تخيّلوا معي أن وسائل معرفة تاريخ اليوم والشهر اختفت من الدنيا، فهل سيكون من الصعب معرفة أن هذا العام أوشك على الرحيل؟ بالنسبة لي ولكثيرين ممن يقرؤون سطوري الإجابة لا. فنحن لا نحتاج النظر لساعة أو مفكّرة لنعرف أن أياماً قليلة تفصلنا عن استقبال عام 2019، ونودع 2018 بكل ما حمله من نجاحات وسعادة ولحظات سرّتنا وأخرى أحزنتنا وخذلتنا.
فأيامنا في هذا الوقت من العام مزدحمة بأمنيات الناس وتوقعاتهم من العام الجديد وبمجرد أن نمرر أعيننا على (البوستات) والصور التي تصل إلينا عبر «الواتساب» أو تُنشر في وسائل التواصل الاجتماعي نعرف أننا في ديسمبر شهر مراجعة عام مضى وكتابة لائحة أمنيات تطول يجب أن يحزمها 2019 في حقيبة وصوله المنتظر. والسمة الغالبة على هذه الأمنيات هي التحسُّر بأسلوب فكاهي على ما فات أو توقّع أن العام الجديد لن يختلف كثيراً عن سابقه بالنسبة لتحقيق الأمنيات الشخصية.
لا أريد أن تكون سطوري هذه في دائرة التنظير ولا أُنكر أن لائحة أمنياتي لا تقل عن لائحتكم طولاً، فالإنسان بالفطرة يبحث عن الأمل والسعادة. ولكن أريد أن يكون استقبالنا لهذا العام الجديد مختلفاً عن سابقيه وأن نختار بين نسختين من العام الجديد: الأولى في أذهاننا أو مجموعة أمنيات مكتوبة في مكان ما كهاتفنا، والثانية نسخة نتعاهد أنا وأنتم أن نعيشها فعلاً ونقرر أن نحولها من أمنيات إلى واقع بالبدء فوراً بالاستمتاع بها.
ما المشترك بين أمنياتنا جميعاً للعام الجديد عادةً؟ يمكنني تلخيصها بعدة أمور وكأنكم همستم لي بها: السعادة والحب، والنجاح الشخصي والأسري والمهني والصحة. والفارق بين شخص وآخر هو في المقدار الذي يريده من كل واحدة منها. إذاً فلنبدأ نحن ولا ننتظر 2019 لنفتّش حقيبته وما حمله لنا والوصفة سهلة. أولاً نشكر الله على عام مضى ونحن ومن نُحب بخير وندعو أن يكون قادم الأيام أجمل وأسعد ونكرر الدعاء كل صباح ليصبح بإذن الله حقيقة.
والخطوة الفورية هي أن نبدأ بتنفيذ ما تضمه لائحة أمنياتنا فإن كانت السعادة أولاها فلنبحث عنها في محيطنا وما لدينا، وأما الصحة فلنعمل ما بأيدينا مهما كان بسيطاً لنجعل أسلوب حياتنا أكثر صحة، وأما الحُب فهو ينبع من قلوبنا وكل ما نحتاجه هو أن نغرف مما غرسه الله في قلوبنا وننثره لمن يستحق ولمن نحبهم، وتستمر القائمة حسبما أردتم. نحن لا نحتاج لقوائم تطول حتى نصبح نحن وحياتنا أفضل مما سبق ولكن نحتاج إرادة وأن نبدأ والباقي يتكفل بنفسه. كل عام جديد وأنتم ومن تحبون بخير وأمنياتكم حياة تعيشونها ولا تبقى حبيسة سطور كتبتموها في مكان ما.