ثم ماذا لو خرجنا عما نعرفه عن فيلسوف إرادة القوة فريديريخت نيتشه، وذهبنا لنفتش قليلاً في تفاصيل حياته السرية التي أدت به في النهاية إلى الجنون، كان من أهم أسبابه محاولة استمالة قلب امرأة لم تكن سهلة. فقد منحها ذكاؤها وقوة شخصيتها أن تعيش في وسط رجالي ثقافي لم تقبل بأن تكون خروفه الضحية، بل هي من حول الكثير من الكبار إلى خرفان. هناك صورة تعبيرية تركيبية عنها: السوط في يدها، وأمامها كل من الفيلسوفين نيتشه وري، يجران عربة. الصورة رد على نيتشه الذي قال: كلما توجهت نحو امرأة لا بد أن تأخذ السوط معك. مع أن لو سالومي لم تكن في بداية حياتها، حالة استثنائية يمكنها أن تغري عظماء عصرها، على الرغم من أنها عاشت حياة روسية أرستقراطية، مشكلتها الكبيرة، وضعها الصحي. فقد كانت هشة. اختارت أمها في سنة 1882 أن تبعدها عن المناخ الروسي الصعب، فذهبت بها إلى إيطاليا لتغيير الجو. تشاء صدف الحياة أن تلتقي نيتشه الذي أصيب بها منذ أن رآها لأول مرة. كان في بداية تلمس مشروعه الفلسفي. كان عمرها 21 عاماً، بينما هو 38 عاماً. عاش نيتشه برفقتها واحدة من أجمل سنوات عمره التي ذاق فيها لذة الحب. نعومة لو سالومي جعلت منها حب العمر على الرغم من مغامرته مع كوزيما التي ستصبح لاحقاً زوجة الموسيقي العظيم فاغنر. وجدت لو سالومي في نيتشه المعوض لها عن فقدان والدها. ارتبط بها نيتشه بشكل شبه مرضي ومدمر. لم يكن يرى شيئاً آخر خارج لو سالومي. لكن أخت نيتشه إليزابيث كرهتها، عملت على تدمير هذه العلاقة، فحاولت أن تدخل عليه الشكوك من خلال قراءات مغرضة لغياباتها وحركاتها.  ابتعدت لو سالومي في النهاية عن نيتشه. انقلب حبه لأخته إلى حالة من الكراهية الكبيرة. وأصيب بحالة هذيان كان من نتيجتها كتابه هكذا تحدث زرادشت.
في سنة 1886 تلتقي لو سالومي المستشرق الألماني المختص في إيران، فرديريخت كارل أندرياس، الذي أحبها لدرجة التهديد بالانتحار إن هي رفضت الزواج به. تقبل بشرط أن تظل حرة في حياتها. وتزوجت أندرياس في 20 جوان 1887 وظلت تحمل اسمه حتى الموت، من دون أن تتخلى عن اسمه إلا عندما أحبت الشاعر الألماني الكبير راينر ماريا ريلكه، كان عمرها 36 عاماً، وهو 22 عاماً. كانت علاقة لو سالومي مدمرة لنيتشه. فانتهى به الأمر إلى مستشفى المجانين في عيادة الدكتور جوزيف بريوير، بمبادرة من لو سالومي نفسها، لكن من دون علمه. وساعده على ذلك تلميذه سيغموند فرويد. ونظراً إلى أن لو سالومي كانت تعرف نيتشه جيداً، فقد كتبت عنه كتاباً مرجعياً ضخماً من ثلاثة أجزاء تابعت فيه شخصية نيتشه وتحولاتها من البداية حتى النهاية. توفيت عن عمر يناهز 76 عاماً ودفنت في مقبرة غوتنغن بالقرب من قبر زوجها كارل أندرياس.