في زخم الاحتفال باللغة العربية بيومها العالمي ، وبمناسبة تخصيص منظمة اليونسكو لمحور «اللغة العربية والشباب» للاحتفاء به هذا العام، يقول مدير «جمعية حماية اللغة العربية» الدكتور علي عبد القادر، موجهاً كلامه للشباب: «اللغة لغتكم، والهوية هويتكم، كونوا أبناء عظماء لأعظم أم». وفي لقاء مع عبد القادر عن دور الجمعية في الحفاظ على اللغة العربية. ونسأله.

• ما الدور الذي يمكن أن تقوم به «جمعية حماية اللغة العربية» لحماية اللغة بشكل فعال؟
الخطة الاستراتيجية التي تمضي عليها الجمعية تنبع من فكر أعضائها الغيورين على اللغة العربية، ونحن نعمل حالياً عبر ثمانية محاور هي: التعليم، الطفولة المبكرة، الجامعات، المشاريع العلمية، النشر والكتاب، التقنية، الإعلام، والتعزيز المجتمعي. ومن هذه المحاور انطلقت مشاريع ومبادرات وأهداف تشغيلية لضمان تحقق الأهداف جميعها مع عام 2021، استجابة لرؤية الإمارات التي نصت على أن تكون «الإمارات هي مركز الامتياز في اللغة العربية».

مبادرات إماراتية

• سبق أن أطلقت العديد من المبادرات لدعم اللغة العربية، فهل أسهمت في دعم لغة الضاد؟
من الإنصاف القول أن الاهتمام الذي حظيت به اللغة العربية في الإمارات يفوق باقي الدول المجاورة، مما يؤكد دائماً أن تعزيز مكانة اللغة العربية يمثل مصلحة وطنية رئيسية، لأن الهوية الإماراتية مرتبطة بشكل كبير باللغة العربية.

• هل تتابع الجمعية مناهج التعليم الأساسي في المدارس؟ وما ملاحظاتكم عليها؟
الجمعية، لا تعطي نفسها سلطة متابعة المدارس، لكنها تمد يد العون في مجال مناهج التعليم الأساسي في المدارس. وتعمل على منهج متكامل لدعم الطلاقة اللغوية وتنمية الوعي الصوتي، أطلقت عليه اسم «أبجد» يتكون من 144 قصة في خمسة مستويات مختلفة تخاطب الطالب في مرحلة رياض الأطفال، وفي الصفوف الثلاثة الأولى من التعليم الأساسي، وتقدم له فرصة ثرية لممارسة المهارات اللغوية استماعاً ومحادثة وقراءة. وقد أطلق عليه اسم «أبجد»، لأن كل مستوى من المستويات سوف يرمز له بلون وحرف من حروف الأبجدية، ويهدف إلى أن تألف عين الطفل الحرف العربي في أوضاعه المختلفة من الكلمة.

الحل المثالي

• هل سيكون هناك تنسيق أو تعاون مع المؤسسات المشابهة في الدول العربية؟
سؤالك يفتح باباً لا بد أن تلجه جميع المؤسسات المعنية باللغة العربية في الخليج. يمكننا أن نتحدث عن مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز لخدمة اللغة العربية، وعن المنظمة العالمية للنهوض باللغة العربية، وعن المجلس الدولي للغة العربية، بالإضافة إلى مجامع اللغة العربية التي تتكاثر في كل سنة، ناهيك عن الجمعيات الأهلية واللجان الجامعية والمدرسية، وهي حلقات متتالية ليس ينقصها إلا حلقة التنسيق، وآمل أن نصل إليه سريعاً فهو الحل المثالي.

• إلى متى سنظل نتحدث عن ضرورة حماية اللغة ولا يوجد فعل حقيقي على أرض الواقع؟
بالعكس يوجد فعل حقيقي. فمرحلة الحديث عن ضرورة حماية اللغة العربية كان صرخة، لعل من بدأها كان حافظ إبراهيم في قصيدته الشهيرة. لكن الوضع اليوم لم يكن كما كان منذ قرن من الزمان. فاليوم نتحدث عن خطة دولية للنهوض باللغة العربية، تقودها حكومات رسمية، وتضع لها مشاريع وموازنات، كما نتحدث أيضاً عن عمل علمي ومنهجي تقوم به دور النشر ومجامع اللغة العربية وأقسامها في الجامعات. إضافة إلى مجهود شعبي وعمل أهلي يتضح من كثرة جمعيات حماية ورعاية اللغة العربية.

أسطوانة مشروخة

• كيف يمكن التقرب إلى الشباب لغوياً وتحبيبهم في العربية بينما يأخذهم عالم «السوشيال ميديا» وعمادة اللغات الأجنبية؟
ما نريده من الشباب أن يكونوا أداة بناء لا معول هدم في واقعهم اللغوي وهويتهم الوطنية. ونطالبهم بأن يبذلوا مزيداً من الجهد للغتهم، وهم الذين بذلوا جهدهم في أن تكتسب ألسنتهم التعددية والثنائية، فلن يصعب عليهم أن ينقلوا لسانهم العربي إلى زميل عمل، أو رفيق دراسة، أو عابر سبيل.

• لماذا لا تسعى الجمعية ليكون لها دور ملزم في تفادي أخطاء لافتات المحلات التجارية؟
لا يمكن للجمعية (وهي جمعية تطوعية) أن تلزم قطاعاً متناهي الكبر متعاظم النمو، كالقطاع الاقتصادي. نحن نتحدث عن جهات عدة للترخيص منتشرة في نطاق واسع من الرقعة الجغرافية للوطن، ومرتبطة بشراكات أو وكالات لدول غير ناطقة بالعربية. لكن هذا لا يلغي دورنا، ولا يدعونا لترك الحبل على غاربه، بذلنا جهوداً لتحقيق عمل يتسم بالاستدامة من خلال بث الوعي في مؤسسات الترخيص، ودعوتها لتأهيل مراجعين ومدققين لغويين، والسعي لتنمية مهارات موظفيهم اللغوية والتخلي عن الأسطوانة المشروخة التي تلقي الاتهام على مخرجات التعليم.

5 تحديات تواجه اللغة العربية

يشير مدير «جمعية حماية اللغة العربية» الدكتور علي عبد القادر إلى وجود خمسة تحديات تواجه اللغة العربية اليوم، وهي: «عمل دون تخطيط، وتخطيط دون تنسيق، وتأخير الأولويات، وتكرار المشاريع، وقلة التمويل». ويوضح عبد القادر بعض الأمثلة على هذه التحديات قائلاً: «في التحدي الأول يظهر حسن النية، فالكل يحب اللغة العربية والكل يهتف بحياتها، لكن التنفيذ معدوم أو دون المستوى لانعدام وجود خطة تضمن فاعلية العمل وجدواه. وفي التحدي الثاني تظهر الذاتية والأنانية وتختفي الجماعية وروح الفريق. فالكل يعمل من أجل أن يسجل في ملفه أنه أول من عمل على هذا المشروع. الكل يريد أن يبدأ من نقطة الصفر، ولا أحد يريد أن يبني عمله على عمل من سبقه. وفي التحدي الثالث نرى أن كثيراً من الأولويات الملحة في العمل المنهجي للغة العربية قد أخرت أو نسيت. بعض المشاريع الحيوية الملحة تحتاج موازنة مالية لتبدأ وتنطلق، ولا تجد داعماً، في حين أن المؤسسات تدفع بسخاء على تنظيم مؤتمر دولي لا يقدم ولا يؤخر شيئاً في واقع اللغة العربية سوى التوقف في زاوية التنظير والتشخيص».