لطالما ارتبط صوت جارة القمر "فيروز" بالصباح، بينما يفضل البعض الاستمتاع بأغاني كوكب الشرق أم كلثوم في المساء، فما سبب هذا التقسيم الزمني لصوت الأسطورتين؟

فيروز ..صوت الأمل
عنها قال محمود درويش :" "فيروز هي الأغنية التي تنسى دائماً أن تكبر،هي التي تجعل الصحراء أصغر وتجعل القمر أكبر" وذلك في  إشارة إلى صوتها لبمليء بالأمل والفرح وهو ما يناسب الصباح المشرق، ومن أبرز ما دفع الناس لتصنيف صوت فيروز كصوت صباحي هدؤه ووتيرته غير القوية.

 كما أن طبيعة الموضوعات التي تتحدث عنها أغاني فيروز تحتم عليها أن تكون أغاني صباحية، فهي تبعث على النشاط والتفاؤل في نفس المستمع، وأبرز هذه الأغاني: أغنية " نسم علينا الهوى "، و" دخلك يا طير الوروار".
كما لعبت الإيقاعات الموسيقية  في العديد من أغانيها كأغنية "عودك رنان" دوراً كبيراً بهذا التصنيف.
ولا يمكن إهمال دور المدة الزمنية لأغاني فيروز بجعلها أغانٍ صباحية ، وهو طول مناسب لتناول القهوة الصباحية، قبل الانشغال بأمور الحياة.

أم كلثوم .. كوكب الشرق المسائي
كوكب الشرق، وضعها مختلف تماماً عن فيروز من كل النواحي ابتداءً من صوتها الرخيم و القوي، إذ وصف الموسيقار محمد عبدالوهاب حنجرتها الذهبية قائلاً:" أم كلثوم المغنية الوحيدة التي جمعت بين القوة والعاطفة والحساسية في صوتها إنها الصوت الوحيد الذي تمرد على ذلك الميكروفون.".

تملك أم كلثوم مقدرة عالية على الإتيان بالمقامات الغنائية العالية وهو ما جعلها تتربع على عرش الأغاني الطربية التي تطلب في السهرات الطربية التي تجتمع فيه العائلة تحت ظل دافىء برفقة فنجان من الشاي وصوت يفيض بالمشاعر القوية.

كما أن نوعية الأغاني التي اختارتها أم كلثوم تخلتف عن أغنيات فيروز، فهي  تتحدث عن الحب والفراق بلوعة كأغنية " البعد علمني السهر" وعن الأمل الذي ينتظرها في صباح الغد كما أغنية  " أغداً ألقاك" ، وأغنية " ألف ليلة وليلة"، وكل هذه الأغاني وغيرها قد تمتد لأكثر من ساعة، ما يعني أن أم كلثوم لا تتناسب من هم في عجالة صباحية.

مجرد عادة!!
بهذه الأسباب السابقة فسر البعض سبب تصنيف أغاني فيروز وأم كلثوم ، وهو أمر قد يتعارض معه محبينهما خصوصاً أن الاثنتين تملكان في أرشيفهما مجموعة من الأغاني التي تناسب كل الأوقات بحسب ذائقة المستمع.

 السبب الذي يقترحه آخرون لهذا التنصيف هو أنها عادة مكتسبة من الإذاعات في الماضي، إذ جرت العادة أن يتم بث أغاني أم كلثوم في المساء، ولم يتغير هذا الوقت مع دخول فيروز المجال بقوة، فكان بث أغاني الأخيرة في الصباح، وربما ساعد اختلاف مدة الأغاني على جعل فيروز ملائمة أكثر لبرامج الصباح، في حين تستطيع أغاني أم كلثوم تغطية مساحات أطول من الوقت في المساء، من دون الحاجة لإبقاء عدد كبير من مشغلي الإذاعة، ولعل هنا السر في خلق العادة، فاستمرت حتى يومنا هذا.