفوية وقرباً من الناس، على عكس العدسات المتطورة التي تخضع فيها الصورة لبرامج محسنة للرؤية والألوان بشكل مكثف على حد وصفه».

مفاجأة سعيدة

كشف الناصر عن أن إحدى المفاجآت السعيدة التي جعلته يتمسك بالتصوير بالهاتف، كانت عندما اختارت إحدى كبريات شركات الهواتف في العالم صورة التقطها لتنشرها في حسابها الخاص بعد أن أخذت موافقته، وقال: «فوجئت بشركة تستأذنني لأخذ صورة نشرتها في موقع «انستجرام»، وذلك لعرضها في حسابها، ففرحت بذلك كثيراً وظننتها مزحة في البداية»، مبيناً أن هذه الصورة لطفل اسمه جابر من سكان الطائف، التقطتها له أثناء رحلة تراثية إلى المحافظة الواقعة في غرب السعودية. وعن نيته في فتح دورات قصيرة مستقبلاً لتعليم التصوير الاحترافي عن طريق الهاتف الجوال، رد ضاحكاً: «لم لا؟ ربما سأفكر في ذلك، ومن حق الجميع أن يستمتعوا بالتصوير وأن تظهر صورهم جميلة».

التصوير التراثي

لفت ناصر الناصر إلى أن التصوير التراثي يلامس مشاعر الإنسان على حد وصفه، لكونه يمنحهم فرصة التأمل ويحيي داخلهم ذكريات الحنين إلى الماضي، وقال: «الأدوات والملابس التراثية فيها روح وحياة من الماضي، وتعطي المصور فرصة وطاقة إيجابية للإبداع».

كما يتوقع الناصر، المتخصص في علوم الحاسب الآلي، لكاميرا الهاتف الذكي من خلال حضورها القوي في المعارض الدولية، أن تسير في الطريق الصحيح لمنافسة ومزاحمة الكاميرا التقليدية، وقال: «في غضون الـ15 عاماً المقبلة، سيشهد العالم ثورة متقدمة في التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وقد تلغي هذه التقنية طرق التصوير بالكاميرا التقليدية»، مضيفاً: «هي أكثر خفة وأقل كلفة مادية، وأسهل في الممارسة من الكاميرا التقليدية التي يصل سعرها إلى آلاف الريالات، إضافة إلى أن التصوير بكاميرا الهواتف الذكية حتماً سيذيب الحواجز بين هواة التصوير، وسيفتح الباب للكثيرين لخوض التجربة والاستمتاع بها».